قضايا وآراء

غرق «روبيمار» وجدوى «حارس الازدهار»؟

| هديل محي الدين علي

يبدو أن كل ما يفعله العدو الصهيوني من هجمات وحشية وعدوان همجي على غزة لم يستطع تدمير قدرات المقاومة الفلسطينية في غزة، بل على العكس تماماً القدرات القتالية تزداد قوة من حيث التكتيك المستخدم ونوعية السلاح، وهو أمر نستطيع تأكيده من خلال ما تعكسه التقارير الإسرائيلية المسربة وما تعرضه وسائل إعلام العدو وفق محلليها العسكريين وخبرائها، الذين تيقنوا من استحالة إحداث تأثير قاتل بالمعنى الكلي على قدرات المقاومة في غزة تحديداً.

بالمقابل وعلى الرغم من تباين الجغرافيا العسكرية والأطراف المتحاربة وقدراتها العسكرية، فإن ما يجري في ساحة البحر الأحمر القريبة من فلسطين المحتلة عقائدياً، يشابه تماماً ما يجري في غزة، وخاصة في نقاط محددة، أبرزها عدم قدرة ما يسمى مهمة «حارس الازدهار»، التي تنفذها القوات الأميركية والبريطانية، على إحداث تأثير حقيقي في قدرات القوات المسلحة اليمنية، على الرغم من كل التفوق التكنولوجي والعددي والنوعي لواشنطن ولندن على صنعاء، وعدم القدرة على فرض الإرادات الغربية على اليمن، بل العكس تماماً هناك رسم حدود متطلبات أساسية تتعلق بالقضية الفلسطينية، لا تختلف عن الخطوط التي رسمها حزب اللـه في شمال الأراضي المحتلة.

وما يثبت صحة وجهة النظر السابقة هو ما حققته القوات اليمنية من إنجازات نوعية، تمثلت باستهداف السفينة «روبيمار» المملوكة لشركة بريطانية وغرقها بعد تعرضها لهجوم بصاروخ باليستي مضاد للسفن أطلقه اليمنيون، لتبدأ تساؤلات غربية وإقليمية بشأن جدوى مهمة «حارس الازدهار»، التي ينصب تركيزها على مواجهة «التحديات الأمنية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن»، خاصة أن الضربات الأميركية- البريطانية لأهداف داخل اليمن لم تتوقف، يوازيها استمرار القوات اليمنية بالهجوم على سفن الشحن التجارية في جنوب البحر الأحمر، المتجهة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، ما دفع الكثير من السفن إلى تغيير مسارها عبر رأس الرجاء الصالح ما زاد من الوقت والتكاليف.

إعلان واشنطن عن استمرار عملياتها العسكرية في البحر الأحمر ضد اليمن، وعدم اعترافها بأحقية المطالب الدولية بضرورة إيقاف العدوان الإسرائيلي على غزة، قوبل بردّ يمني على لسان زعيم جماعة أنصار اللـه في اليمن عبد الملك الحوثي، مضمونه أن العمليات العسكرية في البحر الأحمر ستتضمن «مفاجآت عسكرية».

في غزة تواجه إسرائيل ضغوطاً كبيرة على كل المستويات، عسكرياً وسياسياً داخلياً وخارجياً، إضافة إلى الشلل الاقتصادي والعبء المالي، كذلك تواجه واشنطن تلك الضغوط التي تزداد عليها، خاصة أن واقعة غرق السفينة «روبيمار»، أثارت المخاوف من مستقبل الهجمات، بعد أن قال مدير مكتب منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو»: إن الوضع في باب المندب والبحر الأحمر سيؤثر في تجارة الأغذية ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار، حيث تضاعفت تكلفة شحن السفن التي تسير على هذا الطريق أربع مرات تقريباً، وانخفض نقل البضائع بنسبة 30 بالمئة، موضحاً أن أكبر شركات النقل البحري في العالم «رفضت تسليم البضائع عبر البحر الأحمر»، مشيراً إلى أن ذلك عطل السلاسل اللوجستية القائمة، وأجبر أصحاب البضائع على استخدام طريق ملتوٍ يبلغ طوله 8 آلاف كيلومتر ويمتد من 10 إلى 14 يوماً، إضافة إلى أن تكلفة شراء الوقود الإضافي تزيد التكاليف بمعدل 15 بالمئة أخرى، ناهيك عن الكوارث البيئية التي بدأت بعد غرق السفينة «روبيمار»، خاصة بعد أن قالت القيادة المركزية الأميركية: إن ما يقرب من 21 ألف طن متري من سماد كبريتات فوسفات الأمونيوم التي كانت تحملها السفينة، تمثل خطراً بيئياً في البحر الأحمر.

الوقت ليس في مصلحة الغرب المتوحش الذي تقوده واشنطن وحليفتها إسرائيل، خاصة مع ضغوط باتت تضيّق الحلقة على رقاب الرؤوس الحامية في الإدارة الأميركية، مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وأولهم الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي سيضطر للتضحية برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو عاجلاً أم آجلاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن