اقتصاد

تعدد الجهات وأثره في قطاع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر … اقتراحات أكاديمية لتنمية المشاريع الصغيرة: تخصيص 3 جهات رسمية لإدارتها

| جلنار العلي

يظهر تصريح وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر الخليل السبت الماضي على الإعلام الرسمي، في انتقاده للسياسات والخطط وآلية التنفيذ في مجال عمل المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في ظل وجود 20 جهة حالياً معنية بالتخطيط في قطاع الاستثمار والمشروعات الصغيرة والمتوسطة، و27 جهة معنية بالتنظيم، و44 جهة معنية بالتنفيذ، صورة عن حجم الفوضى بإدارة هذا القطاع، ليعلن أن المرحلة المقبلة ستشهد توحيد الجهات وتحديد المهام بشكل واضح من خلال بنى تنظيمية جديدة.

وفي ظل الواقع والصعوبات الحالية التي يشهدها قطاع الأعمال بالمجمل، أين المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر؟ وما حجمها في الاقتصاد السوري؟ وما التسهيلات التي يجب أن تقدمها الحكومة لهذا القطاع لكونها تعتبره حامل الاقتصاد السوري؟ وأيهما أجدى الاهتمام به في الحال السورية، حجم المشاريع أم نوعها؟

الخبير الاقتصادي الدكتور عابد فضلية، أكد في تصريح لـ«الوطن» أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة موجودة في كل دول العالم، وهي جزء أساسي من مكونات سلسلة الإنتاج نوعاً وحجماً، إذ إن المظلة المؤسسية في معظم الاقتصادات المتقدمة خصوصاً تشمل 4 أحجام وهي مشروعات الاقتصاد العائلي و/أو متناهية الصغر والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، وتأتي هذه التصنيفات حسب عدة معايير أهمها عدد العاملين ومنها أيضاً حجم رأس المال وحجم الموازنة السنوية وحجم المبيعات ونسبة الحصة من السوق وما إلى ذلك، لافتاً إلى أن هذه المعايير تختلف من دولة إلى أخرى، فمثلاً يعد المشروع الذي يشمل عمالاً يتراوح عددهم بين 11 إلى 50 عاملاً، ورأسماله لا يقل عن 60 ألف دولار، مشروعاً متوسطاً وفقاً للتصنيف الأوروبي، على حين في تصنيف معظم الدول الإفريقية فإن المشروع متوسط الحجم هو المشروع الذي يشغل بين 8 إلى 30 عاملاً مهما كان حجم رأسماله.

وأشار فضلية إلى أن حجم المشاريع في أي اقتصاد يبدأ من مشروع الشخص الواحد إلى 500 شخص أو أكثر، عدا المشاريع الضخمة التي تنشئها الشركات عابرة الحدود و/أو متعددة الجنسيات، حيث يمكن القول إن أحجام المشاريع في الاقتصاد تتشابه، والحجوم المتعددة ضرورية جداً وخاصة في الاقتصادات الضخمة التي تحتوي على مشاريع كبيرة، كتلك التي تنتج السيارات على سبيل المثال حيث تتكون السيارة الواحدة من 30 ألف قطعة على الأقل، وبذلك تكون هذه المشاريع غير قادرة على إنتاج كل هذه القطع؛ ولذلك فهي تحتاج إلى وجود مشروعات صغيرة في الداخل أو في الخارج لتنتج لها تلك القطع، وكذلك الأمر بالنسبة لمصانع الجرّارات والبرادات وآلات المعامل وغير ذلك من المصانع التي تحتاج إلى المنشآت المتوسطة التي تنتج حاجتها، وبالتالي فإن اكتمال وتكامل سلاسل الإنتاج والتوريد يتطلب حتماً وجود منشآت مختلفة الأحجام.

وفي الحالة السورية، بيّن فضلية أنه لا يوجد مشروعات ضخمة أو كبيرة إلا بأعداد قليلة، ومعظم هذه المشروعات تعود ملكيتها إلى القطاع العام كمعامل الحلج والغزل والنسيج، ولبعض جهات القطاع الخاص كتلك المعامل المنتجة للمشروبات الغازية والإسمنت على سبيل المثال، لذلك يمكن اعتبار أن 97 بالمئة من المنشآت الإنتاجية والخدمية في سورية هي منشآت عائلية متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة، معتبراً أنه وفقاً لهذه المعطيات لا داعي لتخصيص الحديث عن التشجيع والدعم للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة؛ بل الأصح هو تشجيع ودعم الصناعة التحويلية والمنشآت الصناعية السورية، إلى جانب الحديث عن تشجيع ودعم الوحدات الإنتاجية الفردية والأسرية والريفية التي لا تتطلب ترخيصاً ولا سجلات تجارية أو صناعية، بل ربما سجلات حرفية.

واقترح فضلية عدة مقترحات لتحسين هذا القطاع، منها: تسهيل الترخيص الصناعي والحرفي، وتوحيد جهات التخطيط والترخيص والإشراف والرقابة في مجالي المؤسسات الصناعية والحرفية، وإعادة النظر بكل التشريعات النافذة وبتكوين حدود مسؤوليات الجهات القائمة حالياً التي ذكرها وزير الاقتصاد في لقائه الأخير، ليتم التركيز أكثر على طبيعة النشاط بغض النظر عن حجم المشروع والشكل القانوني لملكيته سواء كان مؤسسة أم شركة توصية بسيطة أو تضامنية وما إلى ذلك، بهدف تقليص المصاعب والمشاكل والمعوقات المبررة وغير المبررة، بأشكالها الاستثمارية والتمويلية والإنتاجية والتسويقية؛ وخاصة ما يتعلق منها بالترخيص الإداري وبتأمين مستلزمات الإنتاج المحلية والمستوردة، مؤكداً فكرة أن هذه الأنشطة بمجملها وبمختلف أحجام منشآتها هي الحامل الاقتصادي والاجتماعي لسورية وللسوريين بجميع طبقاتهم وشرائحهم.

وتابع: «لذا وعند الحديث عن الدعم الحكومي لهذه المشروعات، يجب القول إن هناك اهتماماً حكومياً ولدى أعلى الجهات الرسمية يستهدف تشجيعها وتطويرها، حيث سبق أن تم إنشاء مؤسسات وجهات حكومية رسمية لهذه الأهداف، كما أن المصارف الحكومية تتولى بسخاء نسبي- نظرياً على الأقل، موضوع تمويلها وتقديم القروض المدعومة لها، ناهيك عن التشريعات التي صدرت منذ عدة أسابيع ونصت بوضوح على إعفاء معظم أنشطة هذه المشاريع من ضرائب الدخل الحقيقي».

واقترح فضلية أن تكون هناك ثلاث جهات رسمية مسؤولة عن هذه المشاريع، حيث تكون الجهة الأولى مسؤولة عن الاقتصاد المنزلي ومتناهي الصغر الذي لا يتطلب أي ترخيص، وأن تكون الثانية عامة وتختص بالأنشطة الصناعية، أما الجهة الثالثة فتكون إما عامة أو أهلية وتختص برعاية المهن والمهنيين والحرف والحرفيين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن