مش بس ع الميلاد… عمل مسرحي لبناني في دار الأوبرا … الصباغ: قضايا السوريين واللبنانيين مشتركة ونأمل في أن نحظى بقبول الجمهور
| مصعب أيوب
بألوان مشعة وأزياء وديكورات ميلادية طغت على المسرح ليقاسمها الصوت والموسيقا روعة وسحر العرض المسرحي «مش بس ع الميلاد» الذي أعده الأخوان فريد وماهر صباغ أطل نخبة من الفنانين اللبنانين على خشبة مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون بدمشق مساء أمس السبت ليحظى الحضور بعرض مسرحي غنائي ساحر.
ذكريات لبنانية
العمل يروي قصة قرية ميلادية افتراضية تضم 12 عائلة في مجموعة من الحكايات القصيرة المتناغمة فيما بينها والتي تعكس الواقع اللبناني، فهاهو رئيس البلدية والمختار والطبيب والمغني وفرقته الذين يحملون أفكار الآباء من الماضي بما فيها من حقد وصراعات، تتوسط شجرة الميلاد المشهد والأجراس الكنسية وسانتاكلوز وتقحم الرقصات نفسها لتضفي على العمل رونقاً خاصاً، بأزياء ميلادية حمراء وديكورات ملفتة ليمرر العمل شريطاً من الذكريات اللبنانية التي عاشها الفرد خلال سنوات عدة مجسداً الانقسامات بين الأفراد، ولكن الخاتمة تأتي لتصحح كل شيء بطريقة مفرحة ومبهجة تفسح الطريق أمامها للأمل بانتصار الخير على الشر بعد أن يكشف زيف بعض المؤامرات التي نسجها البعض للآخر.
مسرح غنائي
قدم الأخوان ماهر وفريد الصباغ عروضاً مسرحية عدة منها الطائفة ١٩ وحركة ٦ أيار، وقد انقطعا عن أي نشاط مسرحي أو فني منذ قرابة خمس سنوات تبعاً للظروف الأمنية والاقتصادية في لبنان والتي تبعتها جائحة كورونا، ليقررا مؤخراً أن يعودا بقوة من خلال عرض مسرحي فيه شيء من المجازفة بتقديم نوع الميوزيكال الذي يندرج ضمن المسرح الغنائي الذي يعج بالحوارات الغنائية بألوان شرقية ممزوجة بالغربية يصدح بها بطلا العمل يوسف الخال وكارين رميا إضافة إلى فريق العمل من المغنين والراقصين.
تذليل عقبات
في حديث للصحافة قال فريد الصباغ: نحاول من خلال هذا العرض أن نعيد مجد المسرح الغنائي ونضعه بالصدارة ونذلل العقبات في سبيل عرضه في لبنان وسورية وربما في سورية قبل، فبالنسبة لنا نحن لا نزال وطنناً واحداً، والتحضير لأعمال جديدة قادمة موجود دائماً وفي الحسبان ولكن متى تبصر النور وأي الظروف التي تشع بها غير معروف، فذلك يخضع لكثير من العوامل منها التأليف والإنتاج والمال والوقت ونحن نحاول أن نلغي الوقت الزمني الطويل بين كل عمل وآخر وهو ما يبعدنا عن الجمهور وربما يجعلهم لا يذكروننا، وإنه من دواعي سروري وسعادتي أن تعرض أعمالنا في سورية بمشاركة خبرات ومبدعين سوريين.
مسرح القضية
وأكد الصباغ في حديثه أن المسرح ليس عملاً ترفيهياً فحسب ولابد أن يحمل قضية ما في طياته ومثال ذلك مسرحية الطائفة ١٩ التي كانت تشير إلى أن أساس المماحكات والإشكاليات في لبنان هو التقسيم الطائفي إلى ١٨ طائفة وقد حاولنا في العمل خلق طائفة جديدة وهي طائفة العلمانية والمدنية والوطن، وفي مسرحية ٦ أيار تطرقنا إلى أهمية الإعلام وكيف يمكنه أن يهدم وطناً أو يبنيه، وفي «مش بس ع الميلاد» يحمل العمل قضيتين اثنتين؛ الأولى تؤكد أن مظاهر المحبة والتآخي يجب ألا تكون موسمية وتنتهي بانتهاء الأعياد ومغادرة السياح، أما القضية الثانية فهي تسليط الضوء على توريث الخلافات، فالحل الوحيد هو في الجيل الجديد، فلماذا ينقل أحدنا الحقد والصراعات الطائفية والعنصرية إلى الأبناء؟
تعاون سوري لبناني
وعن التعاون بين السوريين واللبنانيين في أعمالهم أفاد الصباغ أنه منذ مسرحية صلاح الدين ومهرجانات بعلبك كانت الأوركسترا المشاركة سورية بالأصل وكان المايسترو أندريه معلولي هو المشرف والمستشار الموسيقي في كثير من الأعمال والتعاون مع السوريين ليس جديداً، مبيناً أنه بعيداً عن التعاون التقني بينهم وبين السوريين في العمل فإن طلاب وطالبات (شمس أكاديمي) يشاركون في كثير من المشاهد ضمن العمل وبالتالي بات العمل يشبه تعاوناً كلياً، ونطمح أن يتبلور هذا التعاون لنؤكد للجميع ونثبت أننا وطن واحد.
قضايا مشتركة
وفي الختام نوه إلى أنه يتمنى أن يلقى العرض أصداء إيجابية كما حصل في لبنان ويحظى بمحبة الجمهور ويخلق نوعاً من الارتباط بيننا ونفهم مضمون العمل وغاية موسيقاه وأغانيه وقصته ورسالته وهو حلم بالنسبة لنا وآمل في أن يتحقق، فقضايانا مشتركة ومشاكلنا تتقاطع في كثير من المواقع ونفرح ونحزن للشيء ذاته وأظن كما تم التفاعل مع العمل في لبنان سيتم تقييمه في سورية وأريد أن أشير هنا إلى أن مستوى النقد الفني في سورية عال ونحترمه جداً.
الخروج من الرفضية
الفنان يوسف الخال الذي يطل في العرض بكاراكتر مختلف تطلب منه تغيير بعض ملامحه وأكد أن تجربته في المسرح الغنائي أصبحت نحو ثمان مسرحيات وربما أكثر وهي ممتدة منذ نحو عشرين عاماً سواء مع أسامة الرحباني والراحل منصور الرحباني واليوم في التعاون الثالث مع الأخوين صباغ.
وأوضح الخال أن الوضع السياسي والأمني في لبنان أثر سلباً على وجوده في الساحة الفنية مشيراً إلى أن الأخوين صباغ كان لهما دور مهم في إخراجه من حالة الرفضية لكل شيء ونحن لا يخفى على أحد أننا مررنا وما زلنا نمر بمرحلة صعبة وبالتأكيد كل شيء مستمر ويجب ألا نتوقف ولا بد من متابعة مسيرتنا وحياتنا ونستمد الأمل من كل ما حولنا ونحن مملوءون بالأفكار والإبداع وسنسعى لنقدم كل ما يحبه المتلقي والجمهور، ونسعى دائماً أن نقدم شيئاً لطيفاً وممتعاً ينال استحسان المتابعين.
وتابع الخال: الأخوان فريد وماهر دائماً يحاولان تقديم ما يعكس الواقع من تجربتهما سواء في الحرب أم صراع بين الدول أو خلاف بين العائلات وهذه المرة يقدم العمل تشكيلة كبيرة من الإسقاطات بحيث يتفاعل معها الكبير والصغير وهذا ما يسمى السهل الممتنع.
قرب جغرافي واجتماعي
مصمم الإضاءة والمخرج المسرحي أدهم سفر أفاد أن مؤسسة «شمس أكاديمي» تدعم الثقافة في سورية بصورة صحيحة جداً وتأخذ المسرح والثقافة نحو أماكن جيدة، وأكد أن القضايا المشتركة بين سورية ولبنان والقرب الجغرافي والمناخي والاجتماعي بالتأكيد سينعكس إيجاباً على تقديم مواد فنية وثقافية تخدم الطرفين وهو ما رأيناه واضحاً وجلياً في الدراما المشتركة أيضاً، وأتوقع أن يتبلور هذا التعاون ليشمل نواح عدة أخرى، وفيما إذا كان هناك عرض آخر أم لا أوضح سفر أن ذلك يتوقف على نسبة الإقبال على العرض وإن كان لا بأس فيه لا يوجد ما يمنع ذلك.
شخص وصولي
أنطوانيت عقيقي تقدم بالتشارك مع الفنان ريمون صليبا خلطة كوميدية خاصة في تجربتها الأولى في المسرح الغنائي، فهي تؤدي دور المختارة التي تملك السلطة وتتنافس مع المختار الذي جمعته بها قصة حب قديمة.
أما الفنان ريمون صليبا فهو شخص وصولي متزوج من المختارة ليحقق غاياته ومطامحه ويستعد لتحمل جميع الصعوبات مهما كانت العواقب ولكن المهم الوصول إلى مآربه.
وقد أشار صليبا إلى أن المسرحية فيها إسقاطات كثيرة على لبنان ولكن بشكل مصغر مؤكداً أنه ما زال لدينا مسرح وثقافة، والبلد الذي ليس لديه مسرح هو بلد بغير ثقافة، وفي ظل الواقع المرير لا بد أن نرفع القبعة للأخوين فريد وماهر على هذا الإبداع.
يشارك في العمل باقة من الفنانين اللبنانيين ومنهم جوزيف آصاف ورفيق فخري وآلان العيلي وسبع البقعليني وطارق شاهين وماريا وجايين وسارا الصباغ وسيلين المر.