المعهد العالي للفنون المسرحية يحتفل باليوم العالمي للمسرح … وزيرة الثقافة: المسرح السوري بعد سنوات الحرب قدّم عروضاً كبيرة ومهمة
| وائل العدس
برعاية وحضور وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح، أطلق المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق فعاليات احتفالية اليوم العالمي للمسرح.
وتضمنت الاحتفالية افتتاح معرض للكتاب بالتعاون مع الهيئة العامة السورية للكتاب ضم نحو 230 عنواناً من الكتب المتخصصة في مجال المسرح والسينما والموسيقا، إضافة إلى الروايات المؤلفة والمترجمة والسلاسل والدوريات.
وتخلل الاحتفالية عرض نتاج ورشة العمل التي أقامها طلاب قسم السينوغرافيا لتصنيع وتحريك الدمى بإشراف الفنانة التشكيلية هنادة الصباغ.
وتضمنت الاحتفالية إلقاء كلمة يوم المسرح العالمي التي كتبها الكاتب النرويجي جون فوسيه الحاصل على جائزة نوبل للآداب 2023 ألقاها الأستاذان في المعهد د. ندى العبد الله ويزن الداهوك، إضافة إلى عرض مسرحي على خشبة مسرح سعد الله ونوس بعنوان «الجانب الآخر» بإشراف الفنان كفاح الخوص ومشاركة طلاب قسمي التمثيل والرقص.
وشهدت الاحتفالية تكريم الممثل والمخرج وعميد المعهد العالي للفنون المسرحية الأسبق د. سامر عمران.
عروض كبيرة ومهمة
في تصريح للصحفيين، أكدت وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح أن المسرح السوري بعد سنوات الحرب قدّم عروضاً مسرحية كبيرة ومهمة، للأطفال ولجميع الأعمار، وفي يوم المسرح العالمي قدّم الكثير من العروض في المحافظات كافة.
وقالت: تقوم مديرية المسارح والموسيقا بإنتاج مسرحياتها وتشتري مسرحيات أخرى ليست من إنتاجها، وفي النهاية الكمّ مهم، لكن الأهم هو المحتوى الذي يتحسن عاماً بعد عام، وفرقنا المسرحية تشارك في كثير من المهرجانات وتحوز الجوائز والإعجابات.
وأشارت الوزيرة إلى أن ما ينقصنا اليوم هم كتّاب المسرح الذين يتقاضون في الأماكن الأخرى مردوداً أكبر مما يتقاضونه في المسرح.
وأضافت: أتمنى من الكتّاب أن يضعوا نصب أعينهم أن سورية بحاجة لإعادة الفكر وبناء الشخصية والهوية الوطنية السورية وإنعاش الوعي والذاكرة، فالكاتب هو العنصر الأول والأهم في أي عمل فني ينتج في وزارة الثقافة إن كان عملاً مسرحياً أو سينمائياً أو موسيقياً أو كتاباً، واليوم بمعرض الهيئة العامة السورية للكتاب توجد أعمال إبداعية يمكن للمخرجين أن يستقوا منها في نتاجهم المسرحي.
وأكدت أننا نمر بفترة ليست بالسهلة أو اليسيرة، والكل يعلم بالضائقة التي يعيشها الوطن نتيجة الحرب والحصار، لكن إذا تكاتفت الجهود فسنخرج بنتائج جيدة جداً.
وأشارت الوزيرة إلى أن الكاتب والمخرج والممثل والسينوغراف والمسؤولين عن المشهدية المسرحية، كلهم عناصر أساسية تعطي نتاجاً مسرحياً سورياً حديثاً يعبّر عن الشخصية السورية وعن الواقع السوري وربما عن المستقبل الذي نرجوه.
وفي حديثها عن المعهد العالي للفنون المسرحية، قالت د.مشوح: وزارة الثقافة لا تدخر جهداً في دعم المعهد بكل مستلزماته وبنيته التحتية وتقاناته وتحسين الوضع المهني والبيئة المهنية للأساتذة.
وختمت: المعهد صرح كبير وعظيم، وإدارته تقوم بما عليها، والمدرّسون يقومون بواجباتهم، والمنتج النهائي يرفع الرأس، فالكوادر الفنية التي تشارك اليوم بأجمل العروض الدرامية في رمضان وتعرض عبر كل القنوات العربية، هم بالأصل خريجو هذا المعهد، فتحية لهم جميعاً وللكوادر التي أهلتهم.
تامر
عميد المعهد العالي للفنون المسرحية د. تامر العربيد أكد أن اليوم العالمي للمسرح هو موعد ينتظره كل المسرحيين وكل المحبين لهذا الفن، وهو يوم يؤكد أهمية المسرح ودوره في حياة كل البشر.
وشدد على أن المسرح ليس كبقية الفنون، فهو فن حدثي مشاكس، يحتفل فيه لأنه جزء مهم من المشهد الثقافي العالمي، ولأنه يطرح قضايا تعني الناس وتلامسهم وتحكي قصصهم.
ورأى عميد المعهد أن المسرح السوري يمتلك من التاريخ والعراقة الكبيرين، ومن حقه أن نحتفل فيه لأنه صاحب تاريخ وذاكرة منذ أيام أبو خليل القباني وحتى يومنا هذا.
وأشار إلى أن المسرح السوري كان ومازال ولّاداً بالكوادر المبدعة التي قدمت عروضاً أضحت علامات فارقة في الذاكرة.
وكشف أن المعهد العالي سيكرم خريجي المعهد، دفعة عام 1989 من قسمي التمثيل والدراسات المسرحية.
وختم بالقول: أعايد كل المسرحيين في العالم، وأخص المسرحيين السوريين وأشد على أياديهم، كما أعايد طلاب المعهد وأساتذته الذين يمتلكون الشغف والبحث عن التجدد.
تاج على الرأس
عن تكريمه قال د. سامر عمران للصحفيين: «قضيت في المعهد العالي معظم أوقات حياتي كطالب وعميد ومدرّس، وعشت بين أروقته أكثر ما عشت في منزلي، لذلك له وقع خاص هو وطلابه وبرامجه وأساتذته، وتكريمي اليوم شرف كبير لي وتاج على رأسي في مكان عزيز وغالٍ على قلبي».
وتمنى على طلاب المعهد أن يتذوقوا لذة اللقاء مع الجمهور والتحية التي تتوج نهاية العرض، لأن هذه اللحظة مع المتلقي لا يتيحها غير المسرح.
وأضاف: ليعملوا في التلفزيون والسينما والإذاعة والدوبلاج، ولكن عليهم أن يتحسسوا المسرح وأن يبقى موجوداً في حياتهم، وأن يكون همهم الأول والأساسي.
كلمة اليوم العالمي
اختارت الهيئة الدولية للمسرح، الكاتب المسرحي النرويجي الفائز بجائزة نوبل للآداب جون فوسه، لكتابة رسالة اليوم العالمي للمسرح الثالث والستين، وجاءت الرسالة بعنوان «الفن هو السلام» وهذا نصها:
كل واحد منا فريد من نوعه، ولكن في الوقت نفسه نحن نتشابه. نختلف عن بعضنا البعض في مظهرنا الخارجي المرئي. بالطبع، كل هذا حسن جداً، ولكن هناك أيضاً شيء داخل كل واحد منا ما يمتلكه وحده، قد نسميه أرواحنا أو نفوسنا. وإلا يمكننا أن نقرر عدم تسميتها على الإطلاق والتعبير عنها في كلمات، فقط نتركها وشأنها.
لكن في حين نحن جميعاً مختلفون عن بعضنا البعض، فنحن متشابهون أيضا. البشر في كل جزء من هذا العالم متشابهون بشكل أساسي، بغض النظر عن اللغة التي يتحدثون بها، وألوان بشراتهم، أو حتى لون شعر رؤوسهم.
قد يكون هذا شيئاً من المفارقة أننا متشابهون تماماً ومختلفون تماماً في الوقت نفسه. ربما يكون الشخص متناقضاً في جوهره، في الجسر بين الجسد والروح – نحن كبشر نحتوي الوجود الملموس، الأرضي، ونحتوي ما يتجاوز كل هذه المواد الملموسة، ويتجاوز الحدود الأرضية.
الفن، والفن الجليل بالتحديد، يتمكن بطريقته الرائعة من الجمع بين الفريد والخاص في جانب والعالمي في جانب آخر. يتيح لنا أن نفهم ما هو مختلف، وما هو دخيل، والذي يقال عنه إنه عالمي. بالخصوصية والفرادة، يخترق الفن الحدود بين اللغات والحدود الجغرافية. إنه يجمع ليس فقط الصفات الفردية للجميع، ولكن أيضاً، وبمعنى آخر، الخصائص الفردية لكل مجموعة من الناس، مثل الأمم.
الفن لا يفعل هذا عن طريق تسوية الاختلافات وجعل كل شيء يتشابه، ولكن، على العكس من ذلك، بإظهار ما هو مختلف عنا، ما هو دخيل وغريب عنا. كل الفن الجليل يحتوي على وجه التحديد شيئاً غريباً، لا يمكننا فهمه تماماً ومع ذلك وفي الوقت نفسه نفهمه بطريقة ما. يحتوي على أحجية، إذا جاز التعبير وعلى شيء يسحرنا وبالتالي يدفعنا إلى ما هو أبعد من حدودنا وبذلك يخلق السمو الذي يجب على كل أشكال الفنون أن تمتلكه، وتقودنا إليه.
لا أعرف طريقة أفضل لجمع الأضداد معاً. وهو عكس الصراع العنيف، الذي كثيراً ما نراه يتكشف في الغواية المدمرة التي تنزع إلى تدمير الغريب، والآخر المختلف، غالباً باستخدام وحشية الابتكارات التكنولوجية التي وضعت تحت تصرفنا. في هذا العالم، هناك إرهاب، هناك حروب. فللإنسان جانب حيواني أيضاً، مدفوع بغريزة التعامل مع الآخر، الغريب، كتهديد لوجوده بدلاً من كونه أحجية ساحرة.
هذه هي الطريقة التي يختفي بها التفرد- الاختلافات التي يمكننا جميعا رؤيتها- لمصلحة التشابه، حيث إن أي شيء مختلف هو تهديد لابد من القضاء عليه. وما يمكن رؤيته خارجياً من اختلافات، مثلاً بين الأديان أو الأيديولوجيات السياسية المتباينة، يصبح شيئاً يجب محاربته وهزيمته. الحرب هي صراع ضد ما هو أعمق، ضد فرادتنا. هي معركة ضد كل فن، ضد ما هو أعمق في كل الفن.
لقد اخترت أن أتحدث عن الفن بعمومه، وليس عن فن المسرح والكتابة المسرحية بشكل خاص، ولكن هذا لأنه، كما قلت، كل الفن الجليل، في أعماقي، يدور حول الشيء نفسه: حول الحصول على ما هو فريد تماماً، المحدد تماماً، ليصبح عالمياً. فهو يجمع بين الفريد والعالمي في التعبير عنه فنياً، وليس القضاء على خصوصيته، بل التأكيد على هذه الخصوصية، وترك ما هو غريب وغير مألوف يتألق بوضوح. الحرب والفن متضادان، تماماً كما أن الحرب والسلام متضادان – الأمر بهذه البساطة.. الفن هو السلام.