لماذا غابت الشارات الغنائية عن أغلب المسلسلات السورية لهذا الموسم؟ … الشارة عنصر جذب أساسي ومهم لأي عمل درامي
| مصعب أيوب
تعد شارة العمل الدرامي جزءاً متمماً للعمل وأحد أهم العناصر التشويقية التي تجذب المتلقي إليه، وهي تشكل الهوية البصرية والنافذة التي تتيح للمشاهد إلقاء نظرة سريعة على العمل، وقد أسهمت في وقت سابق أغنيات الشارة بالترويج لأعمال عديدة درامية وحققت انتشاراً واسعاً لها ولاسيما بعد أن غناها أهم نجوم الغناء في المنطقة ومنهم آدم وناصيف زيتون وعاصي الحلاني ورضا وغيرهم، ولكن هذا العام ابتعدت الدراما السورية عن ذلك واكتفت بموسيقا بسيطة لشاراتها أو بعض الأغاني الخفيفة، سنرصد اليوم شارات أهم الأعمال السورية المنافسة في الساحة الرمضانية التي غاب عنها نجوم الغناء واتسم معظمها بالبرود.
تشويق وجذب
تبدأ شارة ولاد بديعة بمقطع لعرض أحد أشرطة الفيديو التي دوّن عليها «ولاد بديعة» على جهاز عرض كلاسيكي ليبدأ باستعراض أبطال العمل في محطة القطار الخارجة عن الخدمة وما يحيط بها والفوضى التي تعج بالمنطقة ولاسيما بعد أن توقفت هذه المهنة، فرافق ذلك عرض موسيقي يميل إلى الإيقاع الهادئ الحزين بعض الشيء فابتعدت عن سرد مقاطع تصويرية وبعض المشاهد من العمل لكي لا تفسد على المشاهد متعة المتابعة وتجعله مشدوداً ومتشوقاً للمشاهدة.
عرض سريع
أما فيما يخص العمل الأضخم لهذا الموسم، فتفتتح كل حلقة مشاهدها بلقطة سريعة بالأبيض والأسود لا تتجاوز الدقيقة لبعض المواقف والخلافات التي جرت مع بطل العمل تاج في وقت سابق ومن ثم يجري تقديم أسماء فريق العمل تباعاً ولكن بصورة سريعة لا تتيح للمشاهد إمكانية قراءتها، إلا أسماء أبطال العمل تيم حسن وبسام كوسا إضافة إلى المنتج والمخرج اللذين يظهران في مقدمة الشارة وفي نهايتها، مصحوبة بموسيقا صاخبة تميل إلى لون المراسم والاحتفاليات الوطنية لتناسب الحقبة التي يتكلم عنها العمل وتتماشى مع الحدث، وهي موسيقا وضعها آري جان الذي يجدد التعاون للمرة الثانية مع البرقاوي بعد أن وضع موسيقاه على الزند، مع مشاهد لأثاث قديم وأبنية أثرية وأبواب وزنزانات وأدراج وأقبية غلب عليها الطابع السينمائي وهو الذي نفذ فيه العمل كاملاً.
وفاء وإخلاص
وتشرع كل حلقة من مال القبان أبوابها بموسيقا ألّفها طاهر مامللي في تعاون متجدد مع سبيعي بعد «مع وقف التنفيذ» دونما أي كلمات أو أصوات بشرية مع مشاهد ولقطات من وحي العمل حول سوق الخضر الذي تجري فيه الأحداث وعربات النقل والحمالين والتجار ومرتادي السوق، كما لم ينس سبيعي أن يهدي التحية لروح الفنان الراحل محمد قنوع الذي شارك في العمل ولم يتمكن من مشاهدته بسبب تأجيل عرضه من العام الفائت، فأهداه العمل مع مطلع الحلقة الأولى بعد انتهاء شارة البداية.
الأمر ذاته كرره سبيعي فيما يخص الراحل في العمل الثاني من إخراجه الذي يشارك في السباق الرمضاني وهو العربجي 2، ولكن هذه المرة قبل بداية الشارة وليس بعد نهايتها فكتب «شومان اشتقنالك… إلى روح الفنان محمد قنوع»، لتنطلق بعدها الشارة مستهلة بأسماء نجوم العمل وفريقه بطريقة سريعة بعض الشيء ليرافق ذلك الموسيقا التي وضعها المؤلف الموسيقي رعد خلف وبعض المشاهد لمجسمات تخبر عن قصة المسلسل من مستودعات للقمح ومعدات لذلك وعربات نقل خشبية وبدائية وأدوات من القش.
شموخ وتصدٍ
فيما يفتتح بيت أهلي شارته على غرار أعمال البيئة الشامية بأغنية حماسية تحفيزية لا تخلو من بعض كلمات القوة والصمود والشموخ والعز والأصالة والعراقة «الخيل، الشام، العز، الشمس، الرجال»، مع تصوير بطيء لبعض أثاث المنزل والتحف والقطع القديمة التراثية التي تزين بيوت أهل تلك الحقبة، وقد قدم أغنية الشارة مرعي سرحان ودانا الإمام، كما يقدم العمل أسماء أبطاله والمشاركين والضيوف من دون أن يقدم صورة أو لقطة لكل اسم مفترضاً أن المشاهد على معرفة كافية بجميع الأسماء وما من داع لذلك.
الشارة الأكثر طولاً
وقد حملت شارة كسر عضم 2 موسيقا الشارة في الجزء الأول بإيقاع هادئ ومتناغم لتقدم بعض اللقطات لأبطال العمل مترافقة مع أسمائهم كما تتيح للمتلقي معرفة معظم من شارك في العمل على خلاف أعمال أخرى تستعرض الأسماء من دون صورة الممثل، وهي الشارة الأطول بين كل شارات الأعمال الرمضانية لهذا الموسم بسبب كثرة عدد الشخصيات المشاركة في العمل.
الصديقات
وقد اختار صناع مسلسل الصديقات أغنية راقصة وحماسية تلائم فحوى العمل غنتها فرح سمير سميرة وألفها ولحنها رضوان نصري، فتنطلق الشارة من أسماء نجوم العمل وفي مقدمتهم السيدات ولاسيما أن العمل قائم أساساً على البطولة النسائية، وتتابع الشارة طرح أسماء الممثلين المشاركين مع صورة لكل اسم تعرف المتلقي به وفي الخلفية بعض المشاهد من العمل تشي بما ستقدمه الحلقات.
عمل اجتماعي
كذلك فعل سمير حسين أيضاً فيما يخص وصايا الصبار فقدم أسماء أبطال العمل وصورهم تباعاً حسب الظهور والشخصية بموسيقا هادئة حملت توقيع فريد سعادت مند، إضافة إلى بعض اللقطات من العمل الذي يحمل طابعاً اجتماعياً.
بهجة وفرح
تُفتتح شارة مسلسل عريس تحت الطلب بأسماء أبطال العمل أولاً وثم باسم المسلسل والمؤلف وباقي أفراد الفريق من فنانين وفنيين، فعرضت أسماء الشخصيات مرفقة بصورة مصغرة ثابتة لكل اسم وفي الخلفية مقطع تصويري لبعض المشاهد التي لا تخلو من الفكاهة والطرافة والحركات الاستعراضية، جاءت الموسيقا مبهجة وراقصة لتنسجم مع كلمات الأغنية التي قدمها باسل أسود وكتب كلماتها محمود سليمان أحمد.
رسوم متحركة
تنطلق الشارة في «ما اختلفنا» من اسم الشركة المنتجة يليها أسماء فريق العمل بطريقة الرسوم المتحركة مرفقة بموسيقا تصويرية لم تنج من الاستعانة بموسيقا «ببساطة»، ولاسيما أن من وضع الموسيقا لكلا العملين هو الشخص ذاته فادي مارديني وذلك من دون إضافة أي أصوات بشرية عليها، ومن خلال عربة نقل بضائع تقليدية تسير في طريق عام ببطء قدمت أسماء الفنيين المشاركين على العمل من دون التطرق لأسماء الأبطال بحيث تم تقديم أبطال اللوحات بداية كل لوحة، فلم تشِ الشارة بما في العمل وتركت للمشاهد مهمة تخمين ما سيشاهد، بعد أن عرضت في المقدمة أبرز الكتاب والمؤلفين المشاركين في التأليف ومنهم زياد ساري ومعن سقباني ورازي وردة، وممدوح حمادة ورنا الحريري اللذان عودانا على إبداعهما في الكوميديا الساخرة.
وعلى غرار ما اختلفنا وُضعت شارة مسلسل «اغمض عينيك» بطريقة الغرافيك والرسوم المتحركة مستهلة ذلك برسوم لأبطال العمل الثلاثة منى واصف وأمل عرفة وعبد المنعم عمايري من دون التعريف بباقي المشاركين من خلال الاكتفاء بذكر أسمائهم فقط، وإضافة بعض اللقطات والمشاهد بوساطة الغرافيك لشخصيات العمل وهم في حيرة من أمرهم وتظهر عليهم ملامح الحزن والأسى، وقد نفذ الشارة ماجد رنكوسي وكتب كلمات أغنيتها بحر لاوديسا وغنتها مايا زين الدين.
نقطة انتهى
وأخيراً فقد غنى كلمات الشارة للمسلسل الاجتماعي المشترك «نقطة انتهى» محمد خيري وألفها ولحنها مروان خوري، وترافق ذلك مع مقاطع ومشاهد من العمل ذاته بعد التعريف بشخصيات العمل مع صورة لكل منهم.
ويبقى السؤال، هل ستشهد شارات الأعمال الدرامية تغيراً جذرياً عما ألفناه سابقاً وتتخذ منحى جديداً؟ وهو ما صرح به المخرج سيف السبيعي في لقاء مصور قبل نهاية العام المنصرم، وإلى أي مدى كان لأغنيات الشارة وقع بالغ الأثر في نفس المتلقي، والتي لا يزال إلى اليوم يرددها كثيرون؟ ومنها عناية مشددة ودقيقة صمت والندم والهيبة وبيت جدي والدبور وأهل الراية والتغريبة الفلسطينية.