من دفتر الوطن

أيتام الحكومة

| عبد الفتاح العوض

كل فئة بالمجتمع السوري تجد من يدافع عنها وتحصل على مبتغاها..

التجار والصناعيون يجدون دوماً من يستمع لهم وفوق كل ذلك يجدون من يستجيب لهم ومثال بسيط من آلاف الأمثلة عندما لم يعجبهم القانون 8 لأن عقوباته قاسية على المخالفين يجري العمل الآن على إعادة النظر فيه.

الأطباء لم يلتزموا بأي تحديد للكشفية ولم نسمع عن محاسبة طبيب واحد حتى عند التقصير والإهمال وفي الأخطاء الطبية يتم التعاطف مع الأطباء ويكون الحكم منهم وفيهم.

المحامون أيضاً استطاعوا تغيير تعميم للشؤون المدنية عطل جزءاً من أعمالهم.

حتى أصحاب الأعمال الحرة والفنيون الذين يعملون في الصحية والكهرباء وإصلاح السيارات وبيع العقارات كلهم وجدوا الطرق المناسبة لهم لإصلاح أحوالهم.

قسم من الموظفين في دوائر يحتاجها المواطن وجدوا تبريرات خاصة بهم لترتيب أحوالهم. واشتركوا بحفلة الفساد على قدهم.

مدرسون في بعض المواد أصبحت الشهادات وامتحاناتها مواسم لهم لحصاد الأموال.

لا أريد أن أعدد كل الفئات التي وجدت طرائقها الخاصة لتحسين ظروفها المعيشية.. ولكن هذه الدائرة من إنقاذ الذات ليست صالحة لإنتاج مجتمع سوي وهي دائرة محكوم عليها بإنتاج الفساد.

فقط قسم من الموظفين وكثير ممن لا عمل لهم وكثير من المتقاعدين هم الأيتام على موائد بعض هؤلاء.

السؤال لماذا يتم سماع شكاوى الجميع والأخذ برأيهم أو بجزء منه بينما البقية الباقية لا يتم الاهتمام بصراخهم؟؟

الآن لا يوجد أي فرصة لمسؤول بألا يقول لا أعلم.. فالكل يعلم المشكلة ومداها لكن المشكلة أنه ليس لهؤلاء قوة مالية ولا معنوية لحلها.

وبما أن الحكومة قررت أن تنهي مفهوم أبوية الدولة هذا يعني أن المواطن بلا أب وقررت أنه حان وقت فطام المواطن فالكثير من الناس وجدوا أنفسهم أيتاماً.

من اليقين أن الأوصياء على «الأيتام» يعرفون معاناتهم لكن ليس في بال أحد منهم أن يقدم معاناتهم على تلك الفئات القادرة والقوية.

ربما نختلف كثيراً في تقدير نسبة «الأيتام» الذين نقصدهم في المجتمع السوري لكن من المؤكد أنها نسبة كبيرة، وكثير منا في الفترة الأخيرة أصبح لديه هذا الشعور المؤلم ومع ذلك الملاحظ أن الأكثر شكوى والأعلى صوتا بالنحيب هم رجال المال والأعمال وكثير ممن التحقوا بهم من الفئات الأخرى.

أريد أن أنهي بنكتة عالمية حاولت أن أجعلها سورية..

بعد أن عاد السوريون لأداء العمرة ذهب ثلاثة أشخاص للبيت الحرام مسؤول ورجل أعمال وموظف..

بدأ المسؤول بالدعاء وقال يا رب أنت تعلم أني عبد فقير وأني لا شي.. ثم جاء دور رجل الأعمال وقال يا إلهي أنا الفقير الحقير وأنا فعلاً لا شيء.. ثم جاء دور الموظف الفقير فقال يا مولاي أنا لا شيء حقاً..

هنا توجه رجل الأعمال للمسؤول قائلاً له هذا الموظف وقح كيف يجرؤ ويقول إنه لا شيء «مثلنا» ويتشبه بنا.؟

أقوال:

– الغني حتى لو لم يكن لديه أب لديه مال، ولكن الفقير يتيم الأب والأم. حتى وهما معه.

– الأغنياء الذين يعتقدون أن الفقراء سعداء ليسوا أكثر غباءً من الفقراء الذين يعتقدون أن الأغنياء سعداء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن