رياضة

تضخم غير معقول لأعمار لاعبي السلة السورية والمطلوب مديرية للمواصفات والمعايير

| مهند الحسني

كم تمنينا لو أن الاتحاد الرياضي العام لديه مديرية مماثلة لمديرية المواصفات والمعايير الموجودة في وزارة الاقتصاد والتي تنحصر مهمتها في بيان مطابقة المنتج للمواصفات المطلوبة وبعد انتهاء صلاحيته، فلو كان لدى كرة السلة مثل هذه المديرية لمنع عدد كبير من طواويس كرة السلة من المشاركة مع أنديتهم بعد أن تحولوا إلى طفيليات على فرقهم وزملائهم وبعد أن ثبت انتهاء مدة صلاحيتهم ولأن بقاءهم في الملعب لجمع الدراهم ليس إلا وبأن سقوطهم وواسطتهم المبرر الوحيد لبقائهم ضمن فرقهم، ولو كان على حساب المواهب الشابة، ولو كان الأمر على حساب مصلحة الفريق.

فما نشاهده هذا الموسم من انتهاء صلاحيات بعض من كانوا يظنون أنفسهم نجوماً الذين وصلوا من العمر عتياً وما زالوا على رأس تشكيلات فرقهم ولا بد لاتحاد السلة أن يحدد معدل أعمار اللاعبين لديه حتى ننتهي من هؤلاء العواجيز في سلتنا في المواسم القادمة.

تضخم معدل الأعمار

بات الدوري السوري لكرة السلة مؤهلاً وبقوة لدخول سجل غنيس للأرقام القياسية خاصة بما يتعلق بموضوع معدل أعمار اللاعبين الذين تجاوز الحد المعقول، وبات هناك بعض اللاعبين الذين تجاوزوا سن الأربعين مازالوا يأكلون الأخضر واليابس على حساب اللاعبين الشبان، ورغم كل ذلك غير أن الدوري الحالي في عهد الاتحاد الحالي شهد تطوراً ملحوظاً في بعض الجوانب غير أنه مازال ضعيفاً في جوانب أخرى يبدو أن الاتحاد غض النظر عنها بسبب عدم قدرته في اجتثاث هذه المشكلة التي مازالت تفرض نفسها بقوة على فرقنا المحلية، وجلها يتعلق بارتفاع معدل أعمار لاعبينا المحليين حيث تجاوز حدود المنطق، فوجود لاعب أو اثنين بطريقة استثنائية مع بعض الأندية يمكن أن نعتبرها أمراً عادياً، لكن الأمر بات مستفحلاً وفرض هؤلاء اللاعبون أنفسهم بقوة على أنديتنا، وباتت لهم عقود احترافية بمئات الملايين، وأخذوا مكان اللاعبين الشبان الذين التزم بعضهم دكة الاحتياط، والبعض الآخر هجر اللعبة من دون رجعة.

رفع المستوى

نجح الاتحاد الحالي والحق يقال في رفع المستوى الفني للدوري بعد أن سمح بدخول اللاعب الأجنبي، وتجلى ذلك في مباريات المربع الذهبي التي شهدت إثارة وندية كبيرتين وكان لحضور اللاعب الأجنبي فائدة فنية كبيرة، وأعطى المباريات نكهة تنافسية كبيرة، ولا شك بأن الدوري القوي الذي يحفل بمباريات عالية المستوى لا بد أن يفرز منتخباً قوياً، غير أننا ومنذ سنوات لم يكن لدينا دوري نعتمد عليه، حيث تمكن اتحاد السلة السابق من البقاء على رونق اللعبة، والمحافظة عليها، واقتصر عمله على نظام دوري متواضع غابت عنه النكهة التنافسية التي كانت تشهدها صالاتنا في السنوات الماضية، عندما كان للاعب الأجنبي مكانة مرموقة ساهمت في رفع مستوى اللاعب المحلي الذي استفاد من فرصة الاحتكاك معه، لكن غياب اللاعب الأجنبي لسنوات طويلة وضعف مسابقاتنا كان لهما نتائج سلبية على إعداد لاعبنا الوطني في الفترات الماضية، لتتسع فسحة تفاؤلنا برؤية دوري عالي المستوى هذا الموسم ينعكس على جميع الأندية بالفائدة الفنية التي ترفع مستوى اللاعبين المحليين، وبالتالي يصب ذلك في بوتقة المنتخب الوطني، وخاصة أننا مقبلون على مرحلة الدور الستة الكبار والتي تحمل مباريات قوية ومفعمة بالإثارة وبالندية.

خلاصة

يجب ألا ننسى ما عانت منه السلة السورية بسبب الأزمة التي عصفت بالبلاد والتي تسببت بهجرة الكثير من كوادرها من لاعبين ومدربين، وما نطالب به ليس مستحيلاً ولا هو ضرب من الخيال، وإنما السعي لتحديد أعمار اللاعبين والحد من تضخمه أكثر، على أن ننتظر تحركاً سريعاً على أرض الواقع طالما أن الدعم موجود والكوادر متوافرة، وما يشجع على ذلك وجود نخبة من اللاعبين الشبان بأنديتنا لا ينقصهم سوى الخبرة والإعداد الجيد.

أيها القائمون على أمور السلة السورية من يرد أن يبني كرة سلة متحضرة فليبدأ من الروزنامة مستقرة وخطة واضحة، ومن يتول مهام القيادة يجب أن يعرف ما له وما عليه وما هو مطلوب منه وما هو مخصص له، أما أن نخلط الماء بالزيت، ونصر على نجاح الخليط فهو اتجاه يعكس جهل القائمين على شؤون اللعبة وضعف الإمكانيات والرؤية الفنية.

فعلاً صدق من قال ما أسهل الكلام وما أصعب العمل، فهل سنرى تحركاً جديداً لاتحاد السلة في هذا الاتجاه؟ أم سيبقى الحال على ما هو عليه إلى أن تصل أعمار لاعبينا لحد الكهولة؟ وهذا ما لا نتمناه أبداً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن