رياضة

قراءة في مباريات المرحلة السادسة من إياب الدوري الممتاز … الوحدة أحسن الاصطياد والساحل خسر نقاطه الذهبية … الجلاء ملعب الكرامة المثالي وحطين أخطأ في الحساب

| ناصر النجار

بمباريات هذا الأسبوع وهو السادس من الإياب يكون الدوري الكروي الممتاز قطع ثلاثة أرباع مشواره، وبقي الربع الأخير وعلى ما يبدو أنه لن يقدم أو يؤخر في شيء، وستكون مبارياته القادمة تحصيل حاصل بعد أن اتضحت صورة البطولة وموقف الهبوط، ولن يغير في هذا الأمر إلا معجزة غير مسبوقة في عالم كرة القدم أو عقوبة انضباطية لأحد الفرق تغير مراكز ترتيب المقدمة أو المؤخرة، وكما ذكرنا فهناك في اللائحة الانضباطية عقوبة شطب النقاط، ومع ذلك فأغلب الظن أن الفرق التي وضعت قدمها في النجاة لن تقع في الخطأ الفاحش الذي سيكون نتيجته الدمار والهبوط، والكلام نفسه ينطبق على الفتوة الذي ينتظر بضع نقاط قليلة من خمس مباريات متبقية لن يكون أغلبها بدرجة الصعوبة المتوقعة، عملياً الفتوة بطل الدوري للموسم الثاني على التوالي، وفعلياً فإن الساحل والحرية سيعودان من حيث أتيا وفارق النقاط الخمس التي تفضل الساحل عن الوحدة تبعده كثيراً عن قوارب النجاة وخصوصاً أن المباريات المتبقية خمس مباريات ولن يفوز الساحل فيها، كذلك لن يخسرها الوحدة كلها، وهذا أمر مفروغ منه.

الدوري اليوم توقف، والمراحل الخمس الأخيرة مؤجلة إلى ما بعد التوقف الدولي، ومنتخبنا طار إلى يانغون لمقابلة منتخب ميانمار في ذهاب التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم القادمة، وسيلعب بعدها مباراة الإياب في السعودية، وعملياً فإن الدوري متوقف حتى نهاية هذا الشهر براحة تقارب العشرين يوماً، وهذه الفترة ستكون ضرورية للكثير من الفرق لمراجعة إداراتها ودراسة واقع كرة القدم في ربوعها بشكل فعلي، قد تكون هناك مراكز ترضية خلف البطل، وهي مراكز معنوية ليس أكثر، ولكنها فعلياً لا قيمة لها، لذلك فالمفترض وهو رأي خبراء اللعبة أن تعتمد الفرق على لاعبيها الشباب في الفترة القادمة لتأسيسهم بشكل جيد للموسم المقبل، ولا بأس إن فسخت عقود بعض اللاعبين منذ الآن وخصوصاً أولئك الذين أثبتوا أن وجودهم في الفريق مثل عدمه، والرأي الصحيح أن بناء وتحضير الفرق يجب أن يتم منذ الآن وليس بعد نهاية الموسم الكروي، وهذه الفترة مهمة في التحضير ومهمة في الانتقاء ومهمة جداً في غربلة اللاعبين، وها هو فريق أهلي حلب الذي أعيد بناؤه من أبناء النادي وأغلبهم من الشباب يحتل المركز الخامس اليوم وهو مستعد لدخول المربع الذهبي، ليثبت أن تجربته كانت ناجحة، ومن المفترض أن تكون مشجعة لباقي الفرق وخصوصاً تلك التي تملك قاعدة قوية من الخامات والموهوبين.

من الطبيعي جداً أن تبحث الفرق التي ما زالت آمالها قائمة في مسابقة كأس الجمهورية أن تركز جهدها على مباريات الجمعة القادمة، فلعل مباريات ربع النهائي تكون بمنزلة التعويض لفرق حطين وتشرين وأهلي حلب والوحدة والوثبة والطليعة، أما الفتوة فهدفه بعد أن مسك زمام الدوري بقوة أن يوجه سهامه إلى الكأس فلعله يوفق في القبض على المجد من طرفيه.

إستراتيجية ضعيفة

فريق حطين فقد توازنه، وكما خسر المنافسة على اللقب، ها هو اليوم يخسر الوصافة! حطين بنى فريقاً قوياً وضع نصب عينيه تحقيق لقب الدوري، والحقيقة أن التشكيلة التي أعدها كانت قوية ومهيأة لتحقيق هذا الحلم الذي طال انتظاره، لكن خبرة إدارة الفرق كانت ضعيفة وقراراتها لم تكن في محلها، فصرف المدرب أنس مخلوف لم يكن في محله، قد تكون هناك بعض الأخطاء أو العثرات أو الضغوط على المدرب، وهذه تواجه بالحكمة ونصرة المدرب، لكن ما حدث كان غير صحيح، والدليل أن الفريق تعثر كثيراً بعد رحيل المخلوف ولا أدل على ذلك إلا التعادل المخيب مع الحرية في الذهاب، وجاء بعده خيبات متتالية من خسائر غير مفهومة ليدلنا ذلك على أن المشكلة في حطين ليست فنية وأن مجمل مشاكل الفريق هي إدارية.

هذا من جهة، أما من جهة أخرى فقد وجدنا أن استراتيجية النادي في كرة القدم كانت ضعيفة، لأنها حددت هدفها ببطولة الدوري، وعندما فقدت هذا الهدف اختل توازن الفريق، وبات مثله مثل غيره من فرق الصف الثاني، فطارت مئات الملايين في الهواء دون أن يحقق النادي أي فائدة، وكنا نتمنى أن يكون فريق الموسم الحالي هو بداية البناء لفريق المستقبل، لكن دون هدف صحيح مرسوم لا يمكن البناء، وسنجد أن حطين سيعود ليبدأ من الصفر، والخسارة التي تكبدها النادي كانت كبيرة، وهي ليست خسارة ملايين مهدورة بقدر خسارة أبناء النادي الذين غابوا اليوم عن الفريق، إضافة لغياب العناصر الشابة، ونحن نسأل القائمين على الفريق: أين مواهب النادي؟ وهل جفّ النبع، ولم يبق بين صفوف الفريق من هو قادر أن يخلف عارف الآغا وسيد بيازيد وزياد شعبو وغيرهم الكثير؟

خطأ النادي الكبير الذي ارتكبه هو الاعتماد على اللاعب الجاهز، وكنا نتمنى لو أن ذلك جاء بالتساوي مع أبناء النادي الشبان، بحيث يحمل الوافدون شباب الفريق ليكون هذا الخليط أساس البناء للمستقبل، وربما المثال الصريح الذي يؤكد هذه الفكرة أن شباب أهلي حلب فازوا على محترفي حطين مع الإشارة إلى أن تشكيلة الأهلي ضمت اليوم لاعبين جدداً من الشباب لم يشاركوا في المباريات السابقة.

من الطبيعي أن يتم إعادة النظر بالعمل الإداري في نادي حطين وفي أولى المهام يجب إدراك المقولة التالية: بالمال وحده لا يمكن أن تحيا كرة القدم ولا أن تحقق فيها أي بطولة.

الملعب المثالي

على ما يبدو أن ملعب الجلاء في دمشق هو الملعب المثالي لفريق الكرامة فلم يخسر فيه في الدوري أي مباراة ونال فيه سبع نقاط تعادل ثلث ما جنى من نقاط تقريباً، ففاز على الفتوة والجيش بهدف وتعادل مع الوحدة بهدفين لمثلهما، ولم يخسر الكرامة مع الفرق التي مقرها دمشق فنال أربع نقاط من الفتوة ومثلها من الجيش ونقطتين من الوحدة.

الكرامة يسير وفق منهج معين عبر إعداد فريق للمستقبل، الطريق الذي يسلكه الفريق يبدو بطيئاً بعض الشيء، وقد يكون سبب البطء عدم توافر كامل المقومات للإقلاع السريع، ونحن نلاحظ أن الجبان ما زال يعتمد على تشكيلة متناغمة بين المخضرمين والشبان دون أن يصل إلى الوقت الذي يعتمد على العنصر الشاب في الفريق كأكثرية، وربما كان ذلك عدم وجود من يملأ بعض المراكز الحساسية سواء في قلب الملعب كقائد أم في بعض المراكز الخلفية، وكوكبة اللاعبين الشبان التي يعتمد عليها المدرب اليوم ستكون ركيزة الفريق في الموسم القادم وربما كانت عموده الفقري، ومن خلال متابعته الدائمة لفريقي الشباب والأولمبي فكل الاعتقاد أن نسبة اللاعبين الشباب في الموسم المقبل ستكون أغلبية.

على صعيد التوقعات من الممكن أن يتحسن واقع الفريق ونتائجه في المباريات القادمة، لذلك سنجده مع أهلي حلب مزاحمين لفرق المربع الذهبي على مراكزهم، وقد يتحقق لهما مركزاً أفضل مما هما عليه الآن.

النقاط أهم

مباراة ديربي اللاذقية بين تشرين وجبلة رد فيها تشرين اعتباره من خسارة مباراة الذهاب بالفوز وبالنتيجة ذاتها بهدف نظيف، لكن المراقبين أكدوا أن جبلة لم يكن يستحق الخسارة قياساً إلى أدائه الجيد وكان أكثر توازناً من مستضيفه لكنه افتقد الهداف الذي يعرف طريق الشباك، وبكل الأحوال فإن البحارة كانوا مهتمين بنقاط المباراة على اعتبار أن الفوز أهم من أي شيء في مثل هذه المباريات، لذلك سجل في الشوط الأول هدفه ونام عليه حتى النهاية، ولعل هذا الهدف هو الذي جعل الفريق يتراجع إلى الوراء، على عكس جبلة الذي حاول التعويض دون جدوى، وعلى ما يبدو أن هذه هي إحدى صور الدوري القائمة، فلو افترضنا أن جبلة هو الذي سجل وتقدم لرأينا الصورة معكوسة ولوجدنا أن تشرين سيلعب أفضل وسيهاجم وهكذا، وهذا المفهوم لعبت عليه الكثير من فرقنا بتسجيل هدف وتدافع عنه حتى النهاية، وفي الأرقام نجد أن أكثر نتيجة سجلتها مباريات هذا الموسم حتى الآن كانت 1/صفر!

نقاط الأمان

الوثبة تجاوز عتبة الخطر ودخل مرحلة الأمان الكامل بفوزه على الحرية، وقضى بذلك على كل الشبهات فالوصول إلى النقطة 22 هو الأمان مهما كانت نتيجة بقية الفرق وهذا ما حققه الوثبة الذي منح جمهوره الاطمئنان وعدم الخوف على بقاء الفريق في الممتاز، لكن بشكل عام فإن وضع الكرة في النادي ليس على ما يرام ونحن نستنتج ذلك من مجمل نتائج فريق الرجال والشباب ولم يكونا هذا الموسم في وضع جيد ولا ندري سبب ذلك، لكن يمكن التعويل على الفريق الأولمبي بنتائجه الجيدة، ويمكن الاستفادة من بعض لاعبيه لتدعيم الفريق الأول، فالفريق بحاجة إلى ضخ دماء جديدة، وأبناء النادي خير من يدافع عن ألوانه.

ضربتان قاسيتان تعرض لهما الحرية دفعة واحدة، الأولى تلقاها من لجنة الانضباط والأخلاق التي ردت اعتراضه على فريق الجيش باعتبار أن أحد منتسبيه المعاقبين شوهد فوق مظلة المنصة وهذا المكان كما بينته اللجنة خارج حدود الملعب وهو خارج السيطرة بآن معاً، وكان الحرية يمني النفس أن يربح الاعتراض فيفوز بنقاط المباراة، أما الضربة الثانية فكانت بخسارة المباراة أمام الوثبة وكانت هذه المباراة تشكل بصيص الأمل الأخير لنجاة الفريق لكنه فقد كل أمل، ويمكننا القول: إن الحرية أحد الهابطين إلى الدرجة الأولى، وها هو سيعود إليها سريعاً، وفي أسباب ذلك تفاصيل كثيرة، سيكون ذلك في جولة بأهم تفاصيلها بموضوع قادم.

النقاط الذهبية

حقق فريق الوحدة ما تمنى ونال النقاط الذهبية الثمينة من فم الساحل على أرضه وبين جماهيره ففقد صاحب الضيافة نقاط أمل البقاء بخسارته النقاط المضاعفة وبات أمله ضعيفاً جداً بتجاوز خطر الهبوط الذي هو أقرب إليه من أي وقت مضى.

والحقيقة أن الساحل رغم كل الجهود التي بذلت ليحافظ على مكانه في الدوري الممتاز فشل لأن البدايات الخاطئة لابد أن تنتهي كما انتهت، إليه حال فريق الساحل، وهذه البدايات تجلت بطريقة تأسيس الفريق وتعاقد الإدارة مع لاعبين أغلبهم من العواجيز، إضافة لكثرة التبديلات الفنية التي بلغت أربعة ووجدنا أنها لم تنقذ الفريق من الخطر الذي داهمه مبكراً، كل المراقبين يؤكدون أن مغامرة فريق الساحل في الدرجة الممتازة انتهت وعلى القائمين على النادي التفكير بأسلوب أكثر جدوى ويتناسب مع إمكانيات النادي والأجواء المحيطة وهذا أفضل من هدر المال بلا طائل.

الوحدة عرف من أين تؤكل الكتف واستطاع إنهاء المباراة من شوطها الأول، فارتاح في الثاني وأدار مجرياته كيف يشاء، فنجح بوضع قدم على أعتاب النجاة والقادمات لاشك أنها مهمة لكنها ستكون أكثر راحة وأقل صعوبة من قبل.

بكل هدوء

متصدر الدوري الفتوة أكثر الفرق راحة وهدوءاً وسعادة أكد صدارته للدوري وسيره نحو اللقب بكل ثقة بفوزه السهل والمريح على الطليعة بحماة قاطعاً الطريق أمام كل من تسوّل له نفسه منازعته على الصدارة أو إقلاق راحته وهو يتربع عليها وحيداً، أما الطليعة فواصل نتائجه السلبية وأداءه المتراجع، ولولا بعض النتائج الجيدة التي حققها في الذهاب لوجدناه اليوم إلى جانب الساحل يحارب من أجل البقاء!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن