سورية

أكد في مقابلة مع الصحفي الروسي فلاديمير سولوفيوف أن إسرائيل دولة محتلة والفلسطيني يدافع عن نفسه … الرئيس الأسد: المصالح الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً وبعدها تأتي العلاقات الخارجية

| الوطن

أكد الرئيس بشار الأسد، في مقابلة مع الصحفي الروسي فلاديمير سولوفيوف أمس، أن إسرائيل معتدية، وتقتل الفلسطينيين لأنهم يدافعون عن أنفسهم ولا يوجد أدنى مبرر سابقاً ولا حالياً لاستخدام إسرائيل القوة ضد الفلسطينيين، بخلاف الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه، مشيراً إلى أنه لا يمكن الحديث عن غزة من دون الحديث عن الموضوع الفلسطيني، ولا يمكن الحديث عما حصل في الـ7 من تشرين الأول من دون أن نتحدث عما حصل في عام 1930 وما بعدها حتى اليوم لأنها حالة واحدة، فكل شيء يحصل في الحاضر، هو نتيجة للتاريخ.

وفيما يخص الانتخابات الرئاسية الروسية، أكد الرئيس الأسد أن روسيا هي دولة يتوقف اليوم مصير العالم عليها شئنا أم أبينا وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالحرب في أوكرانيا، مشيراً إلى أنه لو نظرنا لروسيا على أنها دولة تقف معنا في سورية بحربنا ضد الإرهاب فنحن نتأثر بهذا الموقف ولا نستطيع أن ننظر للوضع بروسيا على أنه شأن داخلي، وهذا شيء مؤكد، فبالنسبة لنا فإن وجود أو غياب الشخص الذي أخذ قرار الوقوف ضد الإرهاب في سورية، له تأثير كبير، وبكل تأكيد سنتأثر بكل تغيير، وبالتالي لا داعي للسؤال من هو الشخص المفضل في هذه الحالة.

وأضاف: «أما لو نظرنا إلى روسيا في إطار التوازن الدولي فأيضاً لا نستطيع أن نفصل دور روسيا عن قراراتها، فالقرارات التي أخذها الرئيس بوتين هي التي تعيد روسيا إلى الساحة الدولية، وهي بالنتيجة تعيد التوازن للساحة العالمية».

وأشار الرئيس الأسد إلى أنه عندما تتمسك بمصالحك الوطنية وبمبادئك فربما تدفع ثمناً وتتألم، وربما تخسر على المدى القريب، لكن على المدى البعيد سوف تربح، معتبراً أن تجارب الدروس الموجودة من خلال العلاقة مع أميركا، كلها نماذج تدل على أن العلاقة مع الغرب هي علاقة مؤقتة، فإذا قدمت للغرب كل ما يريد فهو سيستخدمك وسيدعمك، ولكن عندما ينتهي دورك سوف يلقي بك في سلة المهملات.

وأضاف: «الموضوع الوطني هو الذي يجمع الناس وهذا هو الدرس الأول، ألا تُبادل أو لا تتنازل عن مصالحك الوطنية مقابل دعم خارجي غربي ولا غير غربي، والمصالح الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً وبعدها تأتي العلاقات الخارجية»..

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

غزة جزء من الموضوع الفلسطيني

• نهاركم سعيد سيادة الرئيس وإنه لمن دواعي فخري أن أكون الآن في دمشق على هذه الأرض العظيمة وفي هذا البلد العظيم الذي اختار مصيره بحرّية، في منطقة تبدو أنها على أعتاب حرب قد تصل إلى نهاية نووية، ولكننا نعرف أيضاً أن الدول التي تستطيع استخدام السلاح النووي هي أميركا وإسرائيل، وأن إيران من الدول التي يمكن أن تستهدف في هجوم كهذا بالدرجة الأولى.

وفي السابع من تشرين الأول نتيجة لهجوم قُتل فيه عدد من الإسرائيليين، ورداً على هذا الهجوم بدأت إسرائيل بعملية عسكرية غير مسبوقة، هل من الممكن تبرير ما يحصل الآن في قطاع غزة بأنه نتيجة لما حدث في السابع من تشرين الأول؟ وأين هي حدود استخدام القوة؟ وما هي المبادئ التي يجب أن تتحكم بالدول عندما تدافع عن شعوبها ضد أي هجوم عليها؟

المبادئ الأخلاقية معروفة، والمبادئ القانونية أيضاً معروفة وهي واحدة، حيث يحق لك أن تستخدم القوة العسكرية للدفاع عن نفسك من عدو هاجم أراضيك أو سيهاجم أراضيك، أو يسعى بشكل أو بآخر لتحطيم وطنك ومصالحك بشكل من الأشكال ليس بالضرورة بالطريقة العسكرية المباشرة.

إذا تحدثنا عن حالة غزة فالفلسطيني أولاً ليس دولة تعتدي على دولة من الناحية القانونية، وليس شعباً آخر يأتي ليحتل دولة أو أراضي شعب آخر في دولة مجاورة، هو صاحب هذه الأرض، وهو الذي احتلت أرضه، وهو الذي يُقتل منذ نحو ثمانين عاماً تقريباً، فلا نستطيع أن نتحدث عن الوضع اليوم من دون أن نتحدث عن المشكلة عموماً، لا نستطيع أن نتحدث عن غزة وحدها، فهي جزء من الموضوع الفلسطيني، والموضوع الفلسطيني هو موضوع واحد، إسرائيل محتلة، إسرائيل معتدية، تقتل الفلسطينيين لأنهم يدافعون عن أنفسهم هذا هو بالمختصر، فلا يوجد أدنى مبرر لا سابقاً ولا حالياً لاستخدام إسرائيل القوة ضد الفلسطينيين، بخلاف الشعب الفلسطيني الذي يدافع عن نفسه، فهو يستطيع أن يستخدم القوة لكي يحمي أرواح أبنائه، على الرغم من أنه ليس دولة، هم مجموعات من المدنيين لديهم سلاح كمقاومة، ولكن لا يوجد لديهم لا دولة ولا جيش، فلا يمكن المقارنة بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني في هذه الحالة.

الحاضر هو نتيجة للتاريخ

• ولكن ومع كل ذلك، فإن الهجوم قد حدث، ومشاهد مقتل الأطفال والنساء موجودة، ولكن هل هذا الشيء يعتبر مسوغاً لهم لقتل الأطفال والنساء الفلسطينيين؟ هل يجب أن يسمح رئيس الدولة لنفسه بأن يقول: إن كل الشعب هناك مذنب، ولا أحد مستثنى.

لدينا لوحة فنية في هذه القاعة، لو أردنا أن ننظر إليها وتسألني ما هو رأيي بهذه الصورة، لا تستطيع أن تسألني وتقول لي كيف ترى الجزء العلوي من اللوحة، تستطيع أن تسألني عن اللوحة كاملة، فلا نستطيع أن نتحدث عن حدث بشكل منفصل، لأنه في هذه الحالة سيكون كلامنا غير موضوعي، هي شيء من كل، فالحديث عن جزء ليس له معنى، سواء ذهب باتجاه إيجابي أو باتجاه سلبي، لذلك لا نستطيع أن نتحدث عن غزة من دون أن نتحدث عن الموضوع الفلسطيني، لا نستطيع أن نتحدث عن حماس في غزة من دون أن نتحدث عن الشعب في غزة والشعب في فلسطين، لا نستطيع أن نتحدث عما حصل في الـ7 من تشرين الأول من دون أن نتحدث عما حصل في عام 1930 وما بعدها حتى اليوم لأنها حالة واحدة، سيأتي أي شخص من إسرائيل ويقول لك: لكن أنت تتحدث عن التاريخ، وهل ينفصل التاريخ عن الماضي؟ هل تستطيع أن تفصل الحرب في أوكرانيا عن التاريخ؟ هل تستطيع أن تفصل محاولات تطويق بلدك روسيا من الجنوب من دون أن تعود للتاريخ؟ هل هو منفصل عن التاريخ؟ كل شيء يحصل في الحاضر، هو نتيجة للتاريخ. فالحالة واحدة.

• أستميحكم عذراً عن السؤال الآتي ولكنني مجبر على طرحه، أحد المعلقين العرب قال: الروس وعددهم 150 مليون نسمة فقط لم يتخوفوا من الاصطدام مع الناتو من أجل حماية أرواح المواطنين الروس في أوكرانيا، أما نحن المسلمين فعددنا مليارات ولا نستطيع حماية إخوتنا التعساء في غزة.. هناك تصريحات بلا جدوى فقط من تركيا وعدد من الدول العربية.. فقط تصريحات حتى لم يكن هناك رد بحصار اقتصادي مثلاً، ولم تُتخذ أي خطوات للرد، فقط أنصار اللـه يحاولون التأثير ولكن لماذا تصمت الدول؟ ولماذا لا تتخذ الدول العربية خطوات مُنصفة وضرورية لوقف إراقة الدماء والذبح في غزة؟

هذه التقاليد العربية في السياسة على الأقل خلال أربعين عاماً، منذ أربعين عاماً نصدر بيانات فقط. وهناك أسباب كثيرة لهذه الحالة وهي تتعلق بالوضع العربي. فالوضع العربي سيئ ولا نستطيع أن نتحدث عنه كأنه وضع متماسك، فكل دولة عربية تعمل لوحدها، والدور الغربي في قرارات الدول العربية قوي، وهو دور موجود، وعليه فإن الضغط الغربي لصالح إسرائيل موجود في القرارات العربية.. وهذه حقيقة تعرفها كل الشعوب العربية، وأنا لا أقول لك سراً في هذه الحالة..

فإذاً لا نستطيع ونحن نقف مع الفلسطينيين أن نأمل كثيراً من الوضع العربي، ولو سألت هذا السؤال لأي فلسطيني في غزة الآن سيعطيك الجواب نفسه.. لماذا ذهب أهل غزة باتجاه الحرب؟ لأنهم يعرفون بأنه لا توجد دولة عربية أو غير عربية أو دولة مسلمة أو غير مسلمة، ستدافع عنهم، فكان لا بد من أن يدافعوا عن أنفسهم بأيديهم، فسؤالك هو فيه الجواب، الجواب موجود في السؤال وواضح.

الروايات الغربية تعتمد على الكذب

• الغرب يكذب دائماً، ونحن نرى ما يحدث الآن في أوكرانيا على أنه حرب مقدسة، فالشر كلُّه يقف ضدنا هناك، والشر هو كل ما يعارض ثقافتنا وديننا.

وفي هذا السياق، في عام 2017 اتهمكم الغرب الكاذب باستعمال الأسلحة الكيماوية، وعندما بدأت العملية العسكرية الروسية الخاصة حاول الغرب أن يخرق المفاوضات في إسطنبول واتهم روسيا بجرائم مخيفة في بوتشا، شعبنا لا يصدق هذا، وكذلك الشعب السوري لا يصدق أكاذيب الغرب ويخرج ليدعمكم، وكذلك شعبنا يدعم قائدنا العام.. فكيف نستطيع مقاومة الكذب الذي يأتي من كل مكان؟ وكيف نستطيع أن نحافظ على شعورنا الداخلي بالحقيقة والعدالة؟

هذا موضوع اجتماعي بالدرجة الأولى، قبل أن يكون موضوعاً سياسياً. وهذا يعتمد أولاً على مستوى الوعي الموجود في أي وطن من الأوطان. لنأخذ مثالاً في الغرب، الشعب في الغرب هو ليس شعباً سيئاً، ولكن وسائل الإعلام متحالفة مع السياسيين لكي يجعلوا هذا الشعب جاهلاً، لذلك يمكن أن يقولوا له أي شيء لكي يصدق أي شيء. أما في مناطقنا فالأمور مختلفة، أولاً نشر الحقيقة هام جداَ، ثانياً، الشفافية في طرح المواضيع من السياسيين والحكومات والعلاقة المباشرة بين الحكومات والشعوب بالنسبة لأي قضية من القضايا هامة أيضاً ، وكذلك مشاركة الشعوب في حل المشاكل التي تواجه أي وطن. فهذا يجعل الحالة الوطنية قوية. إضافة إلى معرفة التاريخ، وتعلُّم دروس التاريخ.

أنتم لديكم تاريخ عمره ثلاثة قرون من الصراع مع الغرب، دون أي سبب؟، فقط أنه ممنوع على روسيا أن تكون دولة قوية.

الغرب يريد أن يكون هو فقط قوي، وغير مسموح لروسيا أن تكون قوية، وهذا الكلام منذ أيام بطرس الأكبر. فمن السهل الآن على الأجيال الصاعدة أن يقولوا هذا تاريخ لا يعنينا، لا يهمنا ما الذي حصل في الماضي أيام الدولة السوفييتية، أو أيام الأباطرة وما قبل، حتى وصولنا إلى بطرس الأكبر. عندما ينسى الجيل الجديد هذا التاريخ فسوف ينسى بأن بلده مستهدف، وسيعيش في حالة راحة، وفجأة سيتمكن الغرب من الوصول إلى القضاء عليه، والقضاء عليه قد يكون من خلال الليبرالية الحديثة على سبيل المثال، والرئيس بوتين تحدث فيها أكثر من مرة.

الليبرالية الحديثة ليست فقط قضية أخلاقية، هي أبعد من ذلك، هي تستهدف تفكيك بنية المجتمع. فإذا كانت العائلة في روسيا سليمة، سيكون كل الوطن سليماً. ولكن إذا فككنا هذه العائلة فمن الصعب أن يبقى الوطن سليماً. إذاً، لماذا نذهب إلى الحرب، لماذا نتصارع في مجلس الأمن؟ نستطيع أن نفكك روسيا من الداخل. حصل هذا لديكم في التسعينيات، عندما اعتقد البعض أن مشكلة روسيا سببها الاشتراكية، أو الشيوعية. لا، المشكلة كان الأداء الخاطئ، فالاشتراكية والشيوعية موجودة في الصين، والصين وضعها جيد كبلد.

المشكلة إذاً ليست في المبدأ، لكن رد فعل الناس كان في ذلك الوقت ليس فيه وعي كامل، لأن الدولة لم تقم بدورها في بداية التسعينيات، وكانت النتيجة تفكك الاتحاد السوفييتي. الآن هذا درس مهم يجب أن نحلله، عندها وبهذه الحوارات نستطيع أن نواجه الروايات الغربية، لأنها تعتمد على الكذب، بينما نحن حواراتنا تعتمد على الحقيقة، والحقيقة أقوى من الكذب. الكذب مؤقت، أما الحقيقة فهي مستمرة.

قرارات الرئيس بوتين تعيد التوازن الدولي

• بعد فترة قريبة ستبدأ الانتخابات الرئاسية الروسية، إلى أي درجة ستؤثر هذه الانتخابات على مستقبل العالم وليس على روسيا فقط؟

نستطيع أن نبدأ بالجواب التقليدي لأي شخص رسمي عندما تسأله هذا السؤال، سيقول لك: هذا شأن روسي داخلي، ولكن ضمن هذا الشأن الداخلي يجب أن نسأل سؤالاً هاماً جداً، فروسيا اليوم بعد كل ما تحدثنا به هي دولة يتوقف مصير العالم عليها شئنا أم أبينا وهذا الأمر لا يتعلق فقط بالحرب في أوكرانيا، فهل تستطيع بلد تخوض حرباً مصيرية في أوكرانيا اليوم أن تكون جاهزة لتبديل الأشخاص، ومعها السياسات؟؟.

لدينا مثل باللغة العربية يقول: «لا يجوز أن تبدل أحصنتك خلال المعركة لأن المعركة بحاجة لاستمرارية وثبات» هذا سؤال يتعلق بالوضع الداخلي، وأعتقد من معرفتي بكثير من الروس أن الجواب بالنسبة لهم واضح، كل ما يخدم المعركة الآن هو الأولوية والرئيس بوتين هو جزء أساسي من هذه المعركة، فهو الذي اتخذ قرار هذه المعارك المتعددة، من جانب آخر لو نظرنا لروسيا على أنها دولة تقف معنا في سورية بحربنا ضد الإرهاب فنحن نتأثر بهذا الموقف ولا نستطيع أن ننظر للوضع بروسيا على أنه شأن داخلي، وهذا شيء مؤكد، فبالنسبة لنا الشخص الذي أخذ قرار الوقوف ضد الإرهاب في سورية فإن وجوده أو غيابه له تأثير كبير بالنسبة لنا وبكل تأكيد سنتأثر بكل تغيير ولا داعي لكي تسأل من هو الشخص المفضل في هذه الحالة.

أما لو نظرنا إلى روسيا في إطار التوازن الدولي فأيضاً لا نستطيع أن نفصل دور روسيا عن قراراتها. فالقرارات التي أخذها الرئيس بوتين هي التي تعيد روسيا إلى الساحة الدولية، وهي بالنتيجة تعيد التوازن الدولي للساحة العالمية.

هل لدى الروس خيارات أخرى مضمونة تعيد روسيا إلى مكانتها، وإلى قوتها، وإلى دورها ليس دورها أيام السوفييت وإنما دورها الأقوى من أيام الاتحاد السوفييتي، هل هناك ضمانات باستمرارية لهذا الدور، وهل هناك استعداد لخسارة ما تحقق في هذا المجال، أعتقد هذه الأسئلة كلها هي التي يجب أن تحدد كيف يفكر الكثير من الروس بالنسبة لهذه الانتخابات، مرة أخرى أعبر عن رأيي الشخصي كي لا يقول أحد إني أتدخل أو أحدد نيابة عن الشعب الروسي.

في الغرب يوجد مصالح آنية

• أنتم تتحدثون عن إقامة حوار جديد، مع من في الغرب نستطيع أن نتحاور؟ هل هناك سياسيون يجدر بنا التحدث إليهم في الغرب؟ لدينا بايدن الذي لا يتذكر ما هو اسمه، وهناك ترامب الذي يمزقه حقده على إيران، ولدينا أوروبيون لا يملكون أي مصالح وطنية فهم تنكروا للغتهم الأم مثل بوريل، شولتس، أورسولا فوندرلاين، فهم يتحدثون باللغة الإنكليزية علانية أكثر من تحدثهم باللغتين الألمانية والإسبانية، ولدينا بوريس جونسون الذي يكذب بخصوص كل شيء، ولا يحسن أن يرتب الأمور حتى على تسريحة شعره، وهناك ماكرون الذي لا يستطيع حتى الآن أن يحدد من هو نصف ديغول وثلث نابليون، فمع من سنتحدث؟ من هو مستعد لإعطاء وعد والالتزام به؟

إذا كنت تريد أن تبني علاقة مع شركة تجارية فلديك الموظفون والمديرون الفرعيون فيها، ولديك مدير الإدارة أو المدير التنفيذي، ولديك مجلس الإدارة الذي يمثل المالكين، بالنسبة للغرب وتحديداً الولايات المتحدة الرؤساء هم مديرون تنفيذيون ولكنهم ليسوا المالكين، فإذا تحدثت مع الرئيس سوف يعود لمجلس الإدارة لكي يأخذ الرأي والقرار أما الرؤساء الأوروبيون فهم مديرون فرعيون ينفذون ما يريده المدير الأكبر، ليس لهم قرار، سوف يقولون لك اسأل المدير، من هم أعضاء مجلس الإدارة الذين يمسكون بالقرار؟ هم الشركات الكبرى، فإذا أردت أن تتحدث عن السياسة أو بالسياسة فعليك أن تعود إلى هؤلاء، المشكلة مع هؤلاء أن مصلحتهم في الحروب، فإذا قلت لهم سنذهب للحرب فسيقولون لك هذا جيد سوف يأتينا بالأموال وهلم جرا أي شيء لا يخدم مصالحهم المادية ليس له قيمة لذلك في الغرب لا يوجد سياسة أنت تتحدث عن السياسة في الغرب يوجد مصالح آنية يومية مؤقتة، مصالح خاصة، مصالح مجموعات ضغط، وكلها تدور حول الأموال والنفوذ الشخصي، نأخذ مثالاً ترامب كان ضد الحروب عندما أتى رئيساً وكان يريد أن ينسحب من الشرق الأوسط وينسحب من سورية، ما الذي حصل؟ الذي حصل أنه قام بضربة صاروخية على سورية، لماذا؟ لأنهم هددوه وقالوا له إننا سنحاكمك لعدم الأهلية، وكانت النتيجة أنه ضرب سورية لكي يقدم لهم شهادة حسن سلوك، أو لكي يعطوه شهادة حسن سلوك بالأحرى، هكذا يدار الغرب، لذلك إذا أردت أن تتحدث عن سياسي مع سياسي، لا يوجد.

الرئيس بوتين تحدث معهم على مدى عشرين عاماً هل حصل على نتيجة؟ لا توجد نتيجة ولن يصل إلى نتيجة نحن نحاول أن نبني علاقات جيدة مع الغرب منذ خمسين عاماً وكان هناك مسؤولون جيدون عاقلون، البعض منهم لديه أخلاق ولكنهم لم يتمكنوا من فعل شيء لأن المنظومة السياسية عندهم هي منظومة بيع وشراء وليست منظومة مصالح مشتركة كما يقال هذا جانب، من جانب آخر لن يقبلوا بروسيا شريكاً فهم لا يقبلون بشركاء وأميركا لا تقبل بأوروبا شريكة، بريطانيا ليست شريكة ولا فرنسا ولا ألمانيا كل هذه الدول هي دول تتبع لأميركا، فإذا كانت أميركا لا تقبل بأوروبا شريكة وهم الحلفاء التقليديون هل ستقبل بروسيا؟ مستحيل فلذلك لن تصل لنتيجة هذا هو الجواب.

الدولار يفقد قيمته

• الأميركيون سيوجهون عقوبات ضد الرئيس الروسي، وكما أعرف أنكم أيضاً تحت عقوبات دول عديدة منذ سنوات عدة، انطلاقاً من خبرتكم ما الذي كنتم ستنصحون رئيسنا به؟ وكيف عليه أن يتصرف مع خطوات سياسية كهذه؟

السيد الرئيس «متهكماً»: ربما يكون لقائي المقبل مع الرئيس بوتين لكي نناقش فيه ماذا نفعل بأرصدتنا في المصارف الأميركية هي مشكلة كبيرة، الغرب مضحك وغبي أحياناً، لكن لاحظ ما يحصل، بدأ الحصار على كوبا منذ ستين عاماً وبدأ الحصار على سورية في عام 1979 وبالعام نفسه على إيران وبعدها على كوريا الشمالية واستمر يتوسع ويتوسع والآن الحصار على روسيا والحصار على الصين ويستمر الحصار، ما هي النتيجة بعد فترة سيكتشف الغرب بأنه هو المحاصر.

لأن الدول تتعامل مع بعضها، النتيجة أن الدولار يفقد قيمته ويفقد وزنه وهذا شيء جيد لذلك أنا أعتقد أن الحصار الغربي على الدول الأخرى يقوض ويضعِّف الدولار ويحقق مصالحنا على المدى البعيد، فأنا لا أراه سيئاً أراه أحمق من وجهة نظرنا، ولكن من الأفضل أن يستمروا به لأنه يخدم مصالحنا العالمية، ولا أقصد سورية وروسيا بل يخدم مصالح معظم العالم على المدى المتوسط، ليس بالضرورة البعيد، المتوسط والبعيد.

• لكن عندما تكون العقوبات شخصية ضد رئيس الدولة ما المعنى في هذا؟

هذه أمور رمزية ربما تعني الكثير بالنسبة للمواطنين في الغرب لأنهم صوروا على مدى عقود بأن الحياة بالنسبة لأي واحد في العالم يجب أن تنطلق من الغرب، الأكسجين من الغرب، فإذا قرر الغرب أن يحرمك من شيء فلا بد أنك ستموت وتصبح معزولاً إلخ، هكذا يتخيل ويتوهم الغرب، لا يعرف أن العالم تغير، فهم عندما يصدرون مثل هذه القرارات فإن هدفها بالدرجة الأولى قد يكون المواطن الغربي المسكين الذي لا يعرف ما الذي يحصل في العالم فهو يعتقد أن الرئيس بوتين اليوم يتعذب ولا ينام الليل بعد هذا القرار، وهذه هي الحقيقة هم ساذجون إلى درجة كبيرة ، وأنا أتحدث هنا عن المسؤولين طبعاً ولا أتحدث عن الشعوب.

زيلينيسكي مهرج

• إذاً عندما وجه زيلينيسكي عقوبات شخصية ضدكم هل انعكس هذا على نومكم الهانئ؟

السيد الرئيس «ضاحكاً»: أنا منذ ذلك الوقت أتعالج نفسياً على كل الأحوال.

• ولكن في كل الأحوال استطاع إضحاككم بهذا..

وهذا جيد، هو بالأساس مهرج، هذا دوره كان قبل الرئاسة، ونجح أكثر عندما أصبح رئيساً في هذا الجانب أي الكوميديا أكثر من كونه ممثلاً.

المصالح الوطنية أولاً

• هل تغير التعامل العالمي مع سورية.. العالم العربي أدار وجهه مجدداً إلى سورية، لأن سورية لم توافق على التنازلات، ولم تخن نفسها.. ما هو الدرس الذي يمكن استخلاصه من هذا الشيء؟

أول درس وهو قد يكون الدرس ربما الوحيد الكبير، -وهناك طبعاً دروس كثيرة-، ولكن عندما تتمسك بمصالحك الوطنية وبمبادئك فربما تدفع ثمناً وتتألم، وربما تخسر على المدى القريب، لكن على المدى البعيد سوف تربح. سوف تربح الوحدة الوطنية ولاحقاً لا بد أن تتغير الأحوال وتربح كل شيء تطمح إليه في وطنك، تجارب الدروس الموجودة من خلال العلاقة مع أميركا من شاه إيران إلى ما بعد، كلها نماذج تدل على أن العلاقة مع الغرب هي علاقة مؤقتة، فإذا قدمت للغرب كل ما يريد فهو سيستخدمك وسيدعمك، ولكن عندما ينتهي دورك سوف يلقي بك في سلة المهملات، انتهى دورك، هذا حصل مع شاه إيران وحصل مع كثير من الأسماء التي لا أريد أن أذكرها الآن في عدة دول لأنها ربما ستثير حساسيةً، البعض منها في دول عربية لأشخاص وقفوا مع أميركا في كل مفصل وعندما احتاجوا أميركا لم تقف معهم، بكل بساطة هذا هو الغرب، فالغرب لا يستخدم الأخلاق في حين أنت عندما تقف مع مصالحك الوطنية فالشعب سيقدر هذا الشيء ولو كان مختلفاً معك بالسياسات، فأنا لا أعتقد أن كل الناس تقف مع الرئيس بوتين اليوم ولكن يقدرون مواقفه الوطنية، لا يستطيعون أن ينكروا هذه الحقيقة، فالخلاف حول التفاصيل شيء والخلاف حول الموضوع الوطني شيء آخر، الموضوع الوطني هو الذي يجمع الناس هذا هو الدرس الأول لا تبادل أو لا تتنازل عن مصالحك الوطنية مقابل دعم خارجي غربي ولا غير غربي، المصالح الوطنية أولاً وثانياً وثالثاً وعاشراً وبعدها تأتي العلاقات الخارجية هذا هو الدرس.

الديمقراطية الغربية ملخصة بصندوق الاقتراع

• وصفوكم بأنكم ديكتاتور وطاغية كما وصفوا أيضاً فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ، وكذلك القيادة الإيرانية والقيادة الكورية. في حين هم في أوروبا وأميركا ديمقراطيون.. أنتم تقولون يجب علينا سماع الشعب، وفي الوقت نفسه هم يقولون يجب الإنصات لهم.. من هو الطاغية الآن؟ وكيف نحدد أن قادة البلد طغاة أم خدم للشعوب؟

بالنسبة للدول الغربية باعتبار أنه نظام رأسمالي ورأسمالي متوحش فالدولة موجودة لخدمة الشركات، والشركات توظف المواطنين، ولكن الدولة ليست موجودة لخدمة المواطنين بشكل مباشرة، وإنما عبر مصالح الشركات وأنت تعرف بأنه خلال العقود الأخيرة، الطبقة الوسطى في الغرب بدأت تصبح صغيرة جداً لمصلحة الشركات الكبرى والأغنياء الكبار في الغرب، فلذلك بالنسبة لهم هذا المواطن له حق وحيد هو أن يذهب إلى صندوق الاقتراع، هذه هي الديمقراطية، الديموقراطية الغربية ملخصة بصندوق الاقتراع، أي شيء آخر ليس له قيمة، كم مظاهرة خرجت في العالم الغربي ضد الحرب على العراق منذ عشرين عاماً؟ كم مظاهرة خرجت في الأشهر الأخيرة دعماً للفلسطينيين؟ هل تُغير هذه المظاهرات أي شيء من السياسة؟ لا تغير، أنت تسطيع أن تقول ما تريد ولكن بالانتخابات نحن بشكل غير مباشر، سنقول لك من تنتخب، أولاً الخيارات نفسها، لا يوجد لديك خيارات كثيرة، ثانياً الإعلام مع الشخصيات المشهورة ستؤدي دوراً مخططاً لها وأنت ستنتخب كما تريد،

لكن بالنسبة لموضوع الديكتاتورية والديمقراطية لا يمكن لدول قتلت عشرات الملايين بعد الحرب العالمية الثانية، وأنا لا أتحدث عن الحرب العالمية، بل من الحرب الكورية حتى اليوم عشرات الملايين من المواطنين أو الأبرياء قتلوا في العالم بسبب السياسات الغربية وبشكل مقصود..

هجموا واحتلوا العراق فأفغانستان وليبيا وسورية وغيرها من الدول، فهل يحق لهؤلاء أن يتحدثوا بالديمقراطية أو بحقوق الإنسان؟ أو بالقانون الدولي أو بالأخلاق؟

فإذا سمعت تقييماً من هؤلاء فهذا التقييم بالنسبة لي لا يختلف عن شخص لص في الشارع يأتيني ويشتمني، فأرد وأقول له لا قيمة لكلامك، الحقيقة أن كلام المسؤولين الغربيين ليس له قيمة، لم يعد له قيمة، لذلك علينا ألا نضيع وقتنا في تقييمهم فهم أقل من أن يقولوا من هو جيد ومن هو سيئ.

الرؤساء الأميركيون متشابهون

• أعيد عليكم السؤال الذي طرحه الصحفي تاكر كارلسون على بوتين.. بايدن أم ترامب؟

الشكل الإعلامي والإحصائيات تقول إن ترامب سيفوز، أما بالنسبة لنا دائماً نقول الرؤساء الأميركيون متشابهون، كما قلت لك قبل قليل كلاهما مدير تنفيذي، ولا واحد منهما يصنع السياسة، علينا أن نسأل من هو صانع السياسة الحقيقي الذي يعمل خلف ستار الذي سيفوز، هو نفسه، اللوبيات والإعلام والمال -أقصد المصارف-، والسلاح والنفط، فهؤلاء هم الذين سيفوزون بكل الأحوال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن