الحياة رحلة في اتجاه إجباري واحد، لكنها تمنحنا خيارات كثيرة وتقع علينا مسؤولية الاختيار، هل يحق لنا الاعتراض والتذمر والشكوى من غدر الزمان وقسوة القدر؟
حياتنا رحلة مجنونة بين الواقع والحلم، بين الحقيقة والأكاذيب، حياتنا نلونها وفق تناقضات النفس البشرية بين خير وشر، حب وكراهية، تسامح وأحقاد، والأيام تطوي من دون أن نعرف إلى أين نمضي، وما رسالتنا في هذا الزمن المحدود الذي هو كل ثروتنا من العمر القصير.
تمر حياتنا في محطات مهمة لن تتكرر، ربما هي فرص علينا انتهازها وإلا، سنفقدها إلى الأبد.
من الطبيعي أن نخطئ ونصيب، نحب ونكره، ننتقل من حالة إلى نقيضها، ونعيش الحياة بكل تقلباتها، من متاهات وأنواء عاصفة حيناً، وهادئة كنسيمات المساء المنعشة حيناً آخر، لكن يبقى الحب ذلك المخدر الذي يحول الدنيا إلى فرحة بلا حدود، ويطلق الخيال والإبداع والتحليق.
علينا أن نعيش الحب فنحن لا نملك سوى عمر واحد فلا نضيّع لحظات وأيام هذا العمر في متاهات وحسابات وتعقيدات تعيق مسيرتنا وتحد من فرص الحب والسعادة والفرح القليلة بطبيعة الحال.
ومن الطبيعي أيضاً أن ندخل دوامات الحياة ونتعرض لأزمات ومشاكل وهموم لا حدود لها، لكننا نمتلك وصفة تزيح عنا كل المنغصات، والهموم هي وصفة الحب، ليس الحب بمعناه الضيق، بل بمعناه الأوسع، أي حب الحياة بكل ما فيها.
قد نسبح في تيار جارف، يحاول جرجرتنا نحو أعماق الجهل والتخلف والتوحش، لكننا لن نتوقف عن زراعة ورود الحب وأزاهير الأمل، ونملأ الأرض دروباً لعشاق سيأتون بعدنا، ويتذكرون أياماً كان العشق رجساً من عمل الشياطين والأبالسة، ومن يقترف جرم العشق تحق عليه لعنة الأرض والسماء.
تحكمنا اللحظة بكل خصوصيتها، من فرح وحزن وشوق وحنين، تحكمنا اللحظة المتعبة التي تأتي في التوقيت الغلط، وعندها ترى أنك تبتعد عن المحيط الذي تنتمي إليه، والمكان الذي تتوق لتمضية ساعاتك المتبقية فيه، تحاول العودة إلى الدرب الصواب متمسكاً بطرف خيط الأمل، لتعلن أنك من عشاق الحياة وصنّاع الحب.
وكما بدأت، أعود لأقول:يجب أن نعيش الحياة بكل تلويناتها وتقلباتها كما هي والتكيف مع كل الظروف، وإلا ستأخذنا إلى هوة سحيقة لا قرار لها، وستذهب ريحنا كما حصل مع أمم وشعوب.
ويبقى الحب مركباً من نور، وأشرعة من حنين، ونحن ننتظر على مدى عمر كامل رحلة في زورق من خيال رسمناه، قد يأتي، وقد لا يأتي.