لعل أصل الحكاية في مفهوم الأمن الغذائي أنه يستند إلى أعمدة أساسية في مقدمتها الوسائل والأمن والأمان وإنتاج أو شراء الأغذية التي نحتاجها، فالحصول على الغذاء يشمل الكثير من الخطوات، وعلينا أن نفهم من أين يجب أن يكون غذاؤنا ونحقق أمننا الغذائي بأيدينا، ولا شك أن المواطن السوري أصبح يدرك التداعيات والمنعكسات السلبية للحرب على سورية والحصار الجائر وتأثيره في الاقتصاد الوطني، وقد عانى الجميع بشكل خاص من الحياة المعيشية الصعبة. والأمر الذي تسبب في تفاقم الوضع هو تخريب حقول وخطوط نقل النفط والمشتقات ما كرس نقصاً في العائد الأساسي الناجم عن تصدير النفط والتخريب الممنهج للمرافق الخدمية من كهرباء وصحة واتصالات ونقل وتدمير المصانع الأساسية التي تصنع السلع والمنتجات المهمة والأساسية. كل ذلك أفرز مجموعة من التحديات التي كان لها الأثر السلبي المباشر في الوضع الاقتصادي وتراجع الأداء والتأثير في مستوى معيشة المواطنين.
لذلك فمن الطبيعي أن نشهد تغييرات على مستوى الفقر والاحتياجات الإنسانية والحالة الصحية العامة والخدمات العامة كلها، ومن الطبيعي أن تؤدي هذه الحرب العدوانية وتداعياتها إلى تزايد معدلات الفقر نتيجة توقف عدد كبير من المنشآت الاقتصادية عن العمل وتوقف معظم المشاريع التي كانت تقوم بها الدولة لتحسين الواقع المعيشي، إضافة إلى تزايد أعداد المهجرين داخلياً وخارجياً وتخلخل التوزع السكاني وفقدان مصادر العيش وخاصة الزراعية بفعل ما تقوم به المجموعات الإرهابية المسلحة. إزاء ما تقدم عندما يكون التفكير بالخطوة الأولى لمواجهة هذا الواقع، فإن المسألة الأولى التي تتصدر أولويات العمل هي الزراعة لأن أكثر من 60 بالمئة هو مجتمع يعتمد على الزراعة، فالزراعة تمتص أيادي عاملة كثيرة، كما أن الاهتمام بالزراعة مجال مباشر للتعامل مع قضية البطالة، ولكن لا نستطيع أن نتحدث عن الزراعة فقط أرض ومطر وخدمات زراعية، ولا يمكن للمزارع أن يعيش في هذه الأرض، ولا توجد خدمات أخرى محيطة بها متعلقة بحياته اليومية من التعليم إلى الطرق إلى الخدمات الأخرى المطلوبة، وهذا يمكن أن يتحقق من خلال زراعة الأرض بالعلم أولاً قبل زراعتها بالأشجار والمحاصيل الأخرى لتكون الزراعة خندق مواجهة متيناً.