قضايا وآراء

شائعات إسرائيل وحقائق تفنيدها الصارخة

| تحسين الحلبي

لم يتوقف الكيان الإسرائيلي وحركته الصهيونية طوال 75 عاماً عن ابتكار و»فبركة» كل أشكال التضليل ونشر الأكاذيب في محاولتهما ردع الشعب الفلسطيني والعرب عن مقاومة أهدافهما وخططهما في فلسطين المحتلة والمنطقة، فمنذ عام 1948 بدا الكيان بترويج كذبة أن المنظمات اليهودية العسكرية المسلحة «انتصرت على جيوش ثلاث عشرة دول عربية» رغم أنه يعرف هو والعالم كله أنه لم يواجه سوى الشعب الفلسطيني الأعزل من السلاح في حرب عام 1948 لأن جميع الدول العربية باستثناء سورية ولبنان كان يجثم على صدرها جيوش احتلال بريطانية وفرنسية هي التي أنشأت الكيان وقدمت السلاح للمنظمات الصهيونية المسلحة ومنعت أي مشاركة عسكرية فاعلة يقوم بها العرب ضد هذه المنظمات الصهيونية المسلحة، ومع ذلك أراد الكيان الإسرائيلي أن ينشر هذه الكذبة بين الفلسطينيين وكل العرب لإرهابهم بعد المذابح التي ارتكبتها المنظمات الصهيونية ضد الفلسطينيين في مدنهم وقراهم بشكل علني لتهجيرهم، وفي حرب عملية طوفان الأقصى في تشرين الأول الماضي فوجئت قيادة جيش الاحتلال والمستوطنون بالعمليات العسكرية الخاطفة التي بادرت المقاومة من قطاع غزة بتنفيذها داخل فلسطين المحتلة عام 1948 فقررت بعد تكبدها خسائر بشرية كثيرة تضليل العالم لتبرير وحشية آلتها الحربية ضد المدنيين في القطاع، فاتهمت بعد أيام من هذا الانتصار الفلسطيني الصارخ رجال المقاومة «بقطع رؤوس الأطفال واغتصاب النساء وقتل الحوامل في المستوطنات وداخل أحيائها»، وبدا واضحاً أن هذه الأكاذيب تحولت إلى «مانشيتات» إعلامية في كل لغات الدول الاستعمارية التاريخية بل أصبح قادة دول مثل جو بايدين الأميركي وإيمانويل ماكرون الفرنسي وأولاف شولتس الألماني وريشي سوناك البريطاني وغيرهم من وزراء خارجية ودفاع، يرددونها في كل مناسبة لكي يشاركوا بتبرير حرب إبادة الشعب الفلسطيني وتهجيره مرة أخرى مما بقي من ترابه الوطني في قطاع غزة، وتبين بعد أسابيع من ترويج هذه الاتهامات أنها مجرد حرب شائعات مفبركة يشنها الكيان وحركته الصهيونية العالمية لتشويه المقاومة وسجلها المشرف، ولم تتمكن كل سلطات الاحتلال من إثبات أدنى شبهة تنال سمعة المقاومة، كما لم تتمكن حكومة بنيامين نتنياهو من ابتزاز الأمم المتحدة لإجراء تحقيق حول هذه الاتهامات الباطلة، وفي تحليل وتحقيق صحفي قام به ونشر نتائجه في 22 شباط اليهودي الأميركي رئيس تحرير المجلة الإلكترونية «غري زون» والحائز على جائزة عالمية لدوره الصحفي ومؤلف عدد من الكتب السياسية، ماكس بلومنتال، تبين أن كل هذه الأكاذيب أعدتها آلة الحرب النفسية والتضليلية الإسرائيلية لاستدراج تأييد الرأي العام الغربي لما تنفذه إسرائيل من عمليات وحشية، وبهدف تشويه سمعة المقاومة، وتبين من نتائج الاستقصاء الذي قام به بلومنتال أن مصادر إسرائيلية جعلت عدداً من الصحف الأجنبية الكبيرة مثل «نيويورك تايمز» الأميركية وصحف أخرى بريطانية وألمانية فرنسية، تشير في أخبارها عن «عمليات اغتصاب منظمة ضد نساء إسرائيليات وقعت أثناء هجوم المسلحين الفلسطينيين على مستوطنات غلاف قطاع غزة» وكانت قد أعدت هذا الخبر ووزعته «منظمة مراكز أزمة الاغتصاب وجمعياتها الإسرائيلية» من دون أي معطيات ومعلومات عن تاريخ وأسماء أو أماكن أو عدد النساء وقيل إن هذه المنظمة استندت إلى ما قاله أفراد من المجموعات اليهودية المتدينة المتخصصة بدفن الموتى ونقل الجرحى من مواقع المعركة والمعروفة باسم منظمة «زاكا» ويضيف بلومنتال: «كانت منظمة مراكز أزمة الاغتصاب الإسرائيلية قد وزعت شريط فيديو على صحيفة «نيويورك تايمز» تظهر فيه امرأة إسرائيلية ميتة وشبه عارية وكتب في الفيديو أنها اغتصبت ليتبين فيما بعد أن شقيقتها وشقيقة زوجها قامتا علناً بنفي أن تكون قد اغتصبت».

ويذكر أن عدداً من وسائل الإعلام الإسرائيلية وبخاصة صحيفة «هآريتس» أفادت بأن الجيش الإسرائيلي قام عن طريق الخطأ بقتل وإصابة عدد من المستوطنين المدنيين حين لم تستطع طائرات المروحيات الإسرائيلية التمييز بين المدنيين الفلسطينيين الذين تحركوا بين أحياء المستوطنات والمستوطنين فتسببت النيران الإسرائيلية بقتل مستوطنين من دون تمييز وربما أراد أفراد مجموعة «زاكا» تبرئة الجيش فأشاعوا عن بعض القتلى من النساء بأنهن اغتصبن، ورغم أن هذا التفنيد الذي يعرضه بلومنتال وغيره من الحقائق المتداولة الآن، يبرئ الفلسطينيين من هذا الاتهام، إلا أن المسؤولين الإسرائيليين وحلفاءهم ونظراءهم في الغرب ما زالوا يرددون بعد خمسة أشهر، هذا التضليل و«فبركاته» رغم معرفتهم بأنه أكاذيب ملفقة ولا أساس لها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن