قضايا وآراء

الصين وتايوان.. العودة إلى «مربع المواجهة»…!

| كوثر أبو عساف

منذ أن بدأت التحضيرات للانتخابات المحلية في تايوان منتصف العام الفائت، تبدت الكثير من العلامات التي تشير إلى ازدياد حالة التوتر في العلاقات بين تايوان والصين. ولاسيما فيما يتعلق بالتمسك بـ«مبدأ الصين الواحدة». ولعل التصريحات الاستفزازية التي أطلقت في إعقاب إعلان فوز مرشحة المعارضة (تساي إنج – ون) زعيمة الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض – وهي أول امرأة تفوز بالرئاسة في الجزيرة – بحصولها على 60 % من الأصوات مقابل 30 % من الأصوات لحزب (الكومينتانج) الحاكم.. كانت بمنزلة نزع للصاعق المهيأ للانفجار.. فهي من جهة ضربت بسياسة سلفها (حزب الكومينتانج) الرامية إلى تخفيف التوتر مع الصين وإقامة علاقات اقتصادية متينة معها بعرض الحائط، مستغلة في الوقت نفسه ارتياب قسم كبير من الناخبين من هذا العملاق الصيني ومن شبح الركود الاقتصادي الذي يكاد يخيم على الإقليم تحت ذريعة سعي بكين للاستحواذ على تايوان. ومن جهة أخرى محاولتها الانحراف والتجاوز بل القفز فوق توافق (1992) وهو الاتفاق المبرم بين تايوان والبر الرئيسي الصيني والقائم على التمسك بمبدأ «الصين الواحدة» الأمر الذي سارعت الصين إلى التحذير منه وذلك قبل إعلان الفائز في الانتخابات لاختيار زعيم جديد لتايوان معلنة أنه من دون الأساس السياسي المشترك لتوافق( 1992) ستنهار الثقة المتبادلة والتشاور المؤسسي المبني على ذلك الأساس فالتنمية السلمية بحسب بكين للعلاقات عبر المضيق ( الفاصل بين الصين وتايوان) تقوم على التمسك بتوافق (1992) ومعارضة استقلال تايوان. وقد توصلت جمعية العلاقات عبر مضيق تايون في البر الرئيسي الصيني ومؤسسة التبادل عبر المضيق في تايوان إلى توافق في تشرين الثاني (1992) في هونغ كونغ بعد توقف في المحادثات بين الجانبين دام قرابة 10 سنوات.
التلويح مجدداً بتجاوز الاتفاق (1992) والذي وصف بالمهم جداً رغم بساطته دليل واضح على أن نية انفصال تايوان عن الصين لا تزال قائمة على الرغم من الاتفاقيات التجارية والاقتصادية والسياحية الموقعة بين الجانبين وقد ترفع هذه الورقة بوجه الصين عند اللزوم. ما يعني أن إسدال الستارة على القطيعة بين بكين وتايوان لم يعد مقنعا بل هو مجرد وهم… فلا عمق الروابط التي بلغت ذروتها في تشرين الثاني من العام المنصرم خلال القمة التاريخية الأولى التي جمعت البلدين منذ الانفصال الذي حصل قبل 66 عاماً قد ساهم في ردم فجوة الانفصال، ولا تمتين العلاقات الاقتصادية التي سعت إليه بكين كخطوة أولى لإعادة الإقليم إلى الوطن الأم الصين كان له نفع في ظل القناعة الكاملة لدى التايوانيين بأن الاعتماد على اقتصاد بكين سيفقد الجزيرة هويتها وسيادتها. وبالمقابل فإن الصين وإن كانت صاحبة مبدأ الأبواب المفتوحة في سياستها إلا أنها لا تزال تعتبر تايوان التي توجد قبالة سواحلها جزءا لا يتجزأ من أراضيها وستواصل السعي من أجل إعادة توحيد ها مع الوطن الأم تحت «مبدأ الصين الواحدة»… فهل سنشهد مواجهة حقيقية بين الجانبين أو أن اتفاقات أخرى ستجد لها طريقا للتوقيع.؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن