«الوطن» في كواليس مسلسل تاج … سامر البرقاوي لـ«الوطن»: معروف عني حب المغامرة ولذلك أستعين بوجوه جديدة أو غير مألوفة للمشاهد وأراهن عليها
| مصعب أيوب- ت: طارق السعدوني
بعد انقضاء ما يزيد على عشرين يوماً من شهر رمضان المبارك وبعد أن اتضحت الصورة الكاملة للأعمال الدرامية، أظهر مسلسل تاج تفاصيل دقيقة حول دمشق وتاريخها العريق وحظي بنسب مشاهدة عالية وإشادة كبيرة من المشاهدين والنقاد، «الوطن» زارت موقع التصوير في دمشق وأجرت بعض اللقاءات مع فريق العمل وأعدت لكم المادة التالية.
بداية كان اللقاء مع المخرج سامر البرقاوي الذي يجدد التعاون مع الفنان تيم حسن بعد نجاحات كثيرة كان أبرزها سلسلة الهيبة والزند في العام الفائت، ومما جاء في حوارنا معه.
• أظهر مسلسل تاج الوجه الجميل لمدينة دمشق خلال أربعينيات القرن الماضي، حدثنا عن مراحل بناء المدينتين اللتين خصصتا لهذا الغرض.
بنينا تصوراً للمدينة الحديثة في تلك الفترة التي صار فيها توسع باتجاه الغرب وتم اختيار نقطتين رئيسيتين لاختيار بناء ديكورات بحجمها الطبيعي، وقد قررنا التركيز على المنطقة الغربية الحديثة من دمشق، بداية من ساحة المرجة وهي المركز وامتداداً إلى الشمال الغربي وهو حي الصالحية وأيضاً البرلمان، فنحن هنا نتكلم عن بناءين ضخمين وهما المرجة وتقاطع شارع العابد بالصالحية، وجاءت تلك الضرورة من أن أحداث المسلسل تجري بشكل كبير في هاتين المنطقتين، بالإضافة إلى تقنيات الـ«سي جي» والغرافيك التي حاولت أن تطل على أماكن أخرى أو أبنية مجاورة وساحات ثانية والتي منها محطة الحجاز والأورينت ودار السلام والعديد من الأماكن التي تتحرك فيها شخصيات العمل.
• رصد العمل العديد من القصص التاريخية في دمشق، هل استندت هذه القصص إلى أساس واقعي؟ وهل استعنتم ببعض المصادر التاريخية؟
بالتأكيد الكاتب عمر أبو سعدة قام بالتحضير بشكل جيد للعمل ومن أجل كتابة هذا المشروع، بداية من التمكين التاريخي للأرضية التي انطلق منها، مروراً بمراجعة دقيقة لكل التفاصيل التي تخلق بتتابع الحلقات حيث كان معنا أثناء التنفيذ وتصوير المشاهد في المراجعة التاريخية عرفان البخاري ود. سامي المبيض اللذان بذلا مجهوداً كبيراً معنا في هذا المشروع، لنكون أمينين قدر الإمكان من أجل تقديم صورة جميلة تليق بالمكان والحدث.
• يتجدد التعاون بينك وبين الفنان تيم حسن وشركة الصباح، حدثنا عن هذه الشراكة أكثر وما سر هذا النجاح؟
هذا التعاون والشراكة صار عمرهما عشر سنوات وقد أثمر اتفاقاً وتوافقاً وثقة متبادلة، ونحن شركاء لدينا شغف دائماً للبحث عن كل ما هو جديد، والدليل على ذلك هو التنويع الذي قدمناه في الدراما والسينما ومؤخراً في تجربة الزند وتاج وهذه الشراكة ولادة مشاريع وأفكار تستمد استمراريتها من الثقة والشغف المشترك.
• اخترت المغنية فايا يونان لأداء أحد أدوار البطولة في تجربة تمثيلية هي الأولى من نوعها بالنسبة لها، ألا تعد ذلك مغامرة؟ وهل نجحت تلك المغامرة؟
أنا معروف عني أن المغامرات تغريني وأفضل بهكذا دور أن يكون هناك طزاجة للوجه الذي سيقدم للجمهور ووجدت في فايا جميع العناصر التي تتطلبها هذه الشخصية بما فيها الشكل والأداء الذي خضع لفترة تحضير وتدريب لا بأس بها خلال مراحل مختلفة، حتى وصلنا إلى النهاية المطلوبة.
• ظهر الفنان باسل حيدر بشخصية الرئيس السابق شكري القوتلي ولو لم يدرج اسمه في شارة العمل لما تعرف عليه الجمهور، فما التقنية التي تم استخدامها للوصول إلى هذه النتيجة الواقعية والقريبة؟
هو نوع من النحت الثلاثي الأبعاد الذي جربنا أن ننحت به الشخصية الأصلية ونستطيع تركيبها بتقنيات متطورة شيئاً ما وجربناها ونجحت وساعدتنا بملامسة هذه الشخصية المهمة بشكل حقيقي وكان لها تماس مباشر مع شخصيات العمل وقد استطعنا تحقيق جودة ممتازة في النتيجة.
• للمرة الأولى لا يعاني مسلسل سوري من حوارات الممثلين باللغة الأجنبية، فكيف تجاوزتم هذه المشكلة للوصول إلى حوارات متقنة ودقيقة باللغة الفرنسية؟
أولاً من النص الأصلي الذي كان فيه إشارة إلى ضرورة ترجمة بعض الحورات وثانياً كان برفقتنا خلال مراحل عديدة اختصاصيون في هذا الشأن واستمروا معنا حتى إلى مرحلة المونتاج.
• شارك في العمل عدد من الممثلين العرب الذين يتقنون اللغة الفرنسية، فهل تم اختيارهم فقط من أجل ذلك أم إن الموهبة أيضاً تلعب دورها؟
إتقان اللغة ليس حكراً وليست سبباً أساسياً لاختيار الممثل وإنما هم أصحاب كفاءة ولهم تجارب سابقة معي ووجدت فيهم القدرة على تحقيق الأدوار التي أسندت إليهم.
• أثنى كثيرون على أداء الممثلين الشباب الذين شاركوا في العمل، فما المعايير التي يتم اختيار هؤلاء الشبان على أساسها؟
بالطبع المعيار الأساس هو مناسبتهم للنص وللدور المسند إليهم ولدينا فترة تسبق البداية في العمل لا بأس بها تمتد عدة أشهر وهي البحث عن الممثلين وتتم خلالها تصفية الأسماء وللوجوه الشابة حصة كبيرة فيها واكتشافهم قيمة مضافة للعمل وهم لديهم الحماس الكافي لتقديم أقصى ما بطاقتهم.
كما التقت «الوطن» مهندس الديكور أدهم مناوي الذي أبدع العديد من مواقع التصوير والديكورات التي أشاد بها المتابعون ولاقت إعجاب الجمهور وأجرت معه الحوار التالي:
• هلا حدثتنا عن مراحل بناء المدينتين والفترات التي خصصت لهذا الجانب ولاسيما أن العمل أظهر جمالية مدينة دمشق في أربعينيات القرن الماضي؟
صراحة، مررنا بمرحلة تحضير طويلة سبقت البدء بالتنفيذ على أرض الواقع من رسومات ومساقط وبروكيهات والاستعانة بالأشخاص الخبراء بالفترة الزمنية ومنهم عرفان البخاري كمرجع تاريخي لتلك الحقبة وأيضاً بمحافظة دمشق للاستئناس ببعض المخططات التي كانت عليها دمشق ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي.
وباشرنا بالبحث والتدقيق وإجراء الرسومات وما إلى ذلك منذ أيار المنصرم واستمر ذلك قرابة شهرين وبدأنا العمل على الأرض في نهاية الشهر السابع، فكانت مراحل تحضيرية كبيرة وموسعة تجري على الورق قبل البدء بالتنفيذ.
ويشهد العمل عدداً كبيراً من مواقع التصوير وبالتوازي مع تنفيذ الديكور لساحة المرجة التي كانت النقطة الأهم ومركز العمل كان يتم تنفيذ ديكورات أخرى في مناطق ثانية وقد وصل العدد إلى عشرة مواقع تصوير في آن واحد، فبعيداً عن الساحة كان يتم تصوير مشاهد في الوقت ذاته بأماكن أخرى مثل بيت رياض والثكنة العسكرية ونادي الصابوني وبيت تاج وبعد أن أنهينا بناء المرجة انتقلنا لأماكن أخرى وبدأنا ببناء الصالحية وهو استدعى وقتاً وجهداً كبيراً، إضافة إلى موضوع السكك والترومواي والواجهات التي تتعلق بالغرافيك وهو ما ظهر أمام كازينو الليدو وفندق الشرق أو مدرسة سلمى، فكانت تلك مراحل متتالية، يتم تفكيك بعضها وتركيب البعض الآخر.
• ماذا عن شبكة المترو؟ هل كانت حقيقية فعلاً؟ هلا حدثتنا عن تلك التجربة أكثر؟
بالطبع حقيقية، ولعل مسلسل الزند أثر فينا كثيراً وحمسنا لذلك ولاسيما أننا ختمنا حلقاته في محطة القطار وقد اكتسبنا خبرة بكيفية عمل تلك المعدات وطبيعة التعامل معها، وعليه قمنا بتصميم الترومواي الذي كان في دمشق في تلك الحقبة وقد قمنا بتوصيله بالتيار الكهربائي لنعطي صبغة حقيقية للمشهد بعيداً عن الاستعانة بالدفش أو السحب أو القطر وما إلى ذلك لنقترب قدر الإمكان من المصداقية والواقعية لخدمة المشاهد والعمل.
• ألم يكن هناك مجال للاستعانة بالغرافيك لتخفيف بعض الوقت والجهد، كما في أعمال بيئة شامية أخرى؟
بالطبع تمت الاستعانة بالغرافيك، ولكن هناك أموراً مهمة لا يمكن معها ذلك، فساحة المرجة صُممت وبنيت فعلاً بنسبة كبيرة ولكن اكتملت الصورة والمشهد بوساطة الغرافيك، فجبل قاسيون الذي يظهر في الأعلى أو امتداد شارع أمية كان يتم بوساطة الغرافيك وقد استعنا في ذلك بجهود مصطفى البرقاوي، والعمل فيه تنوع كبير جداً ولاسيما أن الفترة التي خلالها الأحداث أساساً غنية، ومنذ مئات السنين دمشق عاصمة الثقافة ولا شيء جديداً، ونحن نحاول إظهار الصورة الجميلة لدمشق قدر الإمكان.
وأثناء زيارته لموقع التصوير، كان لـ«الوطن» وقفة مع الملاكم السوري سامر تباب الذي كان عليه تصميم النزالات في المسلسل وتدريب الفنان تيم حسن وفريق الممثلين على الحركات القتالية وما إلى ذلك، ليكون معه الحوار التالي:
• كنت متابعاً للنزالات وكان لك دور مهم في هذا العمل، أخبرنا أكثر عن هذه التجربة؟
اشتغلت مع فريق العمل في التدريب والتصميم لنزالات الملاكمة بعد أن تواصل معي فريق الإنتاج منذ الشهر السادس المنقضي منذ البدء لتنفيذ العمل وقيل لي إن هناك بعض المشاهد والممثلين الذين يحتاجون إلى تدريبات خاصة في الملاكمة، وتم الاتفاق واشتغلنا في مكان ضمن دمشق لإجراء التدريبات اللازمة، وكان ذلك بالنسبة لي تحدياً كبيراً حيث عليّ خلال وقت زمني ضيق تدريب ممثلين لا يجيدون هذه اللعبة ولا يمتلكون خبرة كافية فيها وبالوقت ذاته يجب أن يظهر أمام المشاهد بمظهر مقنع أنه ابن هذه الصنعة وهو ملاكم منذ زمن بعيد، وقد استطعنا أن نخلق بطلاً ملاكماً بفضل الجهد والتعاونات المثمرة.
• كان يظهر تيم حسن بحركات معينة وفريدة، هل هي ارتجال أم بإشراف منك؟
تيم مبدع في مجاله وربما فٌهم عني سابقاً أن تيم حسن لو لم يكن فناناً مبدعاً وكان في ميدان الملاكمة فسيكون بطلاً دولياً لأنه أساساً صاحب إصرار وآلية الإبداع وهو خلّاق في مهنته ولا أبالغ في كلامي، ففي الولايات المتحدة تتم الاستعانة بأبطال ملاكمة كثيراً لتأدية أدوار معينة ويبدون تألقاً كبيراً لأنهم أساساً يمتلكون الإبداع.
• ماذا عن الصعوبات التي واجهتها فترات العمل والتدريب؟
لم نواجه مشاكل أو صعوبات معينة بمعناها الجوهري، بل هي تعب وجهد وضغط فكري من خلال تكثيف المحاولات والتدريبات فترات طويلة، حيث نقوم بتدريب على نزال حقيقي وليس فقط تدريباً لإبهار بصري، والممثلون أبدوا تعاوناً كبيراً ورشاقة بالتلوين والتنويع وقد تعبنا جداً وأرهقنا كثيراً واستنزفنا وقتاً طويلاً، وصار الممثلون يستطيعون تأدية أدوارهم بطريقة مقنعة أمام الكاميرا وهو ما شاهدناه واضحاً خلال عرض العمل.
التصميم الذي وضعنا في طريق السلام، فكما العروض المسرحية لا يوجد فيها أخطاء نتيجة التدريبات المكثفة والكثيرة، كذلك الأمر فيما يخص النزالات، فبعد كثير من التدريب والتجريب يكون من السهل على الملاكم أو الممثل العادي التعامل مع الخصم بطريقة سليمة لا تسبب أذى أو ضرراً، ولعل النزال الذي خاضه تاج مع الملاكم الألماني- الذي أديته أنا- يعده نزالاً حقيقياً.