قضايا وآراء

الخطة الأميركية لمرفأ في ساحل القطاع وأهدافه الخفية

| تحسين حلبي

عند تحليل طبيعة ومضاعفات الأهداف الأميركية من المشروع الذي طرحه الرئيس الأميركي جو بايدين في خطابه الأخير قبل أيام حول خطته لبناء مرفأ بحري مؤقت على ساحل قطاع غزة وبالسرعة القصوى لنقل المساعدات الغذائية لسكان قطاع غزة، لا بد من التطرق للأسئلة التالية:

1- أليست الولايات المتحدة قادرة على توجيه أوامر للحكومة الإسرائيلية بوقف النار لكي يتسنى توزيع المساعدات بالشكل المفيد والصادق بوساطة مبعوثين وموظفين من الأمم المتحدة عبر حدود رفح مع مصر على أكثر من مليونين من الفلسطينيين هناك وعدم طرح هذا المشروع؟ فأعمال توزيع المساعدات الخارجية للغذاء والدواء ستستغرق بشكل يومي ليس أقل من عدة سنوات متواصلة.

2- أليست إسرائيل هي الطرف الوحيد الذي سيوافق وينسق ويشرف وحده على تأمين كل متطلبات هذا المشروع اللوجستية عند ذلك الساحل الفلسطيني ويتحكم بإدخال هذه المساعدات وتوزيعها كما يشاء؟

3- وهل ستسمح واشنطن وتل أبيب بأن تتولى وسائط النقل المحلية الفلسطينية المطلوبة من شاحنات وعربات وسائقين مهمة التوزيع؟ ثم ألم تمنع إسرائيل إدخال كل المساعدات من معبر رفح بحجة أنها لا ترغب في انتقالها لعناصر فصائل المقاومة وخاصة لحماس وما بقي من حكومتها وسلطاتها الفلسطينية؟

4- هل تسعى واشنطن وتل أبيب إلى تحويل هذا المرفأ الذي ستتولى إدارته واشنطن من قطعها البحرية إلى وسيلة ابتزاز لتهجير الفلسطينيين وإخراج أكبر عدد منهم خارج وطنهم وخاصة بعد أن أحبط الفلسطينيون ومصر خطة تهجيرهم عبر حدود مصر ومعابرها مع القطاع، فتل أبيب وواشنطن أعدتا هذا المشروع الذي لا يشرف على استخدامه سواهما عبر ساحل البحر والقطع البحرية الأميركية لتنفيذ عملية تهجير قسرية تدريجية يتولى جيش الاحتلال الإشراف عليها باتفاق مشترك مع واشنطن؟

لا أحد يمكنه الاعتقاد بأن الولايات المتحدة تريد من هذا المشروع تقديم المساعدات للفلسطينيين لدعم بقائهم في قطاع غزة لأن بقاءهم وصمودهم واستمرار وجودهم سيشكل أحد مظاهر الانتصار على مخطط إبادة شعب وتصفية قضيته، ولا شك أن طموحهم لإعادة بناء بيوتهم وأحيائهم سيعد انتصاراً آخر يؤكد وحدتهم في كل الأراضي المحتلة وأهدافهم المشتركة لبناء دولتهم الوطنية ومستقبلهم فوق أراضيها، فالولايات المتحدة تجد بعد خمسة أشهر من عجز الكيان الإسرائيلي عن تحقيق أهدافه بتهجير الفلسطينيين أن ضرورة حماية الأهداف التوسعية لإسرائيل بدأت تتطلب منها التدخل المباشر واليومي والتفصيلي لتخليصه من كل المضاعفات السلبية الضخمة التي ولدتها عملية طوفان الأقصى على مستقبل الكيان ولمنع تزايد عوامل ضعفه وانهيار الثقة بقدراته العسكرية.

لقد أصبح الكيان بعد هذه الحرب غير المسبوقة بنتائجها الكارثية على مستقبله وشرعية وجوده، عند كل شعوب العالم قوة احتلال استيطانية عسكرية، ونظاما تفرض فيه حكومة تمثل ستة ملايين ونصف المليون من اليهود المستوطنين، عنصرية صارخة ضد ما يزيد على سبعة ملايين من الفلسطينيين أصحاب الأرض داخل كل أراضي فلسطين المحتلة منذ عام 1948 وعام 1967، وقد شاهدت كل شعوب العالم أن جيش الاحتلال حتى حين تولى الإشراف على توزيع مساعدات الطحين قبل أسبوع قام بقتل أكثر من 120 من الفلسطينيين وزعم أنهم قتلوا بسبب التدافع أثناء استلام أكياس الطحين رغم أن الطلقات النارية ظلت في صدورهم وأجسادهم شاهداً على جريمته، وأكد هذه الحقيقة الموظفون التابعون للأمم المتحدة والأطباء الذين تولوا معالجة الجرحى، ويؤكد معظم المحللين السياسيين في الصحف الأميركية والبريطانية مثل «نيويوركر» و«الغارديان» بأن الجيش الإسرائيلي لا يمكن أن يضمنه أحد في توزيع المساعدات، وفي النهاية لا يمكن الاعتقاد بأن واشنطن ستدين أو تنتقد الجيش الإسرائيلي إذا ما تبين بعد وصول المساعدات عبر المشروع البحري الأميركي في ساحل القطاع أنه قتل عدداً من الفلسطينيين أو قرر استخدام مشروع المرفأ لترحيل الفلسطينيين عبر البحر بتواطؤ أميركي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن