المركز الثقافي الروسي يفتتح معرض «نور الأيقونات المسيحية» … سوخوف لـ«الوطن»: هذا الفن يعكس تلاقي الحضارات السورية والروسية والبيزنطية
| مايا سلامي- تصوير مصطفى سالم
افتتح المركز الثقافي الروسي بدمشق مساء الثلاثاء معرض « نور الأيقونات المسيحية» الذي قدم نسخاً من أيقونات القرن الثالث عشر إلى أوائل القرن الثامن عشر من مجموعة متحف أندريه روبلوف في موسكو، المتحف الحكومي الوحيد في روسيا المتخصص في تخزين ودراسة وترميم أعمال الفن الروسي القديم.
ويأتي هذا المعرض ضمن مشروع «روسيا- سورية، حوار الثقافة في آثار الفن المسيحي» الذي يهدف إلى تعريف الجمهور السوري والروسي بروائع فن الشرق المسيحي وروسيا القديمة، كما سيوفر فرصة لرؤية تطور اللغة الفنية لرسم الأيقونات الروسية عبر القرون ولمدة سبعة قرون أي في عصر ما قبل بطرس الأعظم.
وستكون المرحلة التالية من المشروع عبارة عن ندوة دولية في متحف أندريه روبلوف في موسكو كجزء من البرنامج الرئيسي الذي سيتم من خلاله تنظيم عرض خاص لأفلام وثائقية حول أعظم آثار الفن المسيحي في سورية، ومن المقرر عقد الندوة في 18 نيسان وستكون مفتوحة للمشاركة شخصياً أو عبر الإنترنت.
تلاقي الحضارات
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال مدير المركز الثقافي الروسي نيكولاي سوخوف: «نفتتح اليوم معرضاً لصور أيقونات قديمة موجودة في روسيا، قدمها متحف أندريه روبلوف الذي يحمل اسم أبرز الفنانين من القرن الثالث عشر».
وأضاف: «وهذا الفن يعكس تواصل وتلاقي الحضارات السورية والبيزنطية والروسية، كما نحب اليوم أن نقدم للشعب السوري صورة عن روحانية ومسيحية روسيا كجزء لا يتجزأ من حضارتها.
قيمة عالية
وقال رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين عرفان أبي الشامات: «نثني على هذا المعرض لاحتوائه على لوحات وأيقونات قديمة ذات قيمة فنية عالية، ونتمنى استمرار التواصل الثقافي والفكري والفني بين الشعبين الروسي والسوري لما له من دور مهم في إثراء ثقافة كلا البلدين».
أيقونات المعرض
تم إنشاء أقدم أيقونة في المجموعة «أيقونة المسيح الديان» من الثلث الأول من القرن الثالث عشر في فترة ما قبل المغول، عندما كانت لوحة الأيقونات الروسية لا تزال على اتصال وثيق مع بيزنطة، وتتمتع شخصية المسيح المهيبة بالقوة والقوة الروحية واستخدمت تقنيات فنية أخرى في أيقونة المخلص في النصف الثاني من القرن الرابع عشر.
وفي أيقونة رقادة السيدة وانتقالها إلى السماء يمتزج حزن الرسل الواقفين على فراش الموت مع ابتهاج الملائكة الذين يرفعون مريم إلى السماء، ويشير التكوين المبني بمهارة والأشكال المتقنة والألوان الغنية إلى تأليف ديونيسيوس أفضل رسام لموسكو في نهاية القرن الخامس عشر.
منذ القرن الخامس عشر أصبحت الأيقونات الأيقونسطاسية العالية متعددة المستويات منتشرة على نطاق واسع في الكنائس الروسية، وفي وسط صف الديسيس كرمز للمجيء الثاني توجد صورة المسيح في المجد، حيث يجلس على العرش السماوي وتحيط به القوات الملائكية، وترمز الأشكال الموجودة في زوايا التكوين إلى المبشرين الأربعة، يتميز الأسلوب الفني للسيد بالتلوين الرنان والرسومات المكررة.
في القرنين الخامس عشر والسادس عشر تم تمجيد القديسين الروس الجدد وإنشاء أيقوناتهم من بينها المكان الأكثر أهمية هو صورة القديس سرجيوس رادونيج.
وفي عهد القيصر إيفان غروزنوفو 1538- 1584 أصبح لون الأيقونات سميكاً وأصبح قاتماً عن عمد كأيقونة «القديس يوحنا المعمدان» و«أيقونة العذراء» المرسومة على خلفية خضراء داكنة معبرة، حيث يصبح التعبير عن الوجوه ذات الحواجب المحبوكة بشكل مكثف والتجاعيد العميقة أكثر كثافة، وتم تصوير يوحنا المعمدان شفيع الملك بأجنحة ترمز إلى حياة الملائكة المتساوية.
أما أيقونة «القيامة» فتم إنشاؤها على مشارف أرض نوفغورود، وهي تمثل انتصار المسيح على الموت، فيدوس المخلص أبواب الجحيم المكسورة ويقيم آدم وحواء من قبورهما، وتعتبر فيها التصاميم المزخرفة والعاطفية في المظهر والإيماءات من سمات فن نوفغورد في ذلك الوقت.
وفي النصف الثاني من القرن السابع عشر بدأت حقبة مهمة في تطور الفنون الجميلة الروسية، حيث لجأ رسامو الأيقونات وعملاؤهم إلى الثقافة الفنية لأوروبا الغربية لكنهم استخدموا الافتراضات في إطار التقليد الأرثوذكسي وتم تمثيل الأسلوب الاحتفالي الملون لسادة منطقة الفولغا من خلال أيقونة «العذراء سيدة النجمة المباركة».
كما ترأس الاتجاه الجديد لرسم الأيقونات الحضارية الحيوية الفنان الروسي سيمون أوشاكوف وكان من أتباعه فيودور زوبوف، ومن أعماله أيقونة «ميلاد السيدة العذراء» وتقع فيها حلقات السرد داخل المباني أو في المناظر الطبيعية التي تشبه خلفيتها الزرقاء المخضرة بيئة جوية.
وتتمثل المرحلة الأخيرة من هذا الأسلوب في أعمال كيريل أولانوف وتيخون فيلاتييف من بداية القرن الثامن عشر، توجد صورة رمزية للعذراء كمصدر للشفاء والمساعدة الروحية «الربيع الواهب للحياة» في الجزء الداخلي من الكنيسة القوطية على أيقونة «السيدة العذراء الحنونة على المحتاجين»، ويتم تمثيل السيدة العذراء كملكة السماء في سماء مفتوحة وينبعث من صورتها إشعاع مشرق.