من دفتر الوطن

دراما رمضان والفصحى

| فراس عزيز ديب

مع كل عودةٍ لشهرِ رمضان المبارك يعود إلينا شريط الذكريات، من الطقوس الخاصة بهذا الشهر الفضيل مروراً بمشاهد احترام مشاعر الصائمين وصولاً إلى الجمعات العائلية لمشاهدة روائع الدراما العربية، صور ستبقى في الذاكرة مهما حاولَ تجار الحروب ولقمة المواطن نزعها.

وعلى سيرة الدراما العربية، ففي الأمس وخلال تصفحي لأحد المواقع الفنية لفتَ نظري زاوية تتحدث عن ذكريات «فوازير رمضان»، هنا شعرت وكأني قد نسيت هذا النوع من الفن الذي كان رفيق صيامنا الدائم خلالَ عقودٍ مضت، تحديداً تلك التي أبدعتها النجمة شيريهان وتساءلت لماذا غابت الفوازير عن الشاشات العربية؟

عند البحث في آراء بعض النقاد المحترمين لن تجد جواباً مقنعاً تحديداً أن الجميع يتحدث عن ارتفاع تكاليف إنتاج نوع كهذا من الأعمال، لكن في واقع الأمر تبدو هذه الحجة نكتة سمجة، لأن تكاليف الأعمال الدرامية الحالية لا تبدو منخفضة، بالسياق ذاته هناك من تحدث عن غياب النجمة الاستعراضية القادرة على القيام بالدور بالشكل الأمثل، فالساحة الفنية حالياً لا تمتلك فنانة استعراضية قادرة على تعويض شيريهان، ربما أتفق مع هذا الرأي جزئياً لكن هناك أمراً يبدو أكثر أهمية يجري تجاهله يتعلق بوجود فنانة استعراضية بملامح طبيعية قادرة على النطق بلغة عربية فصحى وسليمة بعيداً عن تقلبات السيلكون والنفخ وابتسامة هوليود التي لا ندري إن كانت تؤثر على مخارج الحروف عندهن، تحديداً اللواتي يدمجن الإنكليزية بالعربية، هل يوجد؟ لا تتعب نفسك بالجواب!

لكن وقبل أن تتهمني بعض المنظمات النسوية التي لا نعلم حتى الآن عن ماذا تدافع، بأني أبالغ أحياناً في كلامي عن «نون النسوة»، دعونا نعترف بأن هذه المشكلة قد تبدو عامة، أحد الأعمال العربية والذي من المفترض بأنه يتحدث عن حقبة تاريخية ما لشخصية تاريخية لا يتكلم أبطاله بلغة فصحى!

هناك من يبرر ذلك بالقول إن الأعمال باللغة الفصحى ليست بالجماهيرية ذاتها كالأعمال العادية التي تبدو أقرب للمواطن، وهذا رأي حق يراد به باطل لأننا لا نطلب مسلسلاً اجتماعياً باللغة الفصحى من دون أن ننسى بأننا من الجيل الذي أحب وارتبط بأهم الأعمال التي تتحدث الفصحى، ثنائية نجدت أنزور وأيمن زيدان مثلاً، وغيرها الكثير كيف نجحت؟ وكيف شدت إليها حتى «ختايرتنا» الذين لم يكونوا على القدر الوافي من التعاطي مع الفصحى؟

لا أجوبة مقنعة في الأفق، لأن حال وجباتنا الفنية لا يختلف عن حال وجبات المواطن الرمضانية، حتى المذاق الشهي بتنا غير قادرين على تأمينه!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن