شؤون محلية

الدور الوطني للتعليم الإنتاجي

| ميشيل خياط

أضاءت جريدة «الوطن» السورية مؤخراً، وقائع ما جرى في اجتماع حول المعاهد التقنية والمدارس المهنية الفنية، ضم وزيري التربية والتعليم العالي ورئيسة اتحاد الطلبة. كان الموضوع الجوهري: الاستيعاب الجامعي…!!

قيل كلام كثير عن قانونين نصّا على تحويل المدارس المهنية والمعاهد المتوسطة التقنية إلى مراكز إنتاجية، وطرحت اقتراحات لإعادة النظر في سياسة القبول الجامعي في العام القادم على مرحلتين، الأولى سريعة وآنية، والثانية تحتاج إلى فترة طويلة لدعم هذا القطاع. (الوطن 13_2_2024).

لقد صدر القانون 38 قبل ثلاث سنوات، ونص على تحويل المدارس المهنية والفنية إلى مراكز إنتاجية ترفد الوطن بإنتاج مفيد، وتنمي مهارات الطلاب وتوفر لهم دخلاً مالياً مجزياً.

رفض المجلس الأعلى للتعليم التقني، المشرف على المعاهد المتوسطة، تطبيق القانون بحجة أن المعاهد التابعة لوزارة التعليم العالي (24معهداً) لم تهيئ أوضاعها لتطبيق مثل هذا القانون.

وبعد مرور سنة صدر القانون 39 الذي اقترحته وزارة التعليم العالي ليطبق على معاهدها ومعاهد وزارة التربية الأكثر عدداً.

إذاً، منذ 3 سنوات تم توفير الإطار التشريعي المتكامل لهذا المنعطف التعليمي والاقتصادي والمعيشي الكبير في سورية.

احتضن القانونان كل الملاحظات التي سجلت على محاولات تحويل تلك المدارس والمعاهد إلى مراكز إنتاجية منذ أواسط السبعينيات وحتى صدورهما في العامين 2021 و2022.

وعندما انعقد المؤتمر التربوي البحثي الأول في أيلول 2019، كان الموضوع الأساسي فيه، تطوير النظرة إلى التعليم المهني والفني، وتحويل مؤسساته التعليمية إلى مراكز إنتاجية.

ولا يخفى على أحد أن سورية في أثناء الحرب الجائرة عليها وفي أعقاب هذه الحرب، وبعد تحرير ما يقرب من 80 بالمئة من الأراضي السورية من براثن الإرهاب، كانت ولا تزال بحاجة إلى مراكز إنتاجية ترفد احتياجات شعبها بكثير من السلع والخدمات. لدينا (460 مدرسة مهنية وفنية و174 معهداً متوسطاً لوزارتي التربية والتعليم العالي وعدة وزارات في سورية).

وهذا التحول لو تم على نطاق واسع خلال ثلاث سنوات لكان نجح في تغيير النظرة إلى التعليم المهني عبر تحسينه للوضع المالي للطلاب والمدربين والمدرسين والإداريين، ولكان وفر للناس خدمات حيوية مثل تصنيع وتركيب السخانات الشمسية والخلايا الكهرضوئية وإصلاح السيارات ميكانيكياً وكهربائياً وتصويجياً وصيانة البرادات والغسالات والمكيفات… إلخ. وطبعاً بأسعار رحيمة وعادلة.

ربّ ضارة نافعة. نجاح عدد كبير من الطلاب في الشهادة الثانوية في الصيف الماضي 2023 بالمقارنة مع العام 2022، لفت الانتباه مرة ثانية إلى التعليم المهني والفني بصفته الحل لتخفيف العبء عن الجامعات السورية الحكومية، تماماً مثلما حدث في العام 1986.

وأعتقد أن هذا التوجه خاطئ.

ففي المرة الأولى 1986 تم إجبار 70 بالمئة من الناجحين إلى الصف العاشر، على التوجه إلى المدارس المهنية الفنية في وزارة التربية بدلاً من 20 بالمئة تاريخياً، ما أدى إلى نسبة تسرب من تلك المدارس بلغت 42 بالمئة ما أساء أيضاً لسمعة هذا التعليم وعمق النظرة الدونية إليه بصفته يستقبل حملة العلامات الأدنى في أغلب المحافظات السورية.

ممتاز، إن وزير التعليم العالي أولى مؤخراً القانون 39 اهتماماً يستحقه، واشترك مع وزير التربية في البحث عن سبل لتفعيل القانون 38.

وفي رأيي، إنه من الضروري أولاً التوسع في تحويل المدارس المهنية والمعاهد التقنية إلى مراكز إنتاجية حتى تصبح جاذبة للطلاب بشغف وحماسة وإقبال شديد، وبعد ذلك يستفاد منها في تقليص عدد خريجي الشهادة الثانوية العامة العلمي والأدبي.

ومثل هذا التوجه هو السليم والمطلوب وطنياً للمساهمة في حل الأزمة الاقتصادية وتخليص شريحة كبيرة من الطلاب وأهلهم ومدربيهم ومدرسيهم وإدارييهم من الصعاب المعيشية المالية.

وفي رأيي أيضاً/ إن الحل لصعِوبة الاستيعاب، يحتاج أولاً وقبل أي شيء آخر إلى توسيع الجامعات، إذ يجب أن نلاحظ أننا نزداد حالياً 633616 مولوداً في السنة في المناطق السورية الآمنة فقط، حسب رقم موثوق نشرته جريدة «الوطن» مؤخراً.

وأعتقد أن هذا الرقم هو ضعف رقم ما قبل الحرب بعد نجاح إجراءات تنظيم النسل.

وعليه فإن زيادة عدد الطلاب طبيعية واهم وسيلة لاحتضانها آنياً التوسع بفرص التعليم العالي لا تقليصها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن