من دفتر الوطن

أسئلة في العشق!

| فراس عزيز ديب

بمناسبة عيد الحب، لا أعتقد أن للحب تعريف ولا للعشق هاتف أو عنوان، لكن ما يميزهما أنهما قد يأتيان على حينِ غرّة بلحظة قوة أو لحظة انكسار لا تفرق، وقد يترجلا عن قلبكَ مع الكثير من الخيبة والقليل من الذكرى التي تنقلك إلى رومانسية مؤلمة.

لستُ كارهاً للرومانسية وليسَ بيننا خلافات إيديولوجية ولا حتى تبايناً في وجهات النظر حول الكثير من الملفات الراهنة، أو خلافاً على ميراثٍ شرعي، على العكس فدائماً ما أُحاول أن أكونَ من أصحاب العبارات الرومانسية التي تجذب تلكَ العاشقة لشرقيتي التي أحب وألفظ العاشقات اللواتي يرين بهذهِ الشرقية انحطاطاً، كأن أجعلَ بضعة كلماتٍ تشكل عقدَ لؤلؤٍ أزين فيه جيدَ من أُحب، لاعتقادي بأن الكلمات وحدها من تعيش حينما يضطرب الحب أو يدخلَ الإنعاش، لكن ربما تفكير كهذا لم يعد صالحاً اليوم فالشرقية باتت تهمة قد تؤدي بكَ إلى سجن الانعزال العاطفي، حتى الرومانسية التي كبرنا عليها باتت في مكانٍ آخر، تراها في دراما معربة أقل ما يقال عنها سخيفة، تراها على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تتحول الرومانسية إلى فعلٍ فاضح حذارِ الاقتراب منه.

تهرب من الحبيبة إلى المعشوق الأول، ماذا لو كنتَ رومانسياً في حب الوطن؟ أنا كذلك، لكن حذارِ من البوح، ألم تعلم أيها العاشق بأن حب الوطن باتَ تكريساً لأفكار خشبية عند مثقفي هذا الزمن وبات قصوراً في النظر عند تجار الوطنية وما أكثرهم!

تهرب من الحبيبة والوطن إلى حيث الأمة التي يبقى الانتماء إليها هو أقدس انتماء، مهما انحدرت توصيفات أولئكَ الذين يجلدونها ليل نهار، مهما حاول أولئك القادمون من خارج التاريخ تقزيمها، ستبقى تلكَ العروبة معشوقتي الأولى التي أودُ أن أحملَ لها تلكَ الوردة الحمراء، هناك من سخرَ مني قائلاً: تلكَ الأمة تحتاج إلى وردة على قبرها وليس إلى وردةِ حب؟ تأملت في تلك الكلمات وأعدتُ شريطاً من الذكريات التي لا تنتهي ضحكت عندما تذكرت بأن من يعلن موت العرب كانَ يكتب بلغةٍ عربية رزينة؟ هل حقاً تموت الأمة ولا تموت لغتها؟

حتى لو غطاها اللون الأحمر من محيطها إلى خليجها العربي، والذي سيبقى عربي ولو كرهت باقي الضفاف ذلك، ستبقى هذه الأمة قابلة للحب من دون تعب، كقابلية السماء لاحتضان الشمس دونما تذمر.

في عيد الحب، عذراً أيتها العاشقة، أنا لستُ جامداً في الهوى ومشاعري لا تزال شابة وستبقى، أما واقعيتي التي أحب فهي ليست جداراً من الخيبات أختبئ خلفه خوفاً من العشق، لكن مع كل الفوضى التي نعيشها دعونا نختصر القصة بعبارةٍ بسيطة:

لكم عشقكم ولي عشقي!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن