قراءة في مباريات المرحلة الرابعة من إياب الدوري الكروي الممتاز … الفتوة أفسد متعة مطارديه بفوز من ذهب .. حرب الهبوط ما زالت طاحنة والوحدة تقدم بنقطة
| ناصر النجار
الدوري الكروي الممتاز ما زال يسير ضمن خطوات سير رتيبة من دون أي تغيير أو تعديل في المواقع ومن دون أي مفاجآت تغير من شكل الدوري أو منافساته، ولعله الدوري الأقل تنافساً أو إثارة، لأن المتصدر يسير نحو اللقب بهناء ولا يوجد شيء يزعجه، ولا يوجد في مستقبل المراحل ما يؤرقه، فالفارق الواسع في النقاط يعطيه دافعاً ليبقى مسيطراً على الوضع، وفي الحقيقة لا يوجد فريق قادر على منازلته أو توقيفه، لذلك نقول: عملياً فإن الفتوة قادم نحو لقبه الثاني على التوالي، ونظرياً: كل شيء متوقع ما دامت المباريات قائمة والمراحل المتبقية سبعاً ونقاطها 21 نقطة.
الفارق سبع نقاط بين الفتوة وحطين، حطين عليه أن يفوز في المباريات كلها والفتوة عليه أن يخسر أكثر من سبع نقاط، فجداءا مباراتيهما لمصلحة الفتوة، هذا على الورق، أما عملياً فقد يكون صعب التحقيق، ولو تحقق فسيكون بمنزلة المعجزة.
على ضوء المباريات التي تقام، وحسب نتائجها، يمكننا توزيع الفرق إلى ثلاثة طوابق، الطابق الأول تقع فيه الفرق التي احتلت أماكن الصدارة وهذا ما نسميه نادي الكبار وفيه حطين وتشرين وجبلة ويبتعد عنها الفتوة قليلاً، وعلى الأغلب ستحافظ هذه الفرق على مراكز الترضية في الدوري، وأمام حطين وتشرين فرصة المنافسة على لقب كأس الجمهورية، أما جبلة فقد خسر كل رهانه في هذا الموسم.
الطابق الثاني ليس بعيداً عن بعض فرق الطابق الأول، لكن المواجهات المباشرة باتت محسومة لمصلحة الطابق الأول ومثال ذلك فوز حطين على الكرامة والجيش وفوز تشرين على الوثبة، لذلك فغاية بعض فرق الطابق الثاني بلوغ مربع الكبار، وفي أحسن الأحوال فهي تتنافس فيما بينها على موقع أفضل، فالهدف الرئيس اليوم هو تحسين المراكز والوصول إلى المركز الخامس على أقل تقدير وهذه الفرق هي: الجيش وأهلي حلب والطليعة والكرامة والوثبة.
الطابق الأخير وهو الأهم وهو طابق الهبوط ويشغله الوحدة ثم الساحل والحرية، في الإياب من خلال أربع مباريات فيها اثنتا عشرة نقطة، حصل الحرية على ثلاث نقاط والوحدة والساحل على نقطة واحدة، وهذا الرصيد الضعيف يبقي الصراع قائماً حتى يفصل أحد الفرق هذا الصراع، الفارق بين الوحدة والساحل نقطتان وبينه وبين الحرية أربع نقاط، وهذا ليس بالفارق الكبير، مع العلم أن الوحدة سيلعب مع الساحل والحرية خارج أرضه، لذلك قد تكون لهاتين المباراتين القرار الرسمي في الهبوط إن لم يستفد الوحدة من مبارياته الأخرى، وكذلك الساحل والحرية، فالتعويل على النجاة من خلال مباراتين يبقى هراء، والمطلوب هو البحث عن نقاط إضافية تعين على دخول مباراتي النقاط المضاعفة بقوة وبروح معنوية عالية، الحرية استقال مدربه، وحتى الآن لا أحد يعلم الأسباب، وربما (كما يقال) لإحداث صدمة إيجابية في الفريق، في الأمل الآخر الذي ستلعب عليه فرق الهبوط أن المباريات الأخيرة من الدوري قد تدخلها فرق الوسط بلا عزيمة كما كل موسم، فيكون الحظ من نصيب الناجي من هذه الفرق، ولنا في مباريات الموسم الماضي خير دليل، لذلك لا يمكننا الجزم بما ستؤول إليه المنافسات القادمة التي من المتوقع أن تأخذ شكلاً جديداً ونرى فيها نتائج غير متوقعة، لكن المؤكد الوحيد أن فريقين من هذه الفرق الثلاثة سيهبطان إلى الدرجة الأولى، ومن الصعب أن يدخل غيرها دائرة الخطر.
أفراح حطين
تزامن فوز حطين على الجيش في دمشق بإعلان لجنة الاستئناف تخفيف بعض العقوبات عن فريق حطين وفي أهمها عودته إلى أرضه لاستكمال بقية مبارياته هناك، بعد أن فرضت لجنة الانضباط والأخلاق عقوبة نقل كل المباريات خارج أرضه على خلفية ما حدث عقب لقائه مع الفتوة في ثاني الإياب، وقد فاز الفتوة في المباريات بهدف، والاحتجاج كان على حالة ظنها أبناء الحوت أنها تستوجب ركلة جزاء آخر الوقت ولكن تبين أن قرار الحكم كان صحيحاً بعدم احتساب الركلة.
المهم في الأمر أن حطين كسب الشيء الكثير من استئنافه، ولعلها فرصة لأبناء النادي وكوادره ولاعبيه لتجنب الشغب لأنه يؤدي دائماً إلى ما لا يحمد عقباه.
الغريب في الأمر أن أغلب الجمهور الكروي استغرب القرارات التي صدرت عن لجنة الانضباط والأخلاق بحق نادي حطين واعتبروها قرارات رحيمة جداً، ليكون الاستغراب أكبر بقرارات لجنة الاستئناف، والمعلوم لدى الجميع أن تغيير قرارات لجنة الانضباط والأخلاق يأتي من خلال أدلة جديدة، فعند تقديم دليل جديد يمكن للاستئناف أن يعدل العقوبة سواء بمضاعفتها أم بتخفيضها، لكن في حالة نادي حطين لم يكن هناك أدلة جديدة، بل كانت قراءة لجنة الاستئناف للحالات المرتكبة تخالف قراءة لجنة الانضباط والأخلاق، فكان هذا التباين بوجهة النظر، وفي بعض العقوبات، والأمل أن يساهم هذا التخفيف في درء عواقبه فيكون بمصلحة الدوري، لا أن يكون باباً يساهم في نصرة الشغب على اعتبار أن المخالف سيجد من ينصره! لكن الأغرب أن جميع الغرامات المالية تم اعتمادها من دون أي تغيير فيها رغم أن نصوص القانون التي اعتمدتها لجنة الاستئناف هي ذاتها التي اعتمدتها لجنة الانضباط والأخلاق، وربما كان ذلك بسبب أن المخالفات المالية غير محصلة عملياً واتحاد كرة القدم رغم أن له بذمة الأندية الكثير من المال، إلا أنه غير قادر على تحصيلها، وعلينا ألا ننسى تصريح أحد مسؤولي اتحاد كرة القدم عندما أعلن جهاراً أن الغرامات المالية ليست إلا حبراً على ورق!
غلطة الأهلي
من المؤكد أن خسارة أهلي حلب على أرضه أمام الفتوة كانت قاسية نظراً لعدد الأهداف التي دخلت مرمى صاحب الضيافة وللفوز الكبير الذي حققه الفتوة خارج أرضه بثلاثة أهداف لصفر، والحقيقة التي لعب عليها الفتوة أنه يواجه متصدر الإياب، فلم ينظر أزرق الدير إلى الترتيب العام، بل تعامل مع المباراة كأمر واقع، الأهلي كان متصدر مرحلة الإياب ففاز في مبارياته الثلاث، لكنه أخطأ كثيراً بلقاء المتصدر، وكانت غلطة الشاطر بألف، وسبق أن تحدثنا قبل المباراة أن أهلي حلب عليه أن يغلق خطوطه الخلفية بقوة نظراً لوجود بعض الخلل ولعدم اكتساب كل لاعبيه الشباب الخبرة المطلوبة، لكن الأهلي فتح الملعب أمام فريق خطير فكانت المباراة كما يشاء، حيث صال وجال في المباراة وسجل وأمتع، على حين لم يقدم صاحب الأرض العرض المتوقع فخيّب آمال جمهوره الذي كان يعتبر الفوز على متصدر الدوري يعادل بطولة بحد ذاتها، ولعل هذه الضربة القاصمة تقوي ظهر أهلي حلب فيعتبر منها لغيرها من المباريات، الرهان على الشباب يجب ألا يتوقف عند الصدمات، وهذا يجب أن يكون في الحسبان، فالخسارة لها فوائد كثيرة ويجب أن يتبعها دراسة لهذه الأخطاء لمعالجتها، والأهم هو الاستمرار وعدم الوقوف أمام أذى خسارة واحدة، وعلينا أن نتخذ من حطين عبرة عندما كبا، نهض فوراً من كبوته، فلم يضيع آماله في الدوري وأحلامه في الكأس، والفتوة الضيف نال ما تمنى، وضرب ضربته الكبرى التي كانت بمنزلة الرسالة الواضحة لكل مطارديه من الفرق، أن الفتوة بخير وأنه ماضٍ نحو لقبه الثاني توالياً بكل جديّة وعزيمة وإصرار.
اعتراف لاعب
الكرامة تعادل مع الوحدة سلباً في حمص، النتيجة أحزنت الكرامة وأفرحت أبناء الوحدة على مبدأ نقطة قد تنجي من الهبوط وهي أفضل من خسارة، وربما كانت فرحة الوحدة مزدوجة لأن متأخريه من الفرق خسرا فتقدم نقطة عنهما هرباً من واقع أليم، وفي الحقيقة أن هذه النقطة غير سارة كثيراً لكنها أفضل من لا شيء.
ينظر عشاق البرتقالي إلى التعادل من منظار آخر بعيداً عن الحسابات التجارية، فالفريق بإمكانه الصمود، ويستطيع تحقيق نقلة نوعية، فالخسائر التي تلقاها كانت في معظمها لأخطاء دفاعية، وها هو اليوم قد أوصد كل منافذه أمام مستضيفه فنال ما تمنى، وهذه المباراة يمكن البناء عليها حتى يستقيم وضع الفريق ويخرج من عنق الزجاجة، ويبتعد عن الخطر.
الكرامة كان يتوقع أن يظفر بالنقاط ويعزز موقعه ويقترب من نادي الكبار، لكن حساباته لم تكن صحيحة فوقع في فخ التعادل، والأسباب عند أهل الدار وقد فسرها أحد اللاعبين في تصريح صحفي يلوم الإدارة التي ابتعدت عن الفريق، وحسب قول المدافع إبراهيم العبد الله، إن الإدارة بعيدة عن الفريق ولا نراها إلا عند الخسارة، وعندما حقق الفريق الفوز خارج أرضه على الفتوة بطل الدوري والمتصدر الحالي لم نر الإدارة ولم نسمع عنها شيئاً.
لذلك قد يكون أصاب بعض الإحباط اللاعبين، فالفريق بحاجة إلى دعم معنوي لكي يواصل سيره وتفوقه، فكما نحاسب عند الخلل، علينا أن نكافئ عند تحقيق نتيجة جيدة ومرضية، وقد يكون هذا الخلل موجوداً في كل الإدارات.
تصرف غير مقبول
فريق الجيش وإداراته مثال للالتزام والانضباط، لكن ما صدر عن جمهوره مؤخراً ليس مبرراً، وإذا عرف السبب بطل العجب، والذي يقود الجمهور على المدرجات غير ملتزم ومنضبط، وفي مباراة الفريق مع حطين كان عبر مكبر الصوت يعترض على الحكم ويشتم ويسب الحكم واتحاد الكرة ما أدى إلى أن الجمهور واكبه في الشتائم وهذا الأمر يسيء بالمطلق إلى النادي وفريقه وإداراته، وعلى إدارة النادي وهي حتماً لا تقبل بهذه التصرفات أن توقف هذه المهزلة حتى لا تتكرر الإساءات على المدرجات.
النادي سيدفع غرامة مالية جراء ما حدث وحتماً الغرامة ستكون كبيرة، لأن الفعل الذي أقدم عليه رئيس رابطة المشجعين ليس الأول من نوعه.
خسارة فريق الجيش أمام حطين ليست نهاية كرة القدم، ومن الأفضل دراسة هذه الخسارة من كل أسبابها وتفاصيلها الفنية والبدنية قبل أن نضع اللوم على الحكم وعلى اتحاد كرة القدم.
آخر الكلام
الخسارة التي تعرض لها فريقا الساحل والحرية يجب ألا تثني عزم الفريقين عن التمسك بالأمل ومواصلة الجهد والتعب، الباقي من الجولات سبع وقد يكون بصيص الأمل فيها، لذلك لا بأس مع الدوري، ويكفي الفريقين شرف المحاولة حتى الصافرة النهائية وعدم فقدان الأمل، ولكل مجتهد نصيب مع التذكير أن الخسارتين أطاحتا بمدرب الحرية والساحل فاستقالا من مهامهما، والإدارتان تبحثان عمن يقبل هذه المهمة الصعبة.