رياضة

هل ينجح اتحاد السلة في إعداد المنتخب للنافذة الثانية بشكل لائق؟ متى سيتخلى عن التحضير البدائي؟

| مهند الحسني

مني منتخبنا الوطني بكرة السلة بخسارة غير مستحقة في أولى مبارياته بالنافذة الأولى للتصفيات الآسيوية المؤهلة أمام نظيره اللبناني بفارق تسع نقاط 78-87 بعد مباراة جماهيرية كبيرة قدم المنتخبان أداء جيداً وخاصة المنتخب اللبناني الذي فرض سيطرته منذ بداية اللقاء ولعب بقوة وسط ارتباك بأداء لاعبي منتخبنا الذين لم يتمكنوا من مجارة نجوم المنتخب اللبناني الذين لعب وسط غياب خمسة من لاعبيه الأساسيين، حيث نجح في توسيع الفارق إلى خمس وعشرين نقطة ولم يتمكن مدرب منتخبنا الأرجنتيني بتراتشي من إعادة التوازن للمنتخب، على حين نجحت تبديلاته في الربع الأخير بعد أن اطمأن المنتخب اللبناني للنتيجة فشهد مستواه تراجعاً الأمر الذي سهّل للاعبي منتخبنا الاختراق والتسجيل ونجح لاعبونا في تقليص الفارق إلى سبع نقاط، لكن مدرب المنتخب اللبناني أجرى بعض التبديلات من أجل المحافظة على تقدمه، بشكل عام منتخبنا ظهر بصورة جميلة في الربع الأخير ولو لعب منذ بداية المباراة بهذا الأداء كانت نتيجة اللقاء لمصلحتنا حتماً، نتفق على أن المنتخب اللبناني يتفوق علينا بكل شيء من حيث العراقة والتاريخ والقوة والتاريخ، لكن هذا لا يعني أن نستسلم أمامه ونرفع الراية، ولدينا من المواهب ما يبشر بالخير بـتحضير منتخب مثالي للمستقبل.

وعلى الرغم من خروج قطارات الفحم الحجري من الخدمة، واستبدالها بقطارات حديثة أكثر سرعة، وأفضل أداء، وأقل تلويثاً للبيئة، إلا أن الحفاظ على التراث التاريخي لدمشق فرض الإبقاء على قطار دمشق الزبداني المتعارف على تسميته «بالبابور»، وما أشبه حال كرة السلة ببورنا الأثري الذي لم يبق له لزوم، أو حاجة حقيقية سوى ما يحمله بين مقطوراته من ذكريات، وكذلك حال بعض أعضاء اتحاد كرة السلة الجديد الذين أثبتوا أنه لا حاجة حقيقية لهم، ولا دور فاعلاً ينتظر منهم، وبأن أفكارهم باتت عبئاً على كرة السلة، وحاجزاً في سبيل تطورها، وبأنهم حاجز حقيقي على سكة التطوير، والتحديث المطلوبة في كرة سلتنا وهي بحاجة لإعادة أعمار لتساير المعايير، والمتطلبات الحديثة.

لا يمكن أن نصل إلى أهدافنا، ونحن نسير على سكة لقطار الفحم الحجري، ولا يمكن أن نقبل من مسؤول رياضي أيا كانت صفته بأن يصرح ويحضر لفشل قادم سببه الحقيقي الإهمال الكبير في متطلبات التحضير، والضبط الإداري للمنتخب، وأن يلصق هذا الفشل بالظروف المحيطة، ومن لا يملك الإرادة، والثقة للتغيير، وتوفير الاحتياجات، فليجلس في منزله، وليكف عن التوسل عند كل تشكيل بعثة للمنتخب، ليطلب ضمه إليها، ومن لم تسعفه التزاماته الشخصية للقيام بواجباته تجاه المنتخب، فليتابع عمله وزيارته للمقاهي بعيداً عن أروقة كرة السلة، وليترك الساحة للمخلصين من أبناء اللعبة المندفعين المتحمسين.

ضرورة محلة

بات من الضروري الحديث عن تحضيرات المنتخب الأول الذي تنتظره مشاركة مهمة في التصفيات الآسيوية المؤهلة للنهائيات، ورغم المسافة القصيرة التي تفصلنا عن انطلاقة هذه التصفيات المهمة، غير أننا ما زلنا ننتظر أي تحرك نوعي جديد في هذا الاتجاه من اتحاد السلة، فلماذا لم نر تحضيرات جدية ومثالية توازي حجم النافذة القادمة وخاصة أننا سنواجه منتخبات قوية، ولماذا لم يتم الكشف عن ملف اللاعبين المغتربين مستعيدي الجنسية الذين سينضمون لصفوف المنتخب حسب تصريحات القائمين عليه منذ فترة طويلة.

حقيقة

رغم صعوبة الظروف التي تمر بها رياضتنا السورية بشكل عام، وسلتنا المحلية على وجه الخصوص، والنزيف الكبير في كوادرها من لاعبين ومدربين وحكام، إلا أن اتحاد كرة السلة السابق نجح في المرحلة الماضية بمهارة كبيرة في الخروج من إعصار الأزمة بأقل الخسائر، وفرض حلولاً ليست مثالية لكنها واقعية، وتمكن من المحافظة على حضور منتخباتنا في أغلبية البطولات والاستحقاقات، وهذه نقطة إيجابية تسجل له في ظروف صعبة والعمل فيها وتحقيق نتائج جيدة شبه مستحيل.

غير أن الاتحاد الحالي استمر على المنوال نفسه في المحافظة على اللعبة لكنه كبا عدة كبوات على صعيد تحضير منتخباته الوطنية ومع ذلك من المعيب في ظل النشاط الذي يقوم به الاتحاد على صعيد سعيه لتطوير منتخباته أن نلقي اللوم عليه، ونحمّله المسؤولية الكاملة عن تراجع نتائج منتخباتنا الوطنية، لأن إعداد المنتخب يعتبر حلقة متكاملة، فمسؤولية الاتحاد تكمن في تأمين كل المناخات الملائمة للمنتخب، وأعتقد بأنه نجح إلى حد كبير بعدما وفرت القيادة الرياضية كل ما يحتاجه من دعم وإمكانات مادية كبيرة لم تشهدها سلتنا منذ نشأتها وهذه خطوة مهمة وإيجابية تسجل للقيادة الرياضية الحالية، لكن حصاد الاتحاد لم يكن مثمراً ولا موازياً لحجم العطاء المقدم فمنيت منتخباته في عهده بأقسى الخسارات وأشدها إيلاماً حيث لم تتلق منتخباتنا الوطنية خسارات علقمية مثل تلك التي شهدتها تحت إشراف الاتحاد الحالي.

المشاركات القادمة لمنتخبنا الأول تعتبر مهمة ليس على صعيد تحقيق نتائج رقمية وحسب وإنما لتسجيل مبدأ الحضور بين كبار المنتخبات القارية والعربية، فحضورنا ضروري حتى نتمكن أن نعرف حقيقة مستوانا الفني وندرك حجم الهوة التي بدأت تتسع بشكل كبير بينا وبين باقي منتخبات المنطقة، والعمل على وضع الخطط التدريبية الجيدة لإعداد منتخباتنا للمرحلة القادمة.

المشاركة مع منتخبات القارة الصفراء بهذا الحجم وهي تضم لاعبين سوبر ستار ومدربين أجانب من النخبة لن تكون سهلة في حال بقيت تحضيراتنا متواضعة وخجولة ومعدل أعمار لاعبي منتخبنا كبيراً، فإذا كنا نريد أن يكون منتخبنا منافساً قوياً وعنيداً في مشاركته القادمة، فلهذا الأمر شروط يجب توافرها والعمل على تأمينها بشتى الوسائل، وغير ذلك سيكون منتخبنا صيداً سهلاً، وسوف تستبيح سلته المنتخبات جميعها، وسنخرج من التصفيات بعناوين قاتمة لن ينساها عشاق السلة السورية بشكل عام، وسنكون أمام خسائر جديدة ربما أكثر قسوة من سابقاتها، وكأن القدر كتب على سلتنا أن تكون تطلعاتها عند حدود المركز الثالث ضمن أي مجموعة يأتي بها منتخبنا، ولماذا لم نر أي إستراتيجية واضحة المعالم للاتحاد في إعداد المنتخب الأول الذي تحدث عنه مراراً وتكراراً.

المدربون المحليون

لسنا بصدد انتقاد خبرة أي مدرب أجنبي قاد منتخباتنا الوطنية في الفترة الماضية، وإنما من باب التذكير وبعد أن لمسنا هذا الموسم بالتحديد كفاءة مدربينا الوطنيين في قيادة أنديتهم لا بل تفوقوا على جميع المدربين اللبنانيين الذين يعملون مع أنديتنا، لذلك ما الضير من تكليف كادر وطني من خيرة مدربينا وتأمين أبسط مقومات العمل لهم، ومنحهم كامل الحرية في العمل ولابد حينها من أن تكون النتائج جيدة، لا يعني كلامنا هذا أن نغفل وجود المدرب الأجنبي لكنه يجب تكليفه بإعداد منتخب من لاعبين شبان ونعمل عليه للمستقبل على أن يكون بمنزلة منتخب الأمل، ولدينا خامات ومواهب كثيرة قادرة وقابلة على تلقي أفكار أعلى وأقوى المدربين العالميين الكبار.

رعاية

كنا نظن أن الفترة الزمنية الطويلة التي تفصلنا عن انطلاقة الاستحقاقات المقبلة ستكون لها فوائد، وستسمح لاتحاد السلة العمل بهدوء وترو على تأمين تحضيرات مناسبة ومناخات ملائمة تصل بالمنتخب لمرحلة كبيرة وعالية من الجاهزية، لكن الحال لم يتغير فبقيت منتخباتنا أسيرة فترات التحضير الضيقة والقصيرة وخلت من تحضيرات مثالية لها توازي حجم وقوة المباريات التي سيخوضها المنتخب.

خلاصة

كان لابد أن نمنح المنتخب فرصة ممتازة للتحضير والإعداد ضمن الممكن والمتوافر رغم أن القائمين على أموره يعرفون حجم وقوة اللقاءات التي سيخوضها ضمن النافذة والفوز بات مطلباً ملحاً بعد سلسلة من الكبوات على صعيد نتائج المنتخبات الوطنية في عهد الاتحاد الحالي، كما أن التحضير الجيد بهذا الزخم من القوة والإثارة سيضمن وصول اللاعبين لأفضل مستوى من الجاهزية التي قد لا تكون موجودة في تحضيرات عاجلة لا يمكن أن تلبي الطموح، كل ذلك يوجب على الاتحاد أن يلم بكافة التفاصيل والظروف المحيطة بالتحضير لضمان أفضل مشاركة ممكنة، وتسجيل حضور طيب يليق بسمعة السلة السورية، نتمنى أن تكون المرحلة القادمة جيدة ومشرقة لمنتخباتنا الوطنية وتكون مفعمة بالوجوه الجديدة والمتجددة القادرة على العمل والعطاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن