شؤون محلية

عرض أزياء في عروس الفرات

| ميشيل خياط

عرضت طالبات ثانوية تاج الدين العزاوي للفنون النسوية في دير الزور «عروس الفرات» أزياء من صنعهن، على هامش معرض مشغولات يدوية وملابس أقمنه للترويج لثانويتهن كمركز إنتاجي، التزاماً بتطبيق القانون 38 للعام 2021 الذي نص على تحويل مدارس التعليم المهني والتقني في سورية، وهي 480 مدرسة متنوعة صناعية ونسوية وتجارية، إلى مراكز إنتاجية.

للأسف لم يحظ الحدث بأكثر من خبر من عدة أسطر، وكأنه أمر عابر لا أهمية كبرى له، على هذا الصعيد الإنتاجي بالذات، بغض النظر عن كونه الأول من نوعه بعد سنوات الحرب الضروس على الأقل وأنه جرى في محافظة لا تزال مسرحاً لمعارك مستعرة مابين المقاومة الشعبية الباسلة وعملاء المحتل الأميركي لحقول النفط والغاز وقواعده غير الشرعية على أجزاء من تلك المحافظة.

ثمة وقائع كثيرة قد تكون أكثر أهمية، تثبت أن الذين يعرفون ويدركون الأهمية الوطنية الكبرى، لتحويل مدارس ومعاهد التعليم المهني والتقني وهي 480 مدرسة و174 معهداً، إلى مراكز إنتاجية، مازالوا قلائل جداً، حتى داخل الوسط التربوي السوري.

ولعل أكبر دليل على ذلك، أن ما تم حتى الآن يعد نقطة في بحر التحول الموعود، على الرغم من مرور ما يقرب من عامين ونصف العام على صدور القانون 38، وكان مطلب المطالب وأنه السبيل إلى النهوض بالتعليم المهني التقني، المثقل بمعاناة حادة على صعد كثيرة.

ويبقى حظه أفضل بكثير من القانون 39 الصادر بعده بعام واحد، وقد نص على تحويل المعاهد التقنية إلى مراكز إنتاجية، ويتبع 24معهداً منها إلى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.

إن السعي إلى تحويل المدارس المهنية الفنية والمعاهد التقنية إلى مراكز إنتاجية، قضية وطنية كبرى للأسباب التالية:

أولاً: إن هذا التحول سيوفر دخلاً مالياً ممتازاً للمدرسة أو المعهد والطلاب والمدربين والمدرسين والإداريين، وهذا مهم جداً الآن إذ سيتم توزيع أرباح المشاريع على الجميع، أما من يعملون في المصانع على نظام التلمذة الصناعية، فيحصلون على أجر مجز، كان قبل عامين 200 ألف ليرة للطالب الواحد ممن أتيحت لهم الفرصة.

تصوروا أن يتم زج كل المدارس والمعاهد في مثل هذه المشاريع..؟ ولنفرض أن القطاع الخاص تلكأ وخاف، وأن المدارس قادرة على الإنتاج بمفردها، وهنا نعود إلى مثال ثانوية العزاوي بعروس الفرات.

وهنا لابد من التذكير أن بيوتات الأزياء العالمية الشهيرة بدأت بمبادرات فردية واعتمدت على رجل واحد في البداية وعلى محل واحد ثم اتسعت وغدت سلاسل واشتهرت وامتلكت مصانع كبرى.

ولا يقتصر الأمر على الملابس ولكن ما أجمل أن نشهد قريباً ملابس نسائية على امتداد سورية «ماركة » عروس الفرات، علماً أن الثانويات النسوية في دير الزور أنجزت في وقت مضى آلاف أمتار الستائر لحماية صفوف مدارس تلك المحافظة من الحر الشديد، موفرة ملايين الليرات.

وأثناء كورونا، لعبت المدارس النسوية على امتداد سورية دوراً كبيراً في توفير احتياجات البلد من الكمامات.

القضية تحتاج إلى تبنٍ وإيمان وإقبال بحماسة، ودعم وحماية ممن يصطادون في الماء العكر ومن الباحثين عن المنفعة الشخصية.

لا أخفي أن الكل خائف من التعامل المالي وتبعاته، ولقد سألت معاون وزير التربية الدكتور محمود بني المرجة عن هذا الموضوع فأجاب ببساطة: إن صاحب الكف النظيف ينام مرتاح البال.

إذاً التحول نحو الإنتاج سيوفر أرباحاً مالية كبرى وسيجعل حلم أغلب الطلاب دخول المدارس الصناعية والمعاهد التقنية ما سيوفر حلاً رائعاً للانفصام القائم حالياً ما بين التعليم وسوق العمل.

ففي العام الماضي مثلاً نجح 156256 طالباً وطالبة في الشهادة الثانوية العامة، منهم فقط 17138 طالباً وطالبة باختصاصات مهنية والباقي علمي وأدبي، إلى كليات جامعية أغلب خريجيها ينتظرون الوظيفة التي غدت نادرة.

لا سبيل إلى تغيير المعادلات والأرقام التعليمية إلا بتحسين واقع التعليم المهني.

ثانياً: إن السعي إلى تحويل المدارس المهنية والمعاهد التقنية إلى مراكز إنتاجية، يوفر حلاً للوضع الاقتصادي الصعب، ويؤمن رافداً لحياة معيشية غير مأزومة.

ثالثاً: تنقذ تلك المراكز من الابتزاز وتوفر حاجة ضرورية للناس على مقربة من بيوتهم.

شكراً لطالبات ثا. العزاوي على قرعهن ناقوس العمل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن