ثقافة وفن

اللعبة الخطرة… عرض مسرحي لطلاب قسم التمثيل … العربيد لـ«الوطن» وجود عدة عروض مسرحية يعتبر حالة صحية

| مصعب أيوب - ت. مصطفى سالم

نحن الجنازة والمشيعون معاً، أنضجتني الأحزان حتى اشتد عودي وبلغت سن الرشد

هذا اقتباس للمسرحي السوري الراحل سعد اللـه ونوس أضيف بالبطاقة التعريفية للعرض المسرحي (اللعبة الخطرة) الذي انطلق قبل أيام على خشبة مسرح فواز الساجر الدائري لطلاب الفصل الأول في السنة الرابعة قسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق، وقد أعده وأشرف عليه الفنان مجد فضة وهو اقتباس حر من نصوص براتيسلاف نوشيتش.

خطوط عريضة

يتكون العرض من عدة مشاهد تمتد لثلاث ساعات يتخللها استراحة، فبعد انتهاء مراسم الدفن تعود العائلة إلى منزل الفقيد لنرى بعض المهاترات والمماحكات بين أفراد عائلة المرحوم فؤاد ومنهم أنساب العائلة والعمات والأعمام، ولا يوجد أي أخ أو أخت للراحل وإنما جميعهم من الأقرباء من الدرجة الثانية الذين جاؤوا ليعبروا عن حبهم للفقيد وعلاقتهم الوطيدة فيه قبل وفاته.

كما يتجلى في المشهد الذي يليه مناظرة بين نانسي المتخصصة بالطب البشري وزين الذي يؤدي دور الفنان التشكيلي ليدور بينهما حوار مطول عن معاناة كل واحد منهما ليسعى كل طرف إلى إبراز دوره الجوهري في المجتمع، فهاهو الفنان التشكيلي يعاني صعوبة تأمين قوت يومه ومستلزماته الأساسية، وها هي الطبيبة تعيش تخبطات كثيرة أثناء عملها ولاسيما عند مقابلة الحالات الإسعافية والدماء.

أما المشهد الذي يعقبه فهو مناظرة بين شاب (لؤي) وفتاة (حور) يدرسان في كلية الحقوق لنجد أنها فتاة مليئة بالطموح وتؤمن بالعدالة، على حين أن لؤي غير ذلك.

يعقبه بعد ذلك اجتماع للأقارب في الذكرى الأسبوعية لوفاة المرحوم فؤاد ليتم فيه الحديث عن إرث الراحل وكيف سيتم توزيعها ومن الأحق في إدارة ممتلكاته وتسيير أعماله، ليسعى كل واحد من المجتمعين أن يبرز مهارته وبراعته في الإدارة والحسابات.

مشاريع أكاديمية

في كلمة لـ«الوطن» أفاد عميد المعهد د. تامر العربيد بأن مشروع التخرج ينطبق على طلاب السنة الرابعة وأي مشاريع تطبق على طلاب السنوات الأخرى هي مشاريع أكاديمية وبحثية بالطبع ضمن المنهج الأكاديمي، وهو ينطبق على طلاب السنة الثانية عندما يقدمون مشروع أنماط تشيخوف، وفي السنة الثالثة يقدمون مشروعاً عن المسرح الكلاسيكي، ومن الممكن أن يُقدم في الفصل الثاني من السنة الثالثة مشروع أقرب للعرض وهذا يندرج ضمن السياق الأكاديمي لإعداد الممثل والطالب ليغدو جاهزاً لعرض التخرج.

وأشار العربيد إلى أن الغاية من وجود مشروعين للتخرج في السنة الرابعة هو إعطاء فرصة للطلاب لتقديم أنفسهم بصورة أوسع وأكبر بحيث درج سابقاً أن يكون هناك عرض تخرج واحد فقط في نهاية العام الدراسي، ولكن خطواتنا التطويرية والعملية والبحثية لتحسين سير العملية التعليمية وثقل الموهبة وإعطاء فرص أكثر للطلاب، وكذلك جزء من منهجية المعهد في خلق فرص للطلاب لإعدادهم بشكل أعمق نقوم بتقديم عرضين اثنين، الأول مع نهاية الفصل الأول والثاني وهو النهائي مع نهاية العام الدراسي، وبوجه عام فإن وجود عرضين اثنين هو حالة صحية وفرصة مواتية للطلاب لتقديم أنفسهم بالطريقة الأمثل والوقوف على ما يقدمون، ويمكننا أن ندعوه مشروع الفصل الأول ضمن سياق تحضير الطلبة للتخرج.

عرض متماسك

الطالب بشار شيخ صالح الذي أدى شخصية شاهر وحيد الدلة أفاد بأن التحضيرات بدأت لهذا العرض منذ بداية الفصل الدراسي، وقد مررنا بمراحل كثيرة واضطررنا لقراءة معظم مؤلفات الكاتب لكي يتسنى لنا معرفة أسلوبه في الكتابة والإستراتيجية التي ينهجها، وقد كنا نؤدي مشاهد معينة من عدة مسرحيات من دون أن نعرف ما النص الذي اختاره لنا الأستاذ مجد والذي كان قد ضمره وأخفاه عنا، إلى أن توصلنا إلى النص الذي عرض على المسرح إضافة إلى نصين آخرين وشخصية أخرى من نص آخر وقد تم دمج كل العناصر في هذا العرض.

وأضاف صالح: لقد تمت عمليات التحضير بالتنسيق بين كل من الأستاذ مجد فضة والفرزدق ديوب والأساتذة المساعدين وكان يتم بناء مشاهد ومن ثم هدمها وبناء أخرى واستبدالها إلى أن تم التوصل إلى الصورة الأخيرة للعروض التي شاهدناها على خشبة المسرح، بحيث تم حذف كثير من المشاهد والاستغناء عن عدد منها ولم تسنح الفرصة لتأديتها على الخشبة لضيق الوقت ولكن ذلك كان يصب في مصلحتنا بحيث كنا نتعمق أكثر في الشخصية ونعرف خفاياها وعوالمها الداخلية.

وقال: لعل الخطورة في هذه اللعبة تكمن في دمج عدة نصوص لخلق عرض واحد متماسك متناسق وإشراك الجمهور في العرض وفيه كسر إيهام مع الجمهور.

سكير مقامر

وعن الشخصية يؤكد شيخ صالح أن الجميع حاول تقديم جميع الشخصيات مراراً وتكراراً إلى أن تم التوصل إلى اعتماد كل واحد لشخصية ما بحسب مواصفاته وإتقانه لهذه الشخصية أو تلك، منوهاً بأن الشخصية التي أداها جذبته جداً لأنها على عكس أطباعه وتصرفاته، بحيث أنه في حقيقة الأمر لا يدخن السجائر أساساً ولكنه في العرض يؤدي دور شخص مستهتر لا مبالِ يشرب الخمر ويسهر على لعب الورق ويخسر جميع ممتلكاته في لعب القمار من السيارة إلى المنزل إلى الدكان ولكنه إنسان ذكي ولبيب ويعرف جيداً ماذا يريد وماذا يجب أن يفعل أو لا يفعل وهذا ما خلق لديه تحدياً وجعله يصر على تجسيد هذه الشخصية.

وختم: نحن محظوظون جداً بالأساتذة المشرفين على عملنا وهم أصحاب خبرة ومعرفة طويلة في هذا المجال، ولا يمكن للشخصيات أن تقدم بهذه البراعة ما لم يكن هناك مشاركة حقيقية وإيمان مطلق بين فريق العمل، وخبرة الأستاذ مجد أكاديمية ومهمة جداً وقد قدم لنا الكثير من فكره وإنسانيته ومهنيته ولم يبخل علينا بشيء، وأعتبر هذا الفصل من أغنى الفصول خلال فترة دراستي في المعهد.

يذكر أن طلاب هذه الدفعة قدموا في العام المنصرم عرضاً مسرحياً بعنوان (عائلتي) وكان أيضاً بإشراف مجد فضة وهو نص محكي باللغة العربية الفصحى وهو مأخوذ من مسرحية بعينها من دون الاستعانة بنصوص أخرى سوى بعض المشاهد الارتجالية، على حين أن عمل اللعبة الخطرة كان الارتجال يشكل حيزاً كبيراً فيه وربما نص العمل الأول ودخول الشخصيات الأولية كانت ارتجالية، كما يشارك في العمل الطلاب بالشخصيات التالية:

آمارجي العبد الله بشخصية فداء الأحمد وأنطونيو طعمة بشخصية لبيب أبو الرمح وبشار شيخ صالح بشخصية شاهر وحيد الدلة وتسنيم العلي بشخصية د. نانسي أبو الرمح وروان مجر بشخصية نجوى العامر وريم كوسا بشخصية مفيدة النو ومحمد حيدر بشخصية رواد وردة ونتالي أسعد بشخصية شادن ثائر فياض ونور أبو صالح بشخصية حور الخشاب وهند بدرية بشخصية زينة خانم كهرمان.

والعرض مستمر حتى يوم الثلاثاء ٥ آذار من الساعة ٥ وحتى الثامنة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن