بعد فشل تحالفه.. أشتون كارتر وآخر أوراق اللعبة الأميركية
| تحسين الحلبي
لا أحد يستطيع تجاهل حقيقة اللعبة الأميركية في الشرق الأوسط لأن وقائع كثيرة وعلنية وتصريحات رسمية أميركية تثبت أن واشنطن أعدت للدوحة والرياض كل التسهيلات لتسليح المجموعات الإسلامية بجميع جنسياتها ودرجة تطرفها وتشابه برنامجها مع منظمة القاعدة.
وكان من بين الأهداف الأميركية لهذه السياسة ليس محاولة تدمير قدرات سورية والعراق فقط، بل تسهيل نشر قوات أميركية برية وقواعد بحجة ضرب داعش ومنع توسع انتشارها.
فواشنطن التي أجبرتها القوى العراقية الوطنية على سحب قواتها عام 2011 بدأت بموجب هذه السياسة الأميركية بالعودة في آب 2014 حين أجبرت حكومة العراق على السماح لسلاح الجو الأميركي بضرب مجموعات داعش فوق العراق، ثم ها هو أشتون كارتر وزير الدفاع الأميركي يعلن قبل يومين أنه سيرسل وحدات برية من الفرقة الأميركية «101» المحمولة جواً للمشاركة العسكرية البرية في الهجوم على داعش، ويضيف «كارتر» أنه سيقوم بما هو أوسع من إرسال هذه الوحدات لأن «المسألة إستراتيجية» بموجب مقال نشره بقلمه في 22 الجاري في مجلة «بوليتيكو»!!.
وترافقت هذه التصريحات مع الانتقاد الذي وجهه كارتر في مؤتمر دافوس للدول المتحالفة معه ضد الإرهاب ولا تفعل شيئاً، وقرر عقد اجتماع لـ«26» دولة، من هذه الدول في بروكسل في شباط المقبل للبحث في مشاركتها، ويسود اعتقاد بأن واشنطن تريد من بعض الدول إرسال قوات برية لمحاربة داعش، فقد رفضت أستراليا هذا الطلب على غرار بعض الدول الأخرى الأوروبية، ولذلك ربما تتوجه واشنطن لطرح فكرة دعوة دول عربية من أعضاء التحالف الدولي لإرسال وحدات برية إلى جانب وحدات برية أميركية وبريطانية أو فرنسية إلى بعض المناطق في محاولة لزيادة الضغوط على العراق وسورية وبطريقة تخلط فيها واشنطن الأوراق، فالكل يعلم أن وجود وحدات برية عسكرية تركية في منطقة شمال العراق ما كان ليحدث من دون موافقة أميركية وتنسيق مسبق مع الوجود العسكري الأميركي ومن دون إبلاغ الحكومة العراقية التي طالبت بانسحاب هذه الوحدات التركية ومن دون جدوى حتى هذه اللحظة.
فالعالم كله يعرف أن واشنطن قادرة على المساهمة بالإسراع في إنهاء سيطرة داعش في سورية والعراق عن طريق إغلاق حدود تركيا المفتوحة وتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي الذي يفرض منع تمويل الإرهابيين، فحين تتوقف الأموال التي تصل إلى عشرات الآلاف من أفراد مجموعات داعش والقاعدة وجبهة النصرة وأمثالها ستفقد هذه المجموعات أي قدرة على البقاء والاستمرار.
فاللعبة الأميركية واضحة في أهدافها وفي طرق تحقيق هذه الأهداف ولن يتحقق لها النجاح لأن الإنجازات العسكرية التي حققها التحالف الروسي- السوري- الإيراني ضد مجموعات الإرهاب في سورية لن تتوقف بل ستقود إلى زيادة السرعة في إلحاق الهزيمة بالإرهاب، وبالمقابل يبدو من الصعب جداً على الولايات المتحدة إقناع دول عربية بالمشاركة العسكرية البرية معها ضد الإرهاب، فالسعودية تنشغل وتوظف دولاً أخرى عربية في حربها على اليمن ولم تستطع إقناع معظمها بالمشاركة البرية العسكرية في اليمن فوظفت مرتزقة من أميركا اللاتينية، ومن الشركة الأمنية الأميركية الخاصة «بلاك ووتر» ومن بعض السودانيين وتلقت هذه المجموعات هزيمة جعلتها تفر من اليمن.
ويعتقد «جيسون ديتس» المحرر في الموقع الإلكتروني «أنتي وور» أن «أشتون» سيحاول في الاجتماع الذي يريد عقده في بروكسل تجنيد عدد من دول حلف الأطلسي لممارسة ضغوط على روسيا التي فضحت بدورها العسكري الداعم للجيش السوري ألاعيب واشنطن والغرب في التواطؤ مع داعش والقاعدة في سورية والعراق بعد الهزائم التي ألحقها هذا التعاون الروسي السوري بداعش وأمثالها.
ولذلك أصبح من المتوقع أن يزداد دور روسيا وحلفائها في المنطقة والعالم في توسيع الهزائم ضد داعش وضد أي تدخل عسكري غربي في سورية بعد الاتفاقات المعقودة في المجال العسكري بين موسكو ودمشق وتأثيرها الإقليمي والدولي.