قراءة في دفاتر الدوري الكروي الممتاز.. الحرية سقط ومعركة الهبوط لمصلحة الوحدة … اللقب محسوم للفتوة والفرق تبحث عن مراكز الترضية
| ناصر النجار
الدوري عملياً انتهت منافساته، وما تبقى من مراحل يعتبر استكمالاً للموسم، البعض من الأندية يعتبر المباريات القادمة تحضيراً للموسم القادم، والبعض الآخر قد يغربل فريقه من الآن، فلا داعي لوجود لاعبين لم يقدموا المطلوب منهم وفسخ عقودهم اليوم خير من بقائهم.
وقد تكون نظرية التحضير للموسم الجديد هي الأفضل، فما دامت الفرق في أمان بعيدة عن المنافسة على اللقب وبعيدة عن خطر الهبوط، فإن الاعتماد فيما تبقى من مباريات على أبناء النادي وخصوصاً الموهوبين والشباب فكرة جيدة ترسم معالم المستقبل، وخصوصاً أنه قد تبين للجميع أن الاعتماد على المحترفين لم يعد يجدي كثيراً، فالمحترفون باتوا على نوعين، نوع جيد على مستوى الدوري وهو مطلوب للفرق القادرة على الدفع، لأن هؤلاء يطلبون أسعاراً عالية وربما مبالغ فيها، ونوع أقل من عادي وبعض هؤلاء دخل السن الافتراضي للاعتزال وهؤلاء لن يكونوا أفضل أبناء النادي وشبابه، لذلك التوجه نحو جيل الكرة الجديد هو أفضل خيار لأنديتنا وخصوصاً التي تعاني من الضائقة المالية، ونكرر هنا ما أكدنا عليه سابقاً أن تجربة نادي أهلي حلب بالاعتماد على أبنائه من المخضرمين والشباب اتضحت أنها فكرة صائبة من المفترض أن تغري بقية الأندية بتقليدها، وعليه نقول: ماذا استفادت بقية الأندية من جيش المحترفين كحطين وتشرين وجبلة والوحدة وغيرهم، فهم لم يبلغوا الأرب ولم ينالوا اللقب أو حتى لم يبلغوا درجة المنافسة أبداً ونلاحظ أن أهلي حلب بدأ يقترب من مربع الكبار وها هو يقض مضاجعهم.
مرحلة الإياب تجاوزت نصف مبارياتها، والدوري قطع ثلاثة أرباع مشواره والمنافسة على اللقب باتت مستحيلة، وفي المؤخرة الأمور بدأت بالوضوح والأقرب للهبوط بنسبة تتجاوز 80 بالمئة فريق الساحل، ومئة بالمئة للحرية، ويبدو الوحدة اليوم أكثر راحة من ذي قبل بعد أن ابتعد عن الساحل ب فارق خمس نقاط يبدو من العسير على الساحل تداركها.
الطابق الأول
الدوري أفرز الفرق على عدة طوابق، وبات الفتوة يحتل الطابق الأول وحده فهو يبتعد عن أقرب منافسيه بفارق 11 نقطة ويكفيه من نقاطه المتبقية البالغة خمس عشرة نقطة أن ينال أربع نقاط ليتوج رسمياً.
الفتوة فاز على كل الفرق، لكن الغصة التي يحملها هذا الموسم كان فريق الكرامة الذي تعادل معه في حمص بشق الأنفس وبالدقيقة القاتلة وخسر أمامه بدمشق، فالكرامة الفريق الوحيد الذي لم يخسر مع الفتوة، وكذلك جبلة الذي تعادل معه، لكنه لم يلعب إياباً وتبقى للفتوة مباريات بين السهل والصعب، فسيستقبل المباراة القادمة فريق الحرية في دمشق، كما يلعب على الملعب نفسه مع الجيش والوحدة، ويلعب خارج أرضه مع الوثبة وجبلة.
التركيز في نادي الفتوة يتم على شيئين اثنين، أولهما: إنهاء الدوري دون مطبات وعثرات والمحافظة على سجل الانتصارات بعيداً عن أي خسارة جديدة، وثانيهما: التركيز على مسابقة الكأس بهدف جمع اللقبين معاً في هذا الموسم.
والنادي اليوم يعد حساباته للموسم الجديد وخصوصاً المشاركة الآسيوية لذلك يعيد دراسة أوضاع لاعبيه من الآن وموضوع إنهاء عقود بعض اللاعبين أمر وارد وتطعيم الفريق بآخرين يتم التفكير فيه بشكل جدي، فتجربة الفريق الآسيوية في الموسم الماضي لم تكن ناجحة، ولابد من معالجة كل الأخطاء والعثرات لتكون مشاركة الموسم القادم مشرفة.
الطابق الثاني
ضم الطابق الثاني فرق تشرين وحطين وجبلة، أكثر فريق اقترب من المنافسة كان حطين وخصوصاً في مرحلة الذهاب، لكن في الإياب فرط دوزان الفريق وبدأ يخسر مبارياته، المباراة الأهم التي أبعدته عن المنافسة هي مباراة المتصدر التي جرت على أرضه ولم يستطع حطين قيادتها بشكل جيد، حاول حطين النهوض، لكنه سقط سريعاً وخسر بلا مبرر أمام الساحل وتلك أغضبت جماهيره التي شعرت أن في المباراة (إنَّ)، ثم خسر أمام أهلي حلب وكأنه اقتنع بما آل إليه حاله، لكنه اليوم عازم على العودة إلى استعادة مركز الوصافة في المباريات القادمة والمنافسة على كأس الجمهورية فقد تحقق لقباً يعوضه كل إخفاقات الدوري.
تشرين لم يكن من المنافسين هذا الموسم، لكنه لم يبتعد عن مواقع الكبار، أحوال تشرين هذا الموسم لم تكن تؤهله ليدخل خط المنافسة، فظروفه المالية لم تسعفه، دوماً كانت الشكوى من اللاعبين قائمة على تأخر الرواتب وغيرها من الالتزامات المالية التي أتعبت الإدارة والفريق والجمهور، تشرين أيضاً ينظر إلى الكأس ليحافظ على لقبه.
جبلة ضاع في زحمة التعادل، رغم أنه لم يخسر كثيراً وترتيبه الثاني بجدول الخسارات بعد الفتوة، لكن كثرة التعادل تكسر الظهر، ولذلك كان مثل تشرين بعيداً عن المنافسة وضمن قائمة الكبار، وبكل الأحوال لم يقنع جبلة هذا الموسم كثيراً وكان في الموسم الماضي أفضل على صعيد الأداء والمستوى، والفريق مثل تشرين بحاجة إلى (نفضة) والاعتماد على أبناء النادي خير للفريق، من بعض اللاعبين الذين لم يكونوا الورقة الرابحة ولم يشكلوا الإضافة المطلوبة للفريق ليسدوا غياب لاعبين مؤثرين غادروا الفريقين إلى أندية أخرى.
جبلة في هذا الموسم خارج الأضواء فخسر الدوري والكأس معاً.
فرق الوسط
أهلي حلب يتصدر قائمة فريق الوسط وهو قريب جداً من قائمة الكبار ومن الممكن أن يدخل المربع الذهبي إن أحسن التصرف بمبارياته القادمة وأغلبها من الوزن المتوسط مع فرق مشابهة له، لذلك فإن فريق أهلي حلب يشكل خطراً على مواقع الطابق الثاني، وهذه منافسة معقولة نحو مراكز الترضية ليعوض خروجه من الكأس، الأهلي لم يقنع بعد وشبابه ما زالوا بحاجة إلى الخبرة والصبر عليهم مطلوب، فلا شيء يتحقق بسهولة.
الكرامة والجيش بالموقع ذاته ويبتعدان عن أهلي حلب بفارق مباراة (ثلاث نقاط) الفريقان محيران في النتائج والأداء، والمزاجية تحكم أداء اللاعبين فتارة نرى الفريقين في القمة وتارة غير ذلك.
الكرامة بشكل عام أدى مباريات مقبولة، لكن علته تجلت بغياب الهداف، ولو كان الفريق يملك الهداف المناسب لكانت نتائجه أفضل، هناك حلقة مفقودة في الفريق، وهي بحاجة إلى بحث وعلاج، الجبان مدرب الفريق ينتهج أسلوب اللعب المفتوح وهو لا يشدد على الصرامة الدفاعية، لذلك دخل مرماه الكثير من الأهداف، ودوماً غاية الفريق الأداء الجماعي وصولاً إلى الأداء الجميل، الفكرة في نادي الكرامة هي إعادة تأسيس الفريق ضمن أسلوب الخطوة خطوة فاعتمد المدرب هذا الموسم على مجموعة من اللاعبين المخضرمين إضافة إلى مجموعة من لاعبي الشباب، والخطوة التالية ستكون باتجاه لاعبي النادي وخصوصاً من الشباب، ولا ننسى أن نادي الكرامة يملك فريقاً من الشباب وآخر (الأولمبي) هما في صدارة الدوري ومن المنافسين ويملكان الكثير من اللاعبين الجيدين، إعادة تأهيل فريق الرجال يحتاج إلى وقت ويلزمه الصبر، وإذا استمر هذا النهج فسنرى الكرامة بعد موسم أو موسمين من المنافسين، هذا المشروع يحتاج إلى دعم من الإدارة للفريق وللمدرب وإلى صبر من الجمهور فالنتائج ستأتي لاحقاً.
حتى الآن لم تتضح معالم الخطة التي تسير عليها كرة الجيش، فما زال يعتمد على الكثير من اللاعبين من خارج صفوفه رغم أنه يملك مجموعة من الفرق وخصوصاً الفرق القاعدية التي تملك مواهب عديدة، وهذا هو فريق الشباب في الصدارة اليوم، قد يكمن السر بتخوّف إدارة الفريق من الزج بمجموعة شابة أن يلحق بالفريق خسائر كثيرة، فآثر الاعتماد على المخضرمين أكثر من اعتماده على الشبان، لكن بالمحصلة لم تأت النتائج بما يرضي الجمهور، وحتى الإدارة غير راضية عن الفريق في بعض المباريات، من الممكن أن يتحسن واقع الفريق في المباريات القادمة وهذا رهن جدية اللاعبين في المباريات.
الوثبة لم يفلح هذا الموسم ولولا النقاط الجيدة التي حققها الفريق في مرحلة الذهاب لكان الآن في مواقع الخطر، ووضعه غير سار، وخسارته الصريحة أمام الوحدة بالكأس تدل على أن وضع الفريق لا يطمئن.
من الصعب أن يتحرك الفريق نحو الأمام وربما هبط مركزاً أو مركزين مع نهاية الدور، الطليعة وضعه مشابه للوثبة تماماً، وحسب الفريقين أنهما في الأمان بعيداً عن الهبوط، وهذا الأمر بالطبع ليس ساراً بالمطلق لأن المطلوب من الفريقين أكثر مما حققاه.
نهضة متأخرة
فريق الوحدة انتعش مؤخراً وانقلب حاله من فريق خاسر إلى فريق رابح، ومن المتوقع أن يستمر في وثبته حتى نهاية الدوري وأن يتجاوز الخطر المحدق، ليتجاوز الطليعة والوثبة على سلم الدوري، الوحدة هزم الطليعة بالثلاثة، وفاز على غريمه الساحل بالثلاثة، وها هو يطيح بالوثبة في مسابقة الكأس بالثلاثة، لذلك نقول: إن الوحدة تجاوز أذى الماضي وبدأ بفتح صفحة جديدة وأن تأتي متأخراً خير من ألا تصل أبداً، النهضة التي تشهدها كرة الوحدة أنهت مسألة الهبوط وتركت الخطر يداهم فريق الساحل بعد أن وقع به فريق الحرية.
في شأن الهبوط فإن الحرية قطع التذكرة الأولى فعلياً ومن الصعب أن يحقق النقاط الكاملة في المباريات الخمس المتبقية وغيره من الفرق لن تحصل على شيء، وهذا بعلم نظريات كرة القدم مستحيل وغير قابل للتحقيق بشكل عملي، أكثر ما يمكن أن يصل إليه الحرية هو 22 نقطة وهو أمر غير عسير على الوثبة والطليعة والوحدة أيضاً، وعلى الحرية أن يستفيد من درس هذا الموسم ليعيد كل حساباته مع كرة القدم قبل أن يعود إلى الدرجة الممتازة مرة أخرى، لتكون عودته مشرفة بعيدة عن التجاذبات والصراعات، وبعيدة عن الأزمة المالية.
فريق الساحل أقرب من غيره إلى مرافقة الحرية والهبوط.
فهو يبتعد عن أقرب منافسيه الوحدة بفرق ضمن نجاته متعلقة بالدرجة الأولى بنتائج الوحدة، ومعادلة بقائه في الدوري فوزه في مبارياته الخمس القادمة على أن يتعثر الوحدة في مباراتين على الأقل من مبارياته المتبقية وعددها خمس مباريات، وهذا أمر صعب وإن كان على الورق ممكناً، وكل مرحلة يفوز بها الوحدة ستضيق مساحة الأمل على الساحل أكثر من ذي قبل.