من دفتر الوطن

مُجَمَّع الشرور

| حسن م. يوسف

منذ أن تفتح وعيي على الدنيا وأنا أتساءل عن سبب اعتبار اليهودي، في كل مكان، رمزاً لكل ما هو سلبي في الأخلاق والسلوك. وقد كبر هذا السؤال معي وازداد إلحاحاً أثناء دراستي للأدب الإنجليزي واطلاعي على الآداب الغربية، فكثير من الكتاب الأوروبيين يصورون اليهودي مرابياً أو قواداً يعبد الذهب ويدمن الخيانة. وقد صغت خلال مراحل عديدة إجابات مختلفة عن هذا السؤال، إلا أنه لم يكف عن طرح نفسه عليَّ وخاصة بعد أن علمت من مصادر موثوقة أن اليهود قد تم طردهم عبر التاريخ من تسعة وسبعين بلداً، وقد تكرر هذا في بعض تلك الدول أكثر من مرة! والحق أنني لمست كره الأميركان العاديين لليهود لمس اليد، لكنهم لا يصرحون بذلك إلا لمن يثقون بهم أشد الثقة، وقد كشف لي أحدهم أن اليهود الأميركان يحتكرون صناعة المواد الإباحية ويدعمون الجنسية المثلية ويلعبون دوراً كبيراً في الجريمة المُنظَّمة وتجارة الرقيق. فاليهود يدعون أن حياة الأغيار عديمة القيمة كحياة البهائم، أما حياة اليهودي فلها قدسية الإله. وسر خوف الأميركان العاديين من إعلان آرائهم بدور اليهود هو سيطرة هؤلاء على أغلبية الثروة ووسائل الإعلام والأوساط الأكاديمية، وكذلك سيطرتهم على الكونغرس ومجلس الشيوخ، فضلاً عن كونهم يلعبون الدور الحاسم في اختيار الرئيس، من خلال التبرعات المالية المشروطة، رغم أنهم يشكلون أقل من 2 بالمئة من سكان أميركا. وفي روسيا المعاصرة كانوا حتى وقت قريب يسيطرون أيضاً على كل مفاتيح الإعلام والصحافة، وهم لا يترددون في تصفية من لا ينفع معه الترهيب ولا الترغيب ممن يعرون ممارساتهم، إذ قام الصهاينة باغتيال خمسة من الكتاب الروس لعل أبرزهم يوري إيفانوف صاحب كتاب «الصهيونية.. حذار».

ثمة مقولة تنسب للفيلسوف الصيني كونفوشيوس مفادها: «الناس فيهم الكاذب والغشاش والخائن والمخادع، فلو أنك عاملت كل إنسان بما فيه من صفات لاجتمع فيك ما تفرق فيهم، فتصبح أحط الناس، لذلك عامل الناس كما تحب أن يعاملوك».

والحق أن هذه الفكرة أنارت لي أبعاد وأسباب الجرائم التي يقترفها الصهاينة في غزة ومختلف أنحاء فلسطين، فقد اجتمع في الصهاينة كل ما تفرق في مضطهديهم عبر التاريخ، وهم يصبون خلاصة شرورهم على رؤوس أهلنا في فلسطين. فهم يعرون ضحاياهم في البرد القارس كما فعل النازيون بضحاياهم من اليهود. وهم، في غزة، يقلدون الرومان عندما قاموا بتسوية مدينة قرطاج بالأرض عام 146 ق. م وأهلكوا فيها الحرث والنسل، ثم زرعوا أرضها ملحاً حتى لا تثمر بعدها أبداً. ولكي يكتمل التشابه يعمد الكيان السرطان لإغراق الأنفاق بالماء المالح ما «سيجعل القطاع غير صالح للسكن لمئة عام» على حد قول ممثل روسيا في مجلس الأمن، فالمياه الجوفية باتت ملوثة بالأملاح، وضخ المياه أحدث انهيارات أرضية أدت لاستشهاد أعداد كبيرة من أبناء غزة.

قبل أيام شهدت لقاءً مع المؤرخ اليهودي العراقي (الإسرائيلي) آفي شلايم أشاد فيه بتعايش اليهود مع مختلف أطياف المجتمع العراقي وأكد أن «معاداة السامية مرض أوروبي ولد في أوروبا في العصور الوسطى». يؤكد المؤرخون المنصفون أن اليهود عاشوا أيامهم الذهبية في ظل الحكم العربي، وهم الآن يردون المعروف وفق طبيعتهم وقد صدق أبو الطيب المتنبي إذ قال: «وما قَتَلَ الأَحرارَ كَالعَفوِ عَنهُمُ /وَمَن لَكَ بِالحُرِّ الَّذي يَحفَظُ اليَدا/ إذا أَنتَ أَكرَمتَ الكَريمَ مَلَكتَهُ / وَإِن أَنتَ أَكرَمتَ اللَئيمَ تَمَرَّدا/ وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا/ مُضِرٌّ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن