الناس تلهث لإدراك أكبر كم من المسلسلات الرمضانية، وكأن المسلسلات خلقت فقط لشهر رمضان، أما بقية أشهر العام فلها اللـه ونعم الوكيل!.
اليوم سأسمح لنفسي بالحديث عن الدراما التي يتابعها الناس، مع الاعتراف مسبقاً بأنني لست ناقداً فنياً، وإن كان لي تجارب سابقة في الكتابة المسرحية.
ينتقل المرء من محطة تلفزيونية إلى أخرى لمتابعة مسلسلاته المفضلة، وهو غير قادر على متابعة جميع أو حتى معظم ما تقدمه القنوات التلفزيونية، ويقول بينه وبين نفسه: إنني سأتابع بقية المسلسلات بعد شهر رمضان المبارك عندما تعيدها هذه القنوات لملء الفراغ!.
لن أخوض في العمق كثيراً، وأنصب نفسي محللاً فنياً- على غرار المحللين السياسيين- وسأكتفي بالإشارة إلى إبهار الدراما السورية هذا العام، وتوهج بعض العاملين في هذا المجال الجميل، والمتعب أيضاً.
وإذا كنت سأنتقي بعض الأسماء التي سجلت حضوراً لافتاً، فإن ذلك لا يعني تجاهل الآخرين، إن كان في التمثيل أو الكتابة أو الإخراج.
أول من يجب التوقف عندها طويلاً هي المخرجة المبدعة رشا شربتجي التي يبدو أنها دخلت في سباق مع كبار المخرجين الذين سبقوها بسنوات طويلة، وقد كسبت الرهان عن جدارة.
والحقيقة أن الفنانة رشا تقدم دائماً ما يبهرنا في عمل متكامل، بل أزعم أنها قادرة على تحويل نص ضعيف إلى مسلسل «يكسر الدنيا» كما يقولون، ونجاحاً يبدأ من اختيار أبطال عملها الذين تنتقيهم بعناية فائقة، ومن ثم البحث عن أمكنة التصوير«اللوكيشين» وأخيراً بإدارة الكاميرا بكل ذكاء لتكون هذه الكاميرا هي عين المشاهد، والفنانة رشا قدمت هذا العام وجبة دسمة اسمها «ولاد بديعة».
أظن أن السوريين يفخرون بمثل هذه الموهبة الإخراجية التي تبدع في تصوير أدق المشاعر الإنسانية إلى درجة يظن المشاهد فيها أنه يتابع قصة حقيقية وليس مجرد مسلسل تلفزيوني.
الكلام نفسه ينطبق على المخرج المبدع سامر برقاوي الذي يقدم لنا دائماً وجبات فنية مذهلة. ونتذكر مسلسلات الهيبة، لو، تشيلو، نصف يوم، قلبي معكم وغيرها، واليوم يتحفنا بمسلسل«تاج» الذي خرج من عباءة البيئة الشامية التي يمثلها مسلسلات باب الحارة وأيام شامية وليالي الصالحية ومثيلاتها.
طبعاً أخرجت الدراما الكثير من المخرجين المتميزين منذ عقد الستينيات من القرن الماضي وحتى اليوم، وإذا تكلمت عن مخرجة ومخرج فقط فذلك لأنهما قدما عملين مميزين هذا العام، علينا الإشادة بهما.
ولا بد من الإشارة إلى العديد من الممثلين الذين كان حضورهم لافتاً في مسلسلات رمضان وفي مقدمتهم «تيم حسن، بسام كوسا، سلوم حداد، باسم ياخور، نادين خوري، عابد فهد، أنس طيارة، كفاح الخوص، فايز قزق، أمل عرفة، عبد المنعم عمايري والكبيرة: منى واصف، وليعذرني الآخرون فلا مجال للإفاضة.
وكان فاكهة هذا الموسم الرمضاني الطويل الطفل الموهبة زيد بيروتي، والفنانة المتألقة فايا يونان التي ظهرت في مسلسل «تاج» وكأن تجربتها في الدراما بدأت منذ سنوات طويلة وليست تجربتها الأولى، وهذا يعود أولاً لامتلاكها موهبة التمثيل، وثانياً لوجود مخرج قادر على استخراج أفضل ما هو ممكن من الممثل، وأعني طبعاً المخرج سامر برقاوي.
ملاحظة أخيرة: قد لا يعرف الكثير من الناس عن أي شيء أتحدث، ومعهم كل الحق، فهم لا يرون الكهرباء إلا فيما ندر، فكيف سيتابعون مسلسلات رمضان؟ وكل عام وأنتم بخير.. ورمضان كريم.