لا شك في أن لكل قيادة سياسية أو سلطة حاكمة رؤيتها للمصالح واتفاقيات التعاون التي تبرمها مع أي طرف آخر، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي على حد سواء.
وترتبط الظروف التي تتحكم في أي اتفاقية تقوم بها أي دولة وفقاً للظروف السياسية، والإستراتيجية والأمنية التي تعيشها أي دولة، غير أن التطورات الحاصلة في العالم تجعل من استمرار أي اتفاقية لعقود أمر يثير الشك في ظل:
1- التغيرات الحاصلة في العالم يوماً بعد يوم.
2- ظهور النزعات الفصائلية التي تتزايد بسبب الدعم الدولي والإقليمي لها، إضافة إلى ارتباط الكثير من قيادات هذه الفصائل بعلاقات متميزة مع أعضاء المجتمع الدولي، إضافة إلى أن الكثيرين منهم يحملون الجنسيات الأجنبية.
من هنا بات واضحاً أن ما تم التوقيع عليه في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، بالتأكيد سيتعرض للكثير من الأزمات الإستراتيجية حالياً في عام 2024، وخاصة مع توحش العالم وتغيره، والأهم من هذا دقة الموقف على الصعيد الاقتصادي والسياسي في عموم الكون.
إن فكرة التحالف الثنائي بين الدول وبعضها بعضاً باتت محل نقاش، خاصة مع نجاح فكرة التحالف الإقليمي الواسع بشرط توفير النية الصادقة بين الدول الأعضاء لنجاح هذا التحالف، مثل الاتحاد الأوروبي مثلاً، وهو اتحاد ناجح، صحيح أنه فقد الكثير من قوته بخروج الأسد البريطاني من عرين هذا الاتحاد، إلا أن القواعد الرئيسية لهذا الاتحاد لا تزال موجودة وراسخة وتعمل من أجل نصرة وعظمة المواطن في عموم أوروبا القارة العجوز.
من هنا أود أن أشير إلى أن أي اتفاق إستراتيجي بين أي دولتين يمكن مراجعته وفقاً لمقتضيات العصر، صحيح أن خطوة المراجعة يمكن أن تكلف الكثير، لكنها ضرورية في ظل التغيرات الحاصلة في العالم الآن.
وصراحة يمكن القول إن الكثير من التكتلات الإقليمية لم تعد تمتلك أي تأثير أو فائدة تذكر للدول الأعضاء بها، ومثال ذلك جامعة الدول العربية، وتقريباً باستثناء دول الخليج، تعاني أغلبية الدول العربية أزمات سياسية بسبب مواقف دول عربية أخرى ضدها، ولن أطيل في هذه النقطة ولكني استشهد فقط بالحالة السورية التي فشلت الجامعة العربية في التعاطي معها، حيث رسخت بعض من الدول العربية المعروفة بالاسم، قنواتها الفضائية وإمكاناتها المادية لاستضافة بعض من الشخصيات التي لا تمتلك أي تاريخ أو نضال مهني من أجل الحديث فقط عن:
1- تقسيم سورية.
2- تفتيت المقاطعات بها.
3- وضع سلطات تنافس سلطة الدولة.
وقامت الكثير من القنوات الفضائية باستضافة هذه الشخصيات الوهمية التي كان لها مناصب مثيرة للجدل وغير معروفة، جميعها يرتبط بمصطلحين وهما: الديمقراطية والحرية.
وللأسف صدقهم البعض، ولم تتدخل الجامعة العربية مطلقاً، بل بالعكس اعتبرت أن هذا يندرج تحت بند حرية الإعلام، وهو أمر مضحك، فوفقاً لعلمي فإن الحديث عن تفتيت الدولة أو اغتيال رئيسها بل نقل مشاعر السعادة بخبر كاذب عن مكروه أصابه على الهواء، هو أسلوب إعلامي إرهابي، وليس حرية بالمطلق.
عموماً فإن المراجعات السياسية لأي اتفاق باتت مهمة، والحوارات الوطنية بشأن أي اتفاق أيضاً مهمة، والعالم حالياً يمر بظرف دقيق، يتطلب دائماً القيام بهذه المراجعات.
كاتب وصحفي مصري مقيم في لندن