بعضهم شبهه بـ«الفانوس السحري»! … «مهنة» تنتعش في رمضان.. شبكات المتسولين تختار الأماكن والأشخاص … الجهات الرقابية تغض الطرف مراعاة لحرمة الشهر
| حلب - خالد زنكلو
وجد العاملون في «مهنة» التسول بحلب في شهر رمضان متنفساً كبيراً لمزاولة عملهم بحرية بعيداً عن أعين الرقابة، وفرصة لتحقيق مكاسب مادية كبيرة بفضل جود وكرم الصائمين.
وعادة ما تنتعش «المهنة» المنبوذة اجتماعياً في الشهر الفضيل، لتغاضي الصائمين عن مساوئها ومثالبها ومداومتهم على تقديم الصدقات لكل من يطلبها بغض النظر عن أحقيته وحاجته إليها، لخصوصية شهر الصيام في مساعدة المحتاجين وطالبي المعونة المالية والعينية.
ويعمد المتسولون إلى اختيار الأماكن المستهدفة بعناية لممارسة نشاطاتهم التي تزداد في شهر الصوم، ويؤثرون الوقوف أمام شركات الحوالات المالية، لاستدرار عطف مستلمي الحوالات المالية الخارجية، وكذلك أمام البنوك الخاصة للغاية ذاتها، وغالباً ما ينجحون في تحقيق مبتغاهم.
«الوطن» رصدت ازدحام المتسولين أمام مطاعم الوجبات السريعة المعروفة قبيل الإفطار في حلب، وأيضاً في أسواق التبضع لحاجيات شهر رمضان، وخصوصاً في الأحياء الثرية غرب المدينة، كما في الفرقان والموكامبو وحلب الجديدة، حيث بإمكانهم اقتناص الفرص المناسبة من المتسوقين وجني أموال كبيرة وحتى وجبات إفطار وسلل غذائية لزوم الشهر الفضيل.
كما رصدت وقوفهم أمام أبواب الجوامع الكبيرة غرب المدينة، التي يقصدها عادة التجار والأغنياء، وذلك عقب صلاة التراويح التي تشهد إقبالاً كبيراً من أبناء المدينة، وجميعهم مستهدفين من المتسولين على اختلاف مشاربهم.
وتحرص الشبكات التي تدير المتسولين على استغلال إشارات المرور عند تقاطع شوارع الأحياء الراقية، وكلما زاد توقيت الإشارة زادت أهميتها وارتفع معها منسوب «الربح» المتوقع، ولذلك يتقاسم مديرو الشبكات الإشارات المهمة، ويتصارعون للاستحواذ عليها.
كما يتبع المتسولون أسلوب الإحراج عند استهداف الشخصيات، ولاسيما ممن تقلهم سيارات فارهة، ولا يتورعون في ارتداء الألبسة البالية والمبالغة في الإلحاح و«تقبيل الأيادي لنيل مرادهم ما دامت الغاية تبرر الوسيلة», وغالباً ما يلجؤون إلى تقديم «الطعم» للمستهدفين، وذلك عبر اختيار الأطفال الصغار، وخاصة دون سن المدرسة كمتسولين ووسيلة لاستدرار العطف، في حين تلجأ النساء إلى حيلة حمل الأطفال الرضع لطلب ثمن الحفاضات والحليب المرتفع الثمن، للاستحواذ على أكبر قدر ممكن من مال «الشحادة».
وشبهت إحدى المتسولات لـ«الوطن» الشهر الفضيل بـ«الفانوس السحري»، الذي يدر مالاً وفيراً ببركة الصدقات والزكاة التي يجود بها الصائمون الأسخياء، وخصوصاً في الفترة التي تسبق الإفطار بساعة إلى ساعتين.!
ولعل غياب رقابة الجهات المعنية أو شبه غيابها لرصد ومعالجة الظاهرة المستشرية والمستفحلة بشدة في شهر الصيام، يعتبره البعض حرمة لهذا الشهر من إلحاق أي ضرر بالناس، ومنهم محترفو التسول.