قضايا وآراء

خطوة على طريق النصر

| منذر عيد

يبدو أن قرابة خمسة أشهر من صمود المقاومة الفلسطينية، في وجه آلة الإبادة الصهيونية والأميركية، وثبات الشعب الفلسطيني في أرضه بقطاع غزة مفشلاً جميع خطط «الترانسفير» الجديدة، دفعت بقادة الكيان الإسرائيلي والإدارة الأميركية إلى اليقين أن لا نتائج ترتجى من وراء العمليات العسكرية العدوانية على القطاع، وأن الحل الأمثل الذهاب إلى مفاوضات تجنب واشنطن حرج الهزيمة والسقوط مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مستنقع الذل والعزلة الدولية، حيث باتت ملامحها تظهر بشكل واضح في أي نقاش يخص غزة ضمن أروقة المنظمات الأممية.

تصريحات المسؤولين الأميركيين وعلى رأسهم الرئيس جو بايدن تشي أن الإدارة الأميركية بدأت تعي حقيقة أن وقف التصعيد في المنطقة سواء في البحر الأحمر أو على الجبهتين اللبنانية والعراقية يبدأ من وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة، ليؤكد بايدن أمس في مقابلة مع قناة «إن. بي. سي» أن «إسرائيل وافقت على عدم القيام بأنشطة عسكرية في قطاع غزة خلال شهر رمضان»، وذلك في ظل مؤشرات على قرب التوصل إلى صفقة جديدة لتبادل الأسرى بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، وعقب تلقي حركة حماس مقترحاً من باريس يؤكد موافقة إسرائيل على إطلاق سراح 400 أسير فلسطيني بينهم عدد من أصحاب الأحكام العالية، مقابل الإفراج عن 40 أسيراً إسرائيلياً من النساء وكبار السن، وعودة تدريجية للنازحين إلى شمال القطاع باستثناء من هم في سن الخدمة العسكرية، وزيادة دخول المساعدات والمنازل المؤقتة للقطاع وإدخال الآليات والمعدات الثقيلة، بالإضافة لإعادة تموضع قوات الاحتلال خارج المناطق المكتظة، ووقف الاستطلاع الجوي لمدة 8 ساعات يومياً، إضافة إلى بنود تتعلق بإصلاح المستشفيات والمخابز في غزة وإدخال 500 شاحنة مساعدات إلى القطاع يومياً.

في قراءة أولية لما تم تسريبه من بنود الاتفاق، وفي حال ثبتت موافقة المقاومة عليها، فإن ذلك يعكس حرص فصائل المقاومة على إيلاء الشأن الإنساني والتخفيف عن سكان غزة، أولوية آنية ومستعجلة، عبر التركيز على بنود المساعدات الغذائية والسكن وآليات ثقيلة، وتراجع بند تبادل الأسرى إلى مرتبة ثانية، ربما بهدف التعامل معه كمرحلة لاحقة طويلة المدى، لتؤكد عملية تبادل الأسرى وصفقة التهدئة أنها أولى الكلمات في خطاب النصر الذي ستتلوه المقاومة قريباً جداً.

سعي إدارة بايدن إلى التوصل لتهدئة وإتمام عملية تبادل الأسرى، تؤكد أن الرؤوس الحامية في الإدارة الأميركية بدأت تبرد وتقرأ مفردات الأحداث بشيء من العقلانية، ويقينها أن غزة ليست وحيدة، بل هي ضمن معادلة وحدة الساحات التي أعلنت عنها أطراف محور المقاومة، وهذا ما بدا جلياً من خلال ما نقلته «سي إن إن» عن مسؤولين أميركيين بقولهم: «نعتقد أن الحوثيين سيحافظون على وعدهم بوقف الهجمات إذا أنهت إسرائيل حربها في غزة»، وهذا الاعتقاد ذاته يتجذر لدى الإدارة الأميركية بما يخص الجبهة مع لبنان والمقاومة هناك.

الإعلان عن القناعة الأميركية تلك تأتي بالتزامن مع جملة الضغوط الدولية التي يمارسها المجتمع الدولي عبر منبر محكمة العدل الدولية والمداخلات التي تدين الإجرام الصهيوني والتأكيد على أحقية الشعب الفلسطيني بالعيش حراً مستقلاً، ووجوب إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، كذلك تزامناً مع تسارع الخطا الدولية للوصول إلى هدنة قبيل شهر رمضان المبارك.

قراءة ما يجري في الميدان الغزاوي، وما يتكبده جيش الاحتلال الصهيوني من خسائر كبيرة، امتدت إلى ساحة التفاوض، وفرض المقاومة شروطها، تؤكد أن طلب رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو في اقتراح عرضه على «كابينت الحرب» بعنوان «اليوم التالي لحماس في غزة»، سيطرة أمنية إسرائيلية كاملة ومن دون سقف زمني على غزة وإغلاق وكالة «أونروا» الأممية، ليس إلا من باب ذر الرماد في العيون، ومحاولة فاشلة لتسويق صورة نصر كاذبة، لا يملك نتنياهو منها شيئاً، بينما الحقيقة تؤكد أن اليوم التالي للحرب في غزة وما سيجري، ترسمه المقاومة والشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، ومحور المقاومة في المنطقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن