الحلويات المنزلية تتنحى جانباً أمام منتجات المحال التجارية … مصنوعات من الحلوى تحمل طابع الشهر الكريم
| أنس تللو
يفترض بشهر رمضان أن يكون شهر ضبطٍ للنفس وتخففٍ من الطعام لأنه شهر عبادة وتوسيع على الفقراء لا شهرَ اكتظاظ المعدة بأطيب أصناف الطعام وألذ أنواع الحلويات، إلا أن قلة قليلة من الصائمين من تعي هذا الأمر، فتجد أكثرهم يُكثر من الإنفاق على الطعام والحلويات أكثر من أي وقت آخر فلا يلقى شهرٌ تهافتاً وإقبالاً على تناولِ الحلوياتِ كما يلقى شهرُ رمضان، لذلك فقد تفنن صانعو الحلويات من هنا فقد تفنن الناس في صناعة ما يسمى بالحلويات الرمضانية، ويأتي تصنيفها تبعاً للموسرين والقادرين على شرائها، إذ هناك حلويات تصنع مع الفستق أو الجوز وحلويات تُصنع مع القشطة أو الجبن.
حلويات تقليدية
أما حلويات الفستق فتترأسها (البللورية)، وهي عبارة عن كنافة توضع في الصاج على طبقتين بينهما كمية وافية من الفستق الحب، ثم تدخل إلى الفرن لتنضج ثم يرش عليها السمن والقطر وتقطَّع إلى قطع مستطيلة أو مربعة، وهي نوعان بللورية سمراء وبيضاء، وتأتي بعدها في المرتبة الثانية (المبرومة بالفستق) وهي أيضاً كنافة لكنها مقلية ومحمرة ؛ تمد على الأواني ويمدُّ فوقها كمية كبيرة من الفستق، ثم يتم برمها لتصبح أسطوانة، وبعد ذلك تُقطَّع إلى شرائح دائرية بشكل مائل ؛ وهناك (البقلاوة) وهي قطع مربعة أو معينة تحتوي فستقاً مهروساً، ثم الـ(كول وشكور) وهو قطع تشبه قطع البقلاوة لكنها أصغر منها، وأن لكل قطعة سدة من أحد أطرافها.
حلويات القشطة
أما حلويات القشطة أو الجبن منها (الكنافة المدلوقة) وهي كنافة نيئة يتم دعكها وفركها مع السمنة والسكر، ثم تمد في أوان دائرية كبيرة، ويمدُّ فوقها طبقة من القشطة ويرشُّ فوقها الفستق المبشور، أما (الكنافة بجبنة) والتي تسمى (البصمة)، فهي طبقتان من الكنافة المفروكة بالسمن بينهما طبقة من الجبن أو القشطة أو الجوز أو الفستق، وهناك حلوى خاصة برمضان وهي (النهش) وهو صحن دائري يحوي قطعة من القشطة محشورة بين قطعتين من رقائق الطحين المقلية بالسمن والمرشوشة بقطرات من القطر، وهناك (النمورة) وهي قطع كالبقلاوة تحتوي قشطة نيئة، أما (المغشوشة) فهي قطع من الكنافة المقلية إلى حد التحمير ؛ تمد على الأواني ويمدُّ فوقها طبقة كثيفة من القشطة المعجونة بالفستق، ثم يتم برمها لتصبح أسطوانة، وبعد ذلك تُقطَّع إلى شرائح دائرية بشكل مائل، وقد سميت مغشوشة لأنه تمَّ غشها بالقشطة في حين أن الأصل فيها أن تكون مبرومة بالفستق، على أن النوع النادر من الحلويات هو (اللبنية بالقشطة)، سميت كذلك تشبيهاً لها بالكبة اللبنية، لكن الكبة أقراص مدورة من البرغل، وهذه أقراص من الكنافة، والكبة تحشى باللحم والدهن والجوز، وهذه تُحشى بالفستق، والكبة تسبح في اللبن المطبوخ، أما هذه فتسبح في القشطة النيئة، والكبة اللبنية هضمُها عسير، وهذه اللبنية بالقشطة هضمها أعسر، لذلك لا يُنصح كبار السن بتناولها.
حلويات رمضانية
ومن حلويات رمضان أكلة اسمها (الكلاّج) وهو ورق رقيق مصنوع من مادة نشوية ؛ يتم حشوه بالقشطة المعجونة مع الفستق المبشور، ثم يصب عليه القطر المعطَّر بماء الزهر، كذلك هناك (الوربات بالقشطة) وهي قطع من الرقائق المثلثة محشوة بالقشطة المغلية، يتم شويها داخل الفرن، ثم ترش بالقطر، أما الوردات بالقشطة فهي قطع من الرقائق الدائرية يتم شويها بالفرن، ثم وبعد خروجها من الفرن يتم رفع جزء منها وتوضع بين الجزأين كمية من القشطة النيئة البيضاء ثم يوضع فوقها كمية صغيرة من القشطة وترش بالفستق المبشور.
على أن الحلوى الأشهر هي (قطايف العصافيري) وهي عجينٌ يتم صبه بشكل دائري على سطح ناري حراري ليشوى قليلاً فيغدو أقراصاً صغيرة تؤخذ ليوضع على كل منها كمية من القشطة، ثم تغمَّس بالقطر وتُؤكل، تأتي بعد ذلك حلوى (الستاتي) وهي عجينٌ يصب بشكل دائري أكبر، فيصبح قطايف كبيرة تُحشى جوزاً أو قشطة أو فستقاً وتُقلى بالسمن ثم تُلقى بالقطر، وفي المقام الأخير تأتي (العوامة)، وسميت كذلك تشبيها بها بالعوَّام في الماء، لأنها تعوم في القطر، وهي قطع من العجين الطري تُمدد بالماء ثم تقلى بالزيت لتصبح ذهبية اللون، ثم تلقى في القطر.
هذه كلها حلويات غالباً ما تُصنع في السوق، أما حلويات البيوت فقد كانت هي السائدة مثل: أقراص العجوة، والمعمول بالفستق، والتويتات بالجوز، الناطف…
وعلى الرغم من خصوصية بعض الحلويات، وارتباطها بشهر رمضان الكريم في ذاكرة الناس، إلا أن تطور الحياة جعل هذه الحلويات والمأكولات موجودة على مدار العام في المحال المتخصصة وعلى الموائد، ولكنها مع ذلك لم تفقد بريقها في الشهر الكريم الذي يحمل نكهة خاصة ومميزة.
رحمَ اللـه أيام الحلوياتِ المنزلية، ورحمَ اللـه أيام السهرِ حولَ الصاجاتِ والصواني، ورحمَ اللـه أولائكَ النساءَ البارعاتِ في صناعةِ الحلويات.