تَبْرَع الغناء بالمصريّة ومساحة صوتها الدافئ تجعلها أبرع في لهجات أخرى … همسة منيف لـ«الوطن»: أنا لست مع بيع الصوت وشرائه… ومثالي في الفن «أمّ كلثوم»
| عامر فؤاد عامر
تمتلك خامة صوت دافئة جعلت منها صاحبة حضور لافت، مجتهدة في تقديم نفسها ضمن الأغنيّة الطربيّة الأصيلة، شاركت في برنامج «ذا وينر» الذي عُرض على أكثر من فضائيّة عربيّة، واليوم تقدّم نفسها بتجارب جديدة ضمن اللهجة السوريّة، الفنانة «همسة منيف» تحدّثنا عن تجربتها أكثر وعن الجديد الذي ستقدّمه قريباً للجمهور.
القيمة الفنيّة
تربّت على النغم الأصيل، وشاركت في حفلات مهمّة في مسارح سوريّة، وهذا ما بنى شخصيّة فنيّة مع مرور الوقت لديها، ولكن في سوق الأغنية لن يخدمها ذلك الأمر ولاسيما عربيّاً، فالقيمة هناك مختلفة، ولدى سؤالي لها عن شعورها لحظة المقارنة بين الأمرين، وهل يصيبها الندم أحياناً، فتجيب: «الوصف واقعي وصحيح، فالاختلاف كبير جداً، لكني باقية على الخطوات التي رسمتها في حياتي، وأنا أثق بكلّ خطوة قمت بها سابقاً، فسوق الأغنية له مرتادوه، والمسرح له رواده أيضاً، وطموحي هو الوصول للأفضل، وترك بصمة خاصّة من خلال صوتي وأدائي على المسرح، وبالتأكيد هذا لن يتمّ إلا من خلال المحافظة على القيمة الفنيّة في الكلمة، واللحن، والفكرة الموسيقيّة التي أتبنّاها، وأقدّمها».
بيع الصوت
شاركت الفنانة «همسة منيف» في برنامج المواهب «The winer» ووصلت فيه لمرحلة متقدّمة، فما الهدف من هذه المشاركة وقد حمل البرنامج صبغة أقرب للتجاريّة؟ وما تعليقاتها على هذه التجربة؟ وفي ذلك تقول: «برامج المواهب نسخ عن برامج أجنبية، ومنها ما يناسب طبيعة الوطن العربي ومنها ما لا يناسب أبداً، أمّا «ذا وينر»، فهو لا يناسب مجتمعنا من ناحية أنه ليس برنامج اكتشاف مواهب، بل هو برنامج لعبة واستعراض، فكلّ المشاركين يتنافسون عبر الصوت، فلم يكن المشترك يقف للغناء ولهدف حبّ الغناء بل للمنافسة والربح، وبالنسبة لي عندما واجهت هذه الفكرة صُدمت لأنّني لست على هذا النهج أبداً، وقد وصلت للمرحلة النهائية في المنافسة مع صوت من لبنان وعُرض علي مبلغ من المال «75 ألف دولار» وترك الساحة لكنني رفضت لأنّني أردت الغناء أكثر ما يمكن، وكنت قد وافقت ودخلت التجربة، ولو أمكنني الانسحاب منذ البداية لانسحبت، فأنا لست مع بيع الصوت وشرائه، وقد حاولت قدر الإمكان أن أغني بصدقٍ ومحبّة رغم كلّ الظروف.
الزمن الجميل
من يتابع أغنيات «همسة منيف» فسيجدها مع اللهجة المصريّة دائماً ونادراً ما تغني في لهجاتٍ أخرى كاللهجة السوريّة وعلى هذه الملاحظة تعلّق: «الطابع الطربي الممثّل بالزمن الجميل مصبوغ باللهجة المصريّة من حيث الأشخاص والعمالقة الذين أدوا هذا اللون، ومصر كانت مزدهرة في الغناء، ودار الأوبرا لديها حيّة وفاعلة والتوجّه كلّه للطرب في مصر، ويبدو أن أغاني هذا الزمن تناسب خامة صوتي، وتبرز قدراتي ومساحات الصوت لدي، ومع ذلك لدي المقدرة على غناء ألوان أخرى فلدي مساحة دافئة في الصوت، ومن الممكن التأدية ليس فقط بلهجات بلاد الشام بل بأنواع أخرى من اللهجات فلا مشكلة لدي، ومؤخراً كان لدي أغنية مع الأستاذ «حسام تحسين بك» من ألحانه، وتأليفه، وباللهجة الشاميّة، وقدّمتها على مسرح دار الأوبرا في دمشق، وهي باسم «افتكرتك رحت»، وهي من توزيع الأستاذ «عدنان فتح الله» والعزف للفرقة الوطنيّة للموسيقا العربيّة، وفي المرحلة القادمة لدي أغنية سوريّة، كلاماً، ولحناً، وتوزيعاً، وأعمل عليها اليوم لترى النور قريباً».
صوت يُنافس
تعدّ البيئة سبباً رئيساً في بناء الشخصيّة الفنيّة، فكيف كانت البيئة لدى «همسة منيف»: «رعاية أهلي لي واحتضان موهبتي هي الأساس، ولا أخفيك أن الصعوبات واجهتني، فنحن أربعة إخوة، وجاءت المواهب موزّعة لدينا بين عدّة مجالات، ولم يكن هناك معاهد نلتزمها ونتدرب من خلالها، بل فقط اختصرت الأمور ضمن نشاط البيت، وعزف والدي على العود، والاصغاء، والغناء معه، وحفلات العائلة، وانضمام الأصدقاء والمقربين إليها وهكذا كانت الأجواء، وكان للمدرسة دور أيضاً من خلال مدرّسات الموسيقا، وترشيحي للمشاركة في مسابقة الرواد في المرحلة الابتدائيّة، والتي نلتها بترتيب أول على مستوى الجمهوريّة، وهكذا بقيت الأمور إلى وصولي لدراسة المعهد التجاري، والعمل في مجال المحاسبة، وترافق ذلك في الغناء لفرقة تابعة للشبيبة، وفي هذه الفرقة وُلدت فكرة الدراسة في المعهد العالي للموسيقا، وتمّ نُصحي للتدرّب على يدّ الأستاذ «باسل صالح» في «معهد أورنينا» وكانت هذه الحادثة التي ما زالت عالقة في ذاكرتي، فبعد أن استمع لأدائي قال لي: اعتذر منك «همسة» أنت لست من الأصوات التي تُقبل في المعهد، بل أنت من الأصوات التي تنافس في المعهد، وهذه الجملة صدمتني وفاجأتني، ولذلك تحمّست، ودرست، وتدربت، وذلك كان في العام 2009، وهي فترة من العمل، والتدرّب، والرياضة، والدراسة، تمهيداً لقبولي في المعهد».
مضرب مثل
ما الحلّ مع الجيل الجديد الذي يبتعد عن التذوّق السليم؟ كان هذا سؤالي للفنانة «همسة منيف» للإفادة من تجربتها فتقول: « التذوّق السليم له علاقة بالفطرة؛ فيولد الشخص إمّا مهتمّ بالموسيقا السليمة أو لا، وجيلنا الجديد فيه نسبة كبيرة تتأثر بالبيئة المحيطة فيه من تلفزيون وغيره، والتي تتجه نحو الموسيقا الغربيّة غالباً، واليوم نتابع «ذا فويس كيدز» ويلفت انتباهنا اختيارهم للون الطربي الطاغي بشدّة على كلّ الأغنيات، بالتالي الأصالة موجودة وقويّة، وهذا يفائلنا بوجود جيل جديد يصغي جيداً، وموهبة سليمة، واتباع لمدارس مهمّة في الغناء، واليوم ما أسعى للعمل عليه أن أكون مضرب مثل للجيل الجديد، في كلّ أغنية أؤديها أو أقدّمها، فمثالي هو السيدة «أمّ كلثوم» في الحياة».
افتكرتك رحت
شاركت «منيف» في سهرة «فنّ سوري» مع الفنان القدير «حسام تحسين بك» التي قدّمت أواخر العام الماضي على مسرح دار الأوبرا السوريّة، وعنها تشرح: «كانت مشاركة جميلة بالنسبة لي، أشكر فيها الأستاذ «حسام تحسين بك» لدعمه لي، وقد توظّف صوتي بطريقة مرضية بالنسبة لي، وبصورة منسجمة مع السهرة ككلّ، وتتحدّث الأغنية عن فتاة شاميّة، تغني للحبّ، بطريقة فيها الخجل وفيها جمال البيئة الأصيلة، ضمن فراغ الدار العربيّة الدمشقيّة، وأتمنى أن تتكرر التجربة هذه فالأستاذ «حسام» أخرجها بطريقة جميلة جداً نالت استحسان الجمهور وإعجابه».
مخبا متل كلمة بحبك
وعن المشاريع الجديدة التي تقوم بها وتحضرها للفترة القادمة: «الفرص قليلة في بلدنا للظهور والتواصل الدائم مع الجمهور والمتلقي للأسف، فلا شركات إنتاج أبداً، والاعتماد اليوم على الإعلام أكثر فظهور المطرب السوري وتواصله مع الجمهور هو من خلال وسائل الإعلام فقط، ولعبة الإعلام لدينا لم تتقن بعد أيضاً لتدخل البيوت بقوّة، واليوم لدي مشروع مع مجموعة من خريجي المعهد العالي للموسيقا، فزميلي «أنس مراد» أتعاون معه لتقديم أغنية اسمها «مخبا متل كلمة بحبك» باللهجة السوريّة ومناسبة لصوتي كثيراً، وأنا بحاجة للتعاون مع وسائل الإعلام ومنها صحيفة «الوطن» كي تعرف الناس بوجودها».