ندوة «الهوية والانتماء» في مكتبة الأسد … د. لبانة مشوح: الهوية لا تعني الانغلاق.. وعندما نتشبث بها فلأننا نستشعر بعض الخطر عليها
| وائل العدس - تصوير: طارق السعدوني
أقامت وزارة الثقافة يوم أمس ندوة بعنوان «الهوية والانتماء» في مكتبة الأسد بدمشق، شارك فيها المفكر المغربي إدريس الهاني ومسؤولة التعاون الدولي في جمعية الصداقة الإيطالية العربية د. سناء شامي، وأدارها د. غزوان المصري من مكتب الإعداد المركزي في القيادة المركزية لحزب البعث العربي الاشتراكي.
حضر الندوة وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح وعدد من الدبلوماسيين العرب والأجانب وحزبيون وسياسيون ومفكرون وإعلاميون.
الحضارة البشرية
في مداخلتها، أكدت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح أن الهوية لا تعني الانغلاق، وقالت: عندما نتشبث بهويتنا ونكرس محدداتها وندرس مهدداتها فلأننا نستشعر بعض الخطر عليها، وليس لأننا شوفونيون نريد الانغلاق على أنفسنا، بل على العكس، السوريون هم آخر من يحب الانغلاق في تاريخ الحضارة البشرية.
وأضافت: لا أرى اليوم في أوروبا فلاسفة ولا قادة رأي، بل ذهب عهد هيغيل وديكارت وفولتير ورواد الفكر الثوري الإنساني، وبدأ عصر التبعية المطلقة لإله نصبوه هم عليهم هو أميركا، وأصبحت المشكلة بالتبعية المطلقة لساسة أوروبا الذين أخضعوا شعوبهم وأفقروها، فرهنوا أنفسهم للآخر فأصبحوا عبيداً، والعبد لا يفكر، وبالتالي تحولت أوروبا اليوم من قيادة الحرية والفكر في العالم إلى قيادة التبعية العالمية بمنتهى الإذلال، وهنا لا أقصد الشعوب بل أتحدث عن السياسة التي أذلت أوروبا، ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد، إنما الأمور آتية إلى ما هو أعظم.
سورية الصامدة
إدريس الهاني قال إن سورية الصامدة التي مثلت آخر قلاع التحرر الوطني للذين كانوا يعتقدون أنهم سيسقطونها، تأكد لهم بالبرهان أن هذا البلد لا يسقط لأنه أكبر من أن يكون مجرد كيان وطني، وقلت عند بداية الحرب على سورية إن سورية لن تسقط، وهذا ما تحقق، ولذلك أشعر أنني انتصرت عليهم.
عضو التجمع العالمي لدعم خيار المقاومة، شدد على أن سورية هي الوطن الثاني للإنسانية على مبدأ أن لكل إنسان وطنين، وطنه وسورية.
وأشار إلى أن المسافة الجغرافية بين سورية والمغرب لا تعنيه، خاصة أن المغاربة أبلوا بلاء حسناً في عدد من الحروب، منها حرب تشرين التحريرية.
وأبدى تضامنه مع الشعب الفلسطيني الذي وصفه بالمقاوم المظلوم، في حين أكد أن سورية شكلت الرافعة لكل هذا النضال الذي كان يستهدف المنطقة وفلسطين، موضحاً أن الحرب على سورية شنت بسبب الهوية من ناحية، وبسبب فلسطين من ناحية ثانية، في حين بدأت هذه الحرب منذ اللاءات الثلاث.
ورأى أن الحرب على غزة كشفت أن الغرب أكبر مجرم في تاريخ البشرية.
وشدد على أن الهوية هي مسألة وجود، حيث قال عدد من المفكرين إن علينا أن نخرج من هويتنا وننفتح على القيم الكونية التي كانت أكبر خدعة، فنحن نمتلك المحدد الأسمي للقيم بثقافتنا العربية وهي الكرامة، لكن الغرب أراد أن يصنع بها هوية ثورية مزيفة بهدف تفكيك الهويات باسم الحرية.
وختم إن الربيع العربي خادع مثل الحمل الخادع ولم ينتج شيئاً بل هدّ البلدان وحطم الكرامة، فعندما تكون كريماً تكون حراً، لكن أن تكون حراً ليس بالضرورة أن تكون كريماً.
إخضاع العالم
بدورها د. سناء شامي شددت على أن الحرب على سورية وعلى غزة هي محاولات إبادة للشعوب وهوياتهم.
وقالت عضو الشبكة الدولية لدراسات المجتمعات العربية في إيطاليا إن «إسرائيل» لا تستمد أهميتها لأنها تدّعي الديمقراطية، بل أنها الممثل الشرعي للفكر الصهيوني الإمبريالي العالمي الذي لا حدود له، وحدوده الوحيدة هي اللاحدود.
ورأت أن أوروبا مصرة على مهمة إخضاع العالم إلى منطق عقلانيتها الميكانيكية الواقعية، لأنها تؤمن بأن العقلانية الواقعية المجردة من كل ما هو فطرة إنسانية، ومن كل ما هو انتماء وجذور وقيم روحية ومجتمعية، هي السبيل الوحيد إلى الحرية، لكن من وجهة نظري هي السبيل للسيطرة على الآخر.
تحولات كبيرة
د. المصري أكد أن عنوان المحاضرة كبير جداً في ظل ما يجري من تحولات كبيرة في هذا العالم، مشيراً إلى أن الهوية وجود والانتماء مسؤولية.
ورأى أن طرح الموضوع اليوم تم بطريقة فكرية وعلمية بعيداً عن المشاعر، وبأسلوب علمي وأوضح، مشدداً على أن ما يجمعنا في كل مكان هي الإنسانية.
بلد غني
مغنية الأوبرا البولونية دومينيكا زامارا التي حلت ضيفة شرف على الندوة عبرت عن سعادتها لوجودها في سورية للمرة الأولى، وبينت أنها فوجئت أن سورية بلد غني بالثقافة والحضارة والروحانيات، مبدية احترامها ومحبتها للشعب السوري.
وقالت إنها عند عودتها إلى إيطاليا بلدها الثاني فإنها ستكون شاهدة على الأشياء الجميلة في سورية، وعلى أن الشعب السوري رائع ومنفتح ومحب وإنساني.
وكشفت أنها ستغني اليوم في دار الأوبرا بدمشق لأن الموسيقا رسالة سلام.