على طريقة تفسير الأحلام سأحاول تفسير بعض أشهر الأفلام العربية على أمل أن تكون تفسيراتي مخرجاً سهلاً للمواطن السوري من أزماته ومشاكله العالقة، إضافة إلى أنني أقدم معلومة، وإن كانت صغيرة، عن السينما العربية.
أبدأ بواحد من كلاسيكيات السينما المصرية وهو فيلم «لا أنام» بطولة فاتن حمامة ويحيى شاهين ومريم فخر الدين وعمر الشريف وهند رستم ورشدي أباظة.
أما تفسيري لهذا الفيلم فهو أنني، مثل غيري من المواطنين الصالحين، لا أنام بسبب الأرق الذي يسببه لي التفكير العميق في كيفية تفصيل راتبي «النص كم» مع وحش الغلاء الذي يلتهم الأخضر واليابس، وكيف تتدبر الأسرة مصاريفها خلال شهر واحد؟
الفيلم الثاني هو «أبي فوق الشجرة» بطولة عبد الحليم حافظ وناديا لطفي وميرفت أمين وعماد حمدي، ويذكر من شاهد الفيلم أن المقصود منه أن والد عبد الحليم حافظ صعد إلى الشجرة (مجازاً طبعاً) لكن.. لماذا يصعد الآباء في سورية إلى الشجرة؟
طرحت السؤال على مختصين في علم النفس والطقس والهندسة والمعلوماتية ولم أجد جواباً، وقادتني المصادفة وحدها إلى واحد من الذين يصعدون على الشجرة فقال لي: الأمر بسيط للغاية، فمن «يتعمشق» الشجرة يريد أن يحتطب، ومعنى الكلمة في (معجم المعاني الجامع) أن يقوم الشخص بجمع أعواد الشجر المتناثرة بغرض استخدامها في التدفئة والطبخ وفي مآرب أخرى، وهذا الاحتطاب يساعد الأسرة في التدفئة والطبخ، لأن التجربة أكدت أن الخمسين لتراً من المازوت التي يحصل عليها المواطن بشق الأنفس وبسعر مرتفع لا تكفي للتدفئة في أسبوع شديد البرودة، لذا أصبح معروفاً سبب وجود أي أب «فوق الشجرة» ورحم اللـه عبد الحليم حافظ وشلته الحلوة.
واخترت الفيلم السوري «أحلام المدينة» كي أفسره، وهو من بطولة رفيق السبيعي وأيمن زيدان وطلحت حمدي وحسن دكاك وياسمين خلاط وغيرهم.
بعيداً عن قصة وسيناريو الفيلم سألت نفسي: ما أحلام المدينة السورية؟ وما أحلام الريف السوري في ظل كل هذا الكم من الأحداث وتلك التطورات الخطيرة الجارية في العالم وفي المنطقة، وانعكاس كل ذلك على حياتنا في سورية؟
قالوا: إن الحرب في أوكرانيا تسببت في رفع أسعار الكثير من المواد من القمح والحبوب وصولاً إلى الجوز الذي يطلق عليه الأشقاء المصريون تسمية «عين الجمل» لأن شكله فيما يبدو يشبه عين الجمل! آمنا وصدقنا.
وتقول غرفة تجارة دمشق منذ أيام إن ما يجري في البحر الأحمر من اعتراض للسفن المتجهة إلى إسرائيل حصراً سيؤثر في المستهلك السوري، وسيتسبب في رفع الأسعار! أليس غريباً هذه التحليل الخنفشاري؟
الغريب أن هناك من يبحث ويفتش «بسراج وفتيلة» عن أي سبب مهما كان واهياً لرفع أسعار السلع وتفريغ جيوب المواطن من كل ما فيها، وهو قليل.
أحلام المدينة وأحلام الأرياف تختصر بحلم واحد، هو أن تتناسب الرواتب والأجور مع المصاريف، بحيث يعيش المواطن حياة كريمة من دون الحصول على الكماليات، ومع الأسف أصبحت أغلب الأشياء الضرورية من الكماليات، حتى عين الجمل وقرص الفلافل و«عروسة الزيت وزعتر» للمواطن المعتر.
كان بودي تفسير الكثير من الأفلام العربية التي كانت نهايات معظمها سعيدة، لكنني غير قادر على تفسير فيلم حياتنا بدقة لأنه فيلم عربي طويل بلا نهاية!.