فيما يرى رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلاصه من نكسته باجتياح رفح جنوب قطاع غزة، يرى سياسيون ومحللون أنها ستكون نهايته السياسية، وخاصة أنه يضرب عرض الحائط بكل التحذيرات الأممية والغربية والإقليمية من الإقدام على هذه الخطوة، وأبرزها الأميركية رغم عدم جديتها.
إصرار نتنياهو على العملية العسكرية في رفح محاولة جديدة فاشلة كما يصفها قادة المقاومة الفلسطينية، وخاصة أنها لن تمسح عار الهزيمة الذي وصم به جبين الكيان الصهيوني، بل على العكس تماماً فإن نتائجها السلبية بالنسبة لنتنياهو وجيشه ستكون كبيرة وفاتورتها باهظة عليه وستكون الشعرة التي ستكسر ظهره على كل المستويات وخاصة المستوى الداخلي الذي بات على صفيح ساخن.
نتنياهو كرر حديثه عن الاستعداد لاجتياح رفح مراوغاً بالتوقيت ليقول: «إن الأمر سيتطلب بعض الوقت»، في حين نقلت وكالة «رويترز» أنه سيتحدث مع أعضاء جمهوريين بمجلس الشيوخ الأميركي بعدما انتقده زعيم الأغلبية الديمقراطية تشاك شومر.
نتنياهو يوزع تصريحاته هنا وهناك بأن هدف اجتياح رفح هو القضاء على ما تبقى من كتائب المقاومة الفلسطينية، ليبرز السؤال المهم الذي يقول: هل تمكّن نتنياهو بآلته العسكرية المتطورة من القضاء على كتائب المقاومة في بقية مدن وأجزاء قطاع غزة؟ إذاً، من يقاتل هناك؟
يتضح أكثر فأكثر أن هدف الاجتياح هو تهجير مليون فلسطيني من رفح باتجاه سيناء المصرية، وخاصة بعد الحديث عن ممرات آمنة قسرية أعدها جيش العدو لأجل هذا الهدف.
اجتياح رفح إذا ما تم لن يكون نزهة، وسيكلف جيش الاحتلال الإسرائيلي خسائر فادحة في العديد والعتاد، ما سيزيد الضغط الداخلي والخارجي عليه مع وجود حتمي للمزيد من الضحايا المدنيين الفلسطينيين، الذين خذلتهم شعارات حقوق الإنسان التي يرفعها الغرب والولايات المتحدة الأميركية.
مع أول عملية هجومية مضادة عقب العدوان على رفح وإعلان إخفاق الاجتياح، ستكون حكومة الاحتلال في مأزق عسكري وسياسي داخلي وخارجي، وسيكون رأس نتنياهو قرباناً لأي تقدم في عملية المفاوضات، لإرساء قواعد جديدة لمستقبل الصراع العربي الإسرائيلي.
قبل اجتياح رفح ليس كما بعده، وحل الدولتين سيتصدر المشهد السياسي كأمر واقع، وستستغله الأغلبية الديمقراطية في الكونغرس الأميركي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، أما في حين نجاح نتنياهو بتحقيق أهدافه في رفح وهو أمر مستبعد، فستكون القضية الفلسطينية المركزية كلها بخطر وبالتالي سيكون الأمن القومي العربي في خبر كان.