من دفتر الوطن

فضائح قديمة!

| عصام داري

تقوم بعض الدول عن طريق أجهزة الأمن ووزارات الخارجية على وجه الخصوص، بالكشف عن بعض الأسرار التي لا تعرض أمن الدولة للخطر.

وأنا بعد نصف قرن أمضيته في الإعلام، أرى أن من حقي الكشف عن بعض الأسرار والمواقف والحالات التي كنت شاهداً عليها.

وأعدكم بألا أخوض في قضايا خطيرة لأنني سأكون أول من يدفع الثمن، وسأكتفي ببعض الفضائح التي تخصّ الإعلام والإعلاميين.

أول فضيحة كنت شاهد عيان عليها قيام صحفي لم يحالفه الحظ في الدراسة ولم ينجح في امتحان الشهادة الثانوية ثلاث سنوات متتالية، راسل بعض الصحف العربية، والخليجية بشكل خاص مدعياً أنه الدكتور فلان!.

وعندما واجهته بالأمر أنكر في البداية مبرراً ذلك بخطأ من الجهة الناشرة فهو كان يضع حرف الميم على المغلف الذي يرسل فيه المقالات فظنوا أنه حرف الدال الذي يسبق الاسم ويعني الدكتور، بأن اعترف صراحة قائلاً: يا أخي الفرق بين الدال والاسم المجرد مئة دولار.. هل أترك المئة دولار تهرب مني؟.

سألت صحفياً آخر: ما قصة ناسك الشخروب؟ وكيف وصلت إليه؟

وناسك الشخروب هو الأديب والمفكر اللبناني الكبير ميخائيل نعيمة الذي عاد من المهجر ليستقر في بلدته بسكنتا، ويقيم عرزالاً على تلة خارجها اسمها الشخروب فأُطلق عليه لقب ناسك الشخروب لأنه في ذلك العرزال اعتزل الناس وتفرغ للكتابة والقراءة والتأمل.

نعود إلى صاحبنا «الصحفي» فأظهر استغرابه من سؤالي وقال: وما به ناسك الشخروب؟. وهل من الصعب الوصول إليه؟. أليس الموضوع جميلاً؟

والقصة أن هذا المخلوق قرأ حواراً شيقاً من ميخائيل نعيمة في الشخروب أجرته معه صحفية وهي شاعرة أصلاً ونشرته في مجلة لبنانية واسعة الانتشار، فأعجبه ما دعاه إلى نقله حرفياً وإرساله إلى إحدى الصحف الأردنية على أساس أنه هو الذي تكبد عناء السفر إلى لبنان وإجراء الحوار مع الأديب الكبير.

هنا قلت له: الموضوع جميل جداً، لكن لا علاقة لك به، كيف تجرؤ على نسب حوار أجرته الصحفية فلانة إلى نفسك؟ ألم تخشَ أن تنكشف أمام الناس، وأمام الصحيفة التي تراسلها قبل كل شيء، فقال ضاحكاً وبمنتهى الاستخفاف وعلى طريقة دريد لحام في مسرحية غربة: حط بالخرج.. ليش مين عم يقرأ!

الفضيحة الثالثة بطلتها صحفية كانت في بداية مشوارها في الإعلام، فقد جاءتني تشتكي من صحفي يعمل في مؤسسة أخرى لأنه -حسب زعمها- سرق تحقيقاً احتل صفحة كاملة ونسبه لنفسه، وهي تريد أن ترد عليه على صفحات جريدتنا. قلت لها: تريثي قليلاً.

بعد العودة إلى الموضوع المنشور والبحث في محركات البحث عنه وجدت أنه منشور باسم الصحفي قبل أن تلطشه صحفيتنا الهمامة بثلاثة أشهر، فاستغربت هذه الوقاحة فمنعتها من النشر لمدة شهر على الأقل، والتأكد من مصادرها عندما تعود إلى الكتابة.

الفضيحة الأخيرة كان بطلها مراسل إحدى الصحف الخليجية الذي لطش موضوعاً كتبته أنا عن الباحثة الموسيقية الدكتورة وجيهة عبد الحق صاحبة اختراع «قيثارة دمشق» ونشره باسمه من دون تغيير.

باختصار: ما أريد قوله إن اللصوص موجودون في حياتنا بكل الأشكال والصور والطبقات، فالطبقة المثقفة تم اختراقها بسهولة فأصبحت الساحة الثقافية تعج بالشعراء والأدباء الذين استسهلوا عملية اللطش والسرقة في وضح النهار، والسبب: حط بالخرج.. ليش مين عم يقرأ؟.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن