هذه الدراما لا تشبهنا.. هي محاولة رسم فاشلة لوجوهنا ومشاعرنا.. هي صورة مشوَّهة لرسام فاشل لم يستطع أن يلتقط تفاصيل قلوبنا ولا تعابير عقولنا.
من منكم رأى نفسه في هذه «الدراما»؟!
لن أتحدث عن مسلسل معين فأنا لا أتقن النقد الدرامي أبداً، لكن وبعين المشاهد الأسلوب الذي أنجزت فيه هذه الأعمال يكاد يكون متشابهاً!!
أهل الاختصاص يتحدثون أن أدواراً مختلفة للدراما.. تنوس هذه الأدوار بين الترفيه وبين التوعية والتثقيف مروراً بأدوار أخرى أبسطها نقل الواقع وأفضلها استشراف المستقبل.
وإن أردنا أن نقرأ مضامين الدراما لهذا العام فإنها تكاد تتشابه في أنها حاولت أن ترسم اللون الأشد قتامةً في الواقع لتزيد جرعة العنف والكآبة و الابتذال والأـسوأ تقدم من انغمسوا بالجريمة كما لو كانوا هم ضحايا و ينبغي التعاطف معهم .
في أصعب سنوات الحرب استطاع صُنّاع الدراما أن يقدموا بعض الأعمال الدرامية التي مزجت بين السخرية المُرّة مع الواقع ، لكن الآن وفي الوقت الذي أصبح من الممكن أن يتم إنجاز أعمال تستطيع أن تقترب أكثر من معاناة الناس وأن تقرأ ما حدث في هذه السنوات الصعبة مع ما فيه من غنى درامي عميق إلا أنها آثرت أن تبتعد لتتحدث عن شخصيات «ممسوخة» بكل شيء.
لنتحدث عن الأسباب..
يقولون إن المشكلة الأساس في النَص وأن لدينا أزمة كتاب وبصراحة لست من الذين يعتقدون أن المشكلة في الكتاب بقدر ما هي بالمطلوب من الكتاب، حيث يفرض «السوق» خطاً معيناً من الكتابات والنصوص القابلة لـ«البيع» أولها.. ثم المطلوب كتابات قابلة للعرض ثانياً.
لهذا – وهذا ظني- يلجأ كتاب الدراما «لإبداع» نصوص ما يطلبه المنتجون.. ونصوص ما يقبله «المراقبون»!!
ثم.. وهذا جانب اقتصادي بحت فإن ما يمكن أن يكون «همّاً» سورياً ليس قابلاً للبيع عند محطات الخليج التي تدفع فيما لا تستطيع القنوات السورية شراءه وإن اشترت فإنها تدفع ثمناً بخساً!!
لا نقول إن مستوى المنتجين السوريين أقل من غيرهم فكرياً، لكن لا يوجد أي منتج سوري لديه «مشروع» إلا المشروع التجاري وهو مشروع محفوف بالمخاطر.
ولأن الثقل الإنتاجي انتقل كلياً إلى دول الخليج فإن هذه الدول ترسم ملامح الدراما المطلوبة والمقبولة لمشاريعها الفكرية.
لن نستطيع أن نلوم المخرجين والممثلين فبالنسبة لهم المسألة «مصدر رزق» ومن لا يقبل لا يعمل ولا يوجد الكثير من الذين يملكون رفاهية استخدام حرفي «لا».
وأيضاً فإن الكثير من الموانع الرقابية تجعل الكتاب والمنتجين يفضلون اختيار موضوعات لا خلاف عليها ولا تثير الجدل بل تقدم «فرجة» معتادة.
برأيي الواقع الحالي أكثر «دراما» مما نراه على الشاشات وعلى صناع العمل أن يفكروا بمناقشة أحوالنا بلا «كاريكاتير» يميل للأسوأ.. بل الدور الأفضل أن يكونوا قادرين على إثارة مشاكل نعانيها مع لمسات أمل من هنا وهناك.
تعالوا نتحدث عن اقتراح
لست ممن يؤيدون الرقابة المسبقة و لا عقلية المنع .. لكن مع تشكيل لجنة من المثقفين والإعلاميين ونقابة الفنانين مهمتها إصدار تقييم لهذه الأعمال من حيث المضمون والإخراج والرسائل التي قدمها العمل.
باختصار نريد دراما تشبهنا.
أقوال:
• الحياة هي مسرح، والناس فيه ممثلون.
• الدراما هي الكذب الذي يقع فيه الناس بسهولة.
• الدراما عبارة عن فن يريح لحظة من الواقعية و ينغمس في العوالم الممكنة.