لم يشفع لجورج حموي صوته الصاخب على المدرج الشمالي لاستاد الباسل في اللاذقية، أن ينال تكريماً مساوياً لشغفه بعد وفاته، واقتصر تشييع جثمانه على قلة من أصدقاء المدرج الأوفياء.
حموي أحد مشجعي نادي حطين اللاذقيّ غادر الإثنين الماضي إلى مثواه الأخير محاطاً بمعطف وعلم ناديه، تاركاً خلفه أحلاماً كروية كثيرة أبت التحول إلى واقع، في حين تحققت وصيته الأخيرة بأن يدور رفاقه بنعشه من أمام الملعب الذي احتضن دموعه ورقصاته في فصل أخير لقصة من قصص المدينة العاشقة لكرة القدم.
أبو بسام كما يعرف بين جماهير الأزرق الساحلي، كان قد أصيب بمرض عضال في الشهر الثامن من العام الماضي، ولم يمنعه ذلك من متابعة معشوقه الأول أينما حل وارتحل، ويذكر ابنه «بسام» أن الراحل تابع لقاء الديربي أمام جبلة رغم تردي حالته الصحية وانتشار المرض في جسده، قبل أن يكمل مشاهدة المباريات عبر الإنترنت، ليحمل الفوز على الكرامة البصمة الحطينية الأخيرة في ذاكرته، قبل انقطاعه عن عادته المستمرة طوال ثلاثة عقود من الزمن.
وبالحديث عن الذاكرة يواصل نجل الفقيد حديثه: يذكرني أبي دائماً بإنجازنا اليتيم، والفرحة الكبرى عبر تاريخنا على اعتبار أني لم أكن قد ولدت بعد، يحكي قصة الفوز بكأس الجمهورية أمام الجيش وكأنها أعظم انتصارات حياته، روايات الفرح التي سردها لي أبي كانت كفيلة -على قلتها- بزرع حب النادي في داخلي، وسأبقى على العهد حطينياً كما نشأت.
قصة جورج لم تنل ما تستحق من الاهتمام الإعلامي وخاصة من الجانب الرسمي للحيتان، ولربما هذا الأمر ترك جرحاً لا يندمل لدى عائلته ومحبيه، ما يفتح الباب مجدداً لتساؤلات مهمة.. ألم يحن الوقت لفهم مهام الصحافة الرياضية بعيداً عن التقارير أو المقاطع الصوتية الواصفة للمباراة؟
ومتى سيأخذ الإعلام الكروي دوره في الإضاءة على الجوانب الإنسانية والتي لا يمكن تحييدها عن صلب التغطية الإعلامية؟