الاستثمار الدرامي سريع العائدية … 310 مليارات ليرة تكلفة المسلسلات السورية هذا العام
| وائل العدس
تعيش الدراما السورية حالة من الانتعاش مع اتساع رقعة العروض الرمضانية عبر 36 قناة ومنصة محلية وعربية، هي الأكثر أهمية ومتابعة.
فبعد سنوات من المقاطعة العربية لإنتاجاتنا الدرامية، بدأ عصر الانفتاح تزامناً مع الانتصارات السياسية والعسكرية التي تحققها الدولة السورية، لتنفض درامانا الغبار عن أزمة حادة عاشتها وتعلن دخولها مرحلة جديدة تتسم بالنهوض وإعادة الألق واستعادة الزمن الجميل.
الدراما التي تعد إحدى الصناعات الثقيلة في سورية لم تتوقف يوماً رغم تكاليفها الباهظة مع دخولنا الأزمة الاقتصادية التي نعيشها منذ اندلاع الحرب الإرهابية علينا عام 2011.
وتمتلك شركات الإنتاج السورية خبرة طويلة، لذا فهي تعرف كيف تصرف وتتصرف لتخطي الصعوبات والظروف غير الاعتيادية، لأنها تمتلك العنصر الأهم في الدورة الإنتاجية وهو الكوادر الفنية المحترفة.
310 مليارات
خلال سنوات مضت، حضرت الدراما السورية بزخم كبير على الساحة العربية، مصطحبة معها الحياة السورية بعاداتها وتقاليدها، سماتها الاقتصادية وحركتها الثقافية، وإذا كان عدد المسلسلات الدرامية السورية المنتجة سنوياً يمكن أن يؤشر إلى طبيعة الحراك الثقافي والفني، إلا أنه من جانب آخر يشير بوضوح إلى حجم التفاعل الاقتصادي الذي يتم سواء لجهة الاستثمارات الموظفة لإنتاج هذا العدد، أم عدد فرص العمل التي يوفرها.
في سنوات الحرب، تفوقت بعض الأعمال العربية على مسلسلاتنا بسبب فارق الإمكانيات المادية، وخاصة في البلدان البعيدة عن الحروب والأزمات، الأمر الذي دعا البعض إلى توقع غير منطقي يفيد بأن الدراما السورية بدأت بالاندثار.
ولأن درامانا قوية ومستندة إلى أساسات متينة، فقد فاجأت الكثيرين ولم تتوقف عجلتها أبداً، بل تأثرت فقط بعدد الأعمال المنتجة بسبب الضائقة المالية التي تعيشها سورية بسبب الحصار الاقتصادي المفروض عليها.
وخلال الموسم الدرامي الماضي، وصلت تكلفة إنتاج المسلسلات السورية إلى أرقام قياسية تبدو غير متوقعة للوهلة الأولى، لكنها توضح نسبة التعافي الكبير الذي بدأ يظهر جلياً كماً ونوعاً على مسلسلاتنا.
الدراما السورية صرفت هذا العام فقط مبلغ 310 مليارات ليرة سورية توزعت على 26 مسلسلاً طويلاً وقصيراً، مع تفاوت كبير بين مسلسل وآخر.
ومع تسويق معظم هذه الأعمال في السوق العربية، فإن هذا المبلغ قد عاد إلى جيوب المنتجين مع نسب ربح ليست بالقليلة، خاصة مع الكم الكبير من الإعلانات التجارية التي ترافق المسلسلات السورية والتي تعود فائدتها إلى أصحاب القنوات الفضائية، ليعم الربح على الجميع، على اعتبار أن رمضان شهر ذروة العمل الإعلاني والإنتاجي الدرامي، وبالتالي تخصص له ميزانيات خاصة.
هذه الأعمال التي كلفت الكثير تكمن أهميتها بأنها أمنت آلاف فرص العمل للممثلين والكتّاب والمخرجين والفنيين والإداريين.
دلالات مهمة
حمل الرقم السابق عدة دلالات مهمة على الصعيد الاقتصادي، فإلى جانب الشريحة الاجتماعية الواسعة التي أصبحت تعتاش على هذا العمل، يتجاوز الرقم المباشر والموظف خلال فترة لا تزيد على أشهر عدة معظم الخطط الاستثمارية للكثير من القطاعات الاقتصادية مع ملاحظة إمكانية تضاعف الرقم بشكل كبير إذا ما اتخذت إجراءات محددة تنظم من آليات هذا الاستثمار، منها إنشاء جهة تسويقية على مستوى من الخبرة والحرفية تتولى تسويق الدراما السورية، إذ إن التسويق القائم حالياً عبارة عن تسويق فردي ارتجالي، يدفع أحياناً بالشركات الصغيرة إلى بيع أعمالها بأسعار زهيدة ما يحرج الشركات الأخرى أمام المحطات الفضائية.
وهنالك فكرة طرحت سابقاً في أكثر من مناسبة بأن يناط بإحدى الجهات إحداث شركة متخصصة بتسويق الأعمال الدرامية السورية، يناط بها مسؤولية التسويق عوضاً عن قيام المنتج بذلك لتغدو الشركة هي من يتحكم بالمحطات الفضائية وليس العكس.
عائدية سريعة
يتميز الاستثمار في صناعة الدراما أنه سريع العائدية لجهة الرأسمال والإيرادات المحققة، كما أنه يصنع الشهرة، لذلك فنجاح هذا الاستثمار سيفتح الباب لمزيد من التدفقات الاستثمارية، وهذا ما حصل اليوم في الدراما السورية، فقد شهد هذا العام دخول شركات وقنوات عربية في مجال الاستثمار الدرامي، مثل مسلسل «تاج» الذي أنتجته شركة لبنانية، ومسلسل «العربجي» الذي أنتجته قناة سعودية، والعملان نفذا بدمشق عبر شركتين سوريتين.