شؤون محلية

المارديني لـ«الوطن»: مجانية التعليم شيء ضروري لمرحلة التعليم الأساسي … وزير التعليم لـ«الوطن»: آن الأوان للتفكير بمعايير جديدة للقبول الجامعي تعتمد على قدرة وموهبة الطالب

| فادي بك الشريف

بينما أكد وزير التربية محمد عامر المارديني لـ«الوطن» ضرورة أن تضخ الاستثمارات التي قد تلجأ إليها «التربية» إلى قلب الوزارة نفسها، وألا تذهب للخزينة العامة، ما ينعكس على تحسين الأداء، أوضح وزير التعليم العالي والبحث العلمي بسام إبراهيم في تصريح مماثل لـ«الوطن» أن جميع الموارد الذاتية في قطاع التعليم العالي هي بتصرف الجامعات ببداية كل عام دراسي، بحيث يتم توزيعها ضمن نسب معينة بعد اعتمادها من مجلس التعليم العالي، حيث يعود جزء منها لشراء التجهيزات، وإعادة وتأهيل وصيانة المخابر، وجزء يعود مكافآت وحوافز لأعضاء الهيئة التعليمية.

ولم تسلم الندوة التي أقامتها جامعة دمشق حول «الاستثمار في التعليم» من الانتقادات التي طالت ضعف رواتب الأساتذة والتسرب الحاصل نحو القطاع الخاص، والتركيز على الكم على حساب النوع ما ينعكس سلباً على قطاعي التربية والتعليم مع الطلب الكبير الحاصل نحو التعليم الحكومي على حساب الخاص، وضرورة تصويب آلية الاستيعاب الجامعي.

ورداً على سؤال «الوطن»، قال إبراهيم: «آن الأوان للتفكير باعتماد معايير قبول إضافية تعتمد على قدرة وموهبة الطالب خلال الفترة القادمة»، مضيفاً: ربما يتم تطبيق معيار المقابلة والاختبارات لعدد من الاختصاصات لمعرفة مقدرة المتقدم وميول الطالب، علماً أن الأمر بحاجة إلى الوصول تدريجياً لمرحلة «نسبة الأستاذ إلى طالب» من خلال زيادة أعضاء الهيئة التدريسية.

لجنة

وكشف الوزير إبراهيم عن لجنة مشكلة لتعديل قانون تنظيم الجامعات، بما ينعكس على تحقيق الاستقلالية الإدارية والمالية للجامعات واللامركزية وتطوير الهيكلية الإدارية وتحقيق المرونة، وأسلوب الخطط والمناهج، والتركيز على الجودة والاعتمادية، مضيفاً: على سبيل المثال إن توقيع الشهادات وتعيين عضو هيئة تدريسية هو من صلاحية رئيس الجامعة الذي يعلم بحاجة الجامعة، منوها بأن المشروع الأولي سيعرض على كافة المجالس الجامعية تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء، للخروج بقانون عصري يواكب التطورات الحالية.

مسابقات

وبين أنه سيتم الإعلان قريباً عن مسابقات لتعيين أعضاء هيئة تدريسية في الجامعات وذلك في كل جامعة على حدة وفقاً لحاجتها بما يلبي متطلباتها للعملية الامتحانية.

وفي كلمة له خلال الندوة، أكد أن رؤية الوزارة هي تخريج كوادر وكفاءات ذات نوعية من أجل خدمة المجتمع والتنمية، معتبراً أن الاستثمار في التعليم العالي هو الاستثمار في الكوادر البشرية، ما يتطلب تطوير المناهج والمخابر والتجهيزات لمواكبة التطور العلمي.

وشدد إبراهيم على ضرورة الاهتمام بنتائج الأبحاث التطبيقية العلمية في الجامعات وانعكاسها الاقتصادي والاجتماعي، سواء في تطوير منتج معين أو معالجة مشكلة فنية، وبالتالي تحقيق انعكاس مباشر على وزارات الدولة وعلى القطاع الخاص.

ولفت إلى أهمية دورات التأهيل المستمرة وتحديداً في مجال اللغات وتقنيات الحاسوب، مع وجود مراكز تدريب وتأهيل لكافة الجامعات للاستثمار في التعليم، وضرورة أن تكون بعض الكليات مراكز إنتاجية تبيع للأسواق، وخاصة في مجال البرمجيات وصناعتها، علماً أن الكثير من الوزارات تطلب برامج حاسوبية معينة لتطوير أداء عملها ومعاملها.

وأكد إبراهيم أن الحكومة تدعم قطاع التعليم، فالموازنة الاستثمارية 329 ملياراً ما يخدم قطاع التعليم في الجامعات والجهات المرتبطة بها وقطاع المشافي.

مجانية التعليم

من جهته أكد وزير التربية المارديني في تصريح لـ«الوطن» أن مجانية التعليم شيء ضروري وخاصة في مرحلة التعليم الأساسي، والدولة تتحمل عبئاً كبيراً جداً على الرغم من الصعوبات.

وقال: في حال تحدثنا عن «الاستثمار» فيجب أن تضخ الاستثمارات التي قد تلجأ إليها «التربية» إلى قلب الوزارة نفسها، وألا تذهب للخزينة العامة، ما ينعكس على تحسين الأداء، علماً أن هذه المواضيع بحاجة إلى قوننة على أن تكون التشاركية لمصلحة المؤسسة كاملةً وليس الخزينة العامة.

الموازنة

وحول إذا ما كنا قادرين على التحرك باتجاه الحفاظ على الخدمة المجانية وفي نفس الوقت إيجاد آليات وطرق جديدة، قال الوزير: طلبنا للموازنة الاستثمارية 550 مليار ليرة وحصلنا على 175 مليار ليرة، وهذا رقم يعتبر قليلاً جداً، بالمقابل تم رصد 72 ملياراً لطباعة الكتب المدرسية العام الماضي ما يشكل رقماً كبيراً على الدولة، ما يتطلب أشكالاً وطرقاً جديدة.

وأكد مادريني أنه من واجب المجتمع المحلي وليس «منيّة» أن يطور التربية ويساعد مؤسساتها، مشدداً على ضرورة تحقيق التشاركية في مختلف القطاعات، ذاكراً أحد الأمثلة بأن مستثمرين قدموا دعماً بقيمة 7 مليارات لتأهيل مدارس في النبك ودوما والمليحة.

وأضاف: من المفترض أن يكون للتعليم الخاص عوائد تعود لقطاع التربية، ولاسيما في ظل تقديم الفرصة لهذا القطاع بغية تحقيق الأرباح وجني الأموال من خلال عملية الاستثمار، وبالتالي من المفترض أن يكون هناك عوائد محققة من أرباح المدارس الخاصة بغية تحسين مدارس ليس بمقدور الوزارة حالياً دعمها.

وأكد المارديني العمل على تحسين عدد من القوانين، مع تحسين الواقع المعيشي للمعلم، ولكن هذا يتطلب حصة من الاستثمار تعود للوزارة للقيام بنهضتها.

جودة الخدمات

واعتبرت رئيسة الاتحاد الوطني لطلبة سورية دارين سليمان في تصريح لـ«الوطن» أن قطاعي التعليم والتربية ليسا بخير في ظل الظروف الراهنة، وسط تحديات ترتبط بالحاجة لتوفر الموارد المالية بما ينعكس على جودة الخدمات المقدمة للطلاب، ما يتطلب آليات لتحسين وزيادة هذه الموارد لتحسين هذه الموارد وتتمتع الجامعات بالمرونة والاستقلالية.

ونوهت بوجود تحدٍ آخر يرتبط بالموارد البشرية وسط نقص أعضاء الهيئة التدريسية، والطلب على القطاع الحكومي، وهذا يرتبط بسياسة القبول الجامعي، إضافة إلى تخريج أعداد كبيرة من الطلاب دون وجود سوق عمل لهم، مشيرة إلى ضرورة وضع سياسة ورؤية واضحة مشددة على التشاركية بين القطاعين للإجابة على سؤال ماذا نريد من هذين القطاعين؟

ترميم 2200 مدرسة

معاون وزير التربية رامي الضلي تطرق في عرض له لخطوات الاستثمار في التعليم، بما يرتبط بالكوادر البشرية بمرحلة ما قبل التعليم الجامعي، مؤكداً ضرورة تحقيق تنمية بشرية مستدامة.

وأشار الضلي إلى وجود عدد من التحديات التي تواجه الاستثمار في التربية، أصعبها خروج أكثر من 10 آلاف مدرسة من الخدمة تم ترميم أكثر من 2200 مدرسة وبقي نحو 8 آلاف مدرسة، وتسرب عدد من الكوادر البشرية، ووجود قوانين قديمة مثل قانون وزارة التربية منذ عام 1944، حيث بدأت الوزارة بتطويره وتحديثه، مع وجود صعوبة في نقل المعلمين.

وعن الحلول، أكد الضلي أن الوزارة بادرت إلى تحديث القوانين، وإحداث المجلس التربوي ليكون القرار جماعياً، ومكتب ممارسة المهنة بما يحقق مردوداً للمدرسين بنسبة عادلة توزع عليهم، إضافة إلى توطين التربية بإحداث معاهد بمناطق بحاجة إلى معلمين باختصاصات عدة، والبدء بمشروع المدرسة الإلكترونية بالتعليم الافتراضي عن بعد، مشيراً إلى وجود 425 ألف معلم، في ظل وجود مختلف أنواع التعليم.

اختصاصات جديدة

ولفت نائب رئيس جامعة دمشق محمد تركو إلى وجود عدد من المحددات المستقبلية للتعليم العالي، منوهاً بظهور اختصاصات جديدة ما يفرض إيقاعات معينة على افتتاحها مثل ظهور علم إدارة الأعمال الرقمية، وعلم البيانات الضخمة، وعلم الروبوتات، مع وجود معيار للجودة والاعتمادية ما يفرض نمطاً معيناً على التعليم وجودة الخريج.

وأشار إلى أهمية التحول الرقمي باعتباره ضرورة حتمية، مؤكداً أن جامعة دمشق طبقت تجربة «المكتبات الرقمية» خاصة أن منهاج التعليم مرن ومتغير ما يتطلب مواكبته.

وتساءل تركو عن مدى فعالية الأبحاث وبراءات الاختراع ومساهمتها في تنمية وحل مشاكل المجتمع.

تشجيع القطاع الخاص

وقال رئيس جامعة دمشق الأسبق وائل معلا: أصبح متعارفاً عليه أن توفير التعليم العالي بشكل مجاني خاصة بالنسبة للدول ذات الإمكانية والموارد المالية المحدودة، سيؤدي إلى انخفاض نوعية هذا التعليم.

وركز معلا على أساليب تمويل التعليم العالي وتوفير الدعم اللازم، بما فيه تشجيع القطاع الخاص على دعم التعليم العالي ضمن طرق وصيغ من الممكن طرحها، إضافة إلى توفير قروض طلابية تسدد بعد التخرج.

إيفاد الأساتذة

ولفت عميد كلية العلوم السياسية محمد حسون إلى أنه تم نشر التعليم وإتاحته لمختلف الطلاب، ولكن تبين أن الكم كان على حساب النوع، علما أن مخرجات التعليم العالي ليست كما السابق وهي في تدنٍ وليست باتجاه تصاعدي.

وشدد حسون على ضرورة تطوير المناهج وإجراء المراجعة الدورية المستمرة بما ينسجم مع المتغيرات والتطورات على مختلف الصعد، مؤكداً أن عدداً كبيراً من المعلمين لا يكفيهم دخلهم من أجل حياة لائقة.

وطالب حسون بضرورة عودة إيفاد الأساتذة للبحث العلمي في الخارج للاطلاع على التطورات الحاصلة، مقارنة مع الفترة السابقة، مشدداً على ضرورة وضع محددات ومعايير صحيحة للقبول في كل كلية.

وتركزت المداخلات والنقاشات على ضرورة إدخال سوق العمل في المناهج الدراسية، وتصويب آلية الاستيعاب الجامعي، والاستفادة من نتائج البحوث بالجامعات، والاعتماد على التعليم المرن، وتحسين رواتب الأساتذة والمدرسين، ونوعية مخرجات التعليم ولاسيما أن القبول الجامعي مرتبط بالعلامة فحسب.

وأشارت المداخلات أيضاً إلى أن العائد المادي على التعليم في أسوأ حالاته، وهناك ضرورة لتحسينه، وأن هناك مدارس خاصة تتقاضى 25 مليوناً و40 مليون ليرة، وضرورة تهيئة الأدوات اللازمة للتعليم كالإنترنت في الكليات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن