صناعات الأدوية النوعية.. الصعوبات والتسهيلات … رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية لـ«الوطن»: تصنيعها مكلف وشركات دولية ترفض التعاون بسبب العقوبات
| نورمان العباس
أكد رئيس المجلس العلمي للصناعات الدوائية الدكتور نبيل القصير لـ«الوطن» أن صناعة الأدوية النوعية في سورية تواجه تحديات كبيرة، وبين أن تصنيع هذا النوع من الأدوية له خصوصية ويحتاج إلى مساعدة مؤسسات دولية خبيرة لتتمكن من التصنيع، مشيراً إلى أن الشركات الدوائية الدولية لا تقدم التركيبة الدوائية بسهولة وأحياناً ترفض التعاون بسبب العقوبات وهذا يُصَعِب المهمة لكون الشركات المحلية لا تملك الخبرة الكافية لتصنيع أدوية التقانة العالية إضافة إلى التكلفة العالية التي تطلبها المؤسسات الدولية للتعاون مع المعامل السورية.
وأشار إلى أن تصنيع هذا النوع من الأدوية مكلف من حيث آلات التصنيع التي تحتاجها المعامل ومن ناحية الجو التصنيعي السليم إذ إنه يجب أن تكون الآلات بمواصفات تعقيمية محددة لكيلا تنقل تلوثاً لمن يعمل بالتصنيع.
وأضاف: يوجد في سورية معملان لصناعة الأدوية النوعية معمل لتصنيع الأدوية السرطانية ومعمل في حلب لتصنيع الأنسولين.
وبين أن معمل الأدوية السرطانية يقوم بالتصنيع على دفعات وبالتدريج لأنّها تحتاج إلى دقة وتشترط وزارة الصحة أثناء تصنيع هذا النوع من الأدوية ذي التقانة العالية أن تتعاون معها إحدى الشركات الأجنبية من خلال عقد تصنيع مع شركة أجنبية تكون لديها خبرة لأننا لا نملك الخبرة الكافية، مضيفاً: معمل الأدوية السرطانية في سورية متعاقد مع شركة كورية ومعمل الأنسولين في حلب متعاقد مع شركة مصرية عريقة في صناعة الأدوية.
ورأى القصير أنه للقيام بمثل مشروع نوعي كهذا نحتاج إلى تصنيع كميات كبيرة من الأدوية حتى تكون مجدية اقتصادياً لأن في حال تصنيع كميات صغيرة ومحدودة ستكون تكلفتها عالية وفي هذه الحالة استيرادها من شرق آسيا يكون مجدياً أكثر.
وشدد على ضرورة وأهمية تصنيع هذا النوع من الأدوية لحماية البلد، وقال: إننا إلى اليوم لا نملك إحصائيات دقيقة من المعامل حول الأدوية المطلوبة حتى تتم دراستها في جدوى اقتصادية.
وقال: تستورد وزارة الصحة الأدوية النوعية من شرق آسيا كالصين والهند التي تصنع كميات كبيرة وبالتالي هذا يؤدي إلى جدوى اقتصادية رابحة، أما في سورية فلا نستطيع تصنيع كميات كبيرة والعملية تحتاج إلى دراسة إحصائية على الرغم من أن تصنيع الأدوية النوعية يشكل أولوية بالنسبة لوزارة الصحة التي قدمت تسهيلات كبيرة للمعامل لكن الاستثمار في هذا النوع من الأدوية مكلف وصعوبة التعاون مع شركات الأدوية الخارجية في ظل العقوبات تشكل العائق الأكبر.
وبين أن أكثر الأدوية النوعية التي نحتاجها هي الأدوية السرطانية والتصلب اللويحي وأدوية أمراض الدم.
وأكد توافر حليب الأطفال لكن أسعاره شهدت ارتفاعاً إذ ولا توجد علبة حليب أقل من 70 ألفاً، منوه إلى أن هناك معامل في سورية بدأت العمل لتصنيع حليب الأطفال وفي نهاية السنة ستبدأ بالإنتاح وهذا يسد ثغرة أساسية من احتياجات البلد بالمواد الغذائية.
وأرجع نقص الأدوية النوعية في سورية إلى عدم دراسة الموازنة بشكل دقيق، وأشار إلى أن وزارة الصحة تدرس احتياجاتها من الأدوية النوعية كالأدوية السرطانية والتصلب اللويحي والأمراض المزمنة وتقدم احتياجاتها إلى وزارة المالية لكن بسبب الوضع الاقتصادي قد لا تستطيع وزارة المالية تأمينها.
وبين أنه في تشرين الأول 2023 أصبح هناك انقطاع ونقص بالأدوية لدى وزارة الصحة بسبب عدم دراسة الموازنة المالية بشكل دقيق وعدم القدرة على تأمين السيولة اللازمة لشراء الأدوية إلا أنه مع بداية السنة بدأت تصل التوريدات.
وأضاف: لدينا 87 معمل أدوية مرخصاً في سورية و850 خطاً إنتاجياً ونصدر اليوم لحوالي16 دولة كالعراق واليمن والصومال والسودان والجزائر وغيرها من الدول، في حين قبل الأزمة كانت المعامل السورية تصدر لحوالي 50 دولة.
وفيما يخص تأثير الصادرات في الأسواق المحلية أوضح أن أجود معمل أدوية في سورية يصدر نحو 30 بالمئة من إنتاجه وباقي الأدوية تذهب للسوق المحلية وبعض المعامل لا تصدر.
وقال: إن التصدير يحتاج إلى تسجيل للمعمل في البلد الذي نقوم بالتصدير له وذلك يحتاج إلى أموال طائلة لتغطية رسوم التسجيل العالية إضافة إلى أن هناك لجنة كشف تأتي من البلد الذي نصدر له لتتأكد من الجودة وتوافق على المعمل، ورأى أن كل هذه الإجراءات تحتاج إلى وقت وإمكانيات مالية كبيرة إضافة إلى أن وزارة الصحة لا تسمح للمعمل بالتصدير إلا بعد ثلاث سنوات وهذه التعليمات من الرقابة الدوائية حتى يتم التأكد من الجودة العالية لأن سمعة الدواء السوري في الخارج ممتازة من حيث السعر والجودة.
وأشار إلى أنّه يتم استثمار عائد التصدير في تأمين المواد الأولية والآلات وهذا يساعد في الحد من تأثير العقوبات.