شؤون محلية

ارحموا قلوبكم…!!

| ميشيل خياط

كثرت وفيات زملاء أصغر منا سناً بعشرين سنة على الأقل، وأصدقاء في أعمارنا تقريباً، ما يؤلمنا ويوجعنا.

ولئن شعرت أن رحيلهم المبكر والخاطف خسارة وطنية، أجلت كل العناوين التي كنت أقلّب فيها لاختيار الملائم منها لمقالة هذا الأسبوع، ورأيت أن متابعتي السابقة لواقعنا الصحي، ولاسيما مشاركتي في مسابقة الباسل العلمية الصحية ببحث ميداني بعنوان: «كيف نتجنب الجلطة»….؟؟ وقد اشتمل على استبيان، وحضوري مئات الندوات الطبية خلال عمري المهني الصحفي، وحواري مع كثير من أطباء القلب، كل ذلك يؤهلني أن أتوجه بنصائح ضرورية جداً لوقف هذا النزيف من الراحلين بأزمة قلبية حادة.

أنا نفسي قبل عام ونيف كدت أغادر لولا من سميتهم الملائكة الحمر «إسعاف الهلال الأحمر السوري» ومبادرة عائلتي لإسعافي في الوقت المناسب، والعناية الممتازة التي حظيت بها في إسعاف مشفى المواساة وعنايته المشددة.

يجب أن يكون واضحاً أن الموت بأمراض القلب يحتل الآن في سورية المرتبة رقم واحد ويأتي قبل حوادث الطرق والسرطانات المختلفة.

ولم تعد النوب القلبية الحادة وقفاً على كبار السن مثلها في ذلك مثل أمراض الشرايين الإكليلية التي راحت تتضيق عند الشباب أيضاً خلافاً لما كان عليه الحال في الماضي القريب.

لم يهتد العلماء بعد إلى سبب واحد جوهري يسبب الجلطات بكل أنواعها، ولهذا ما زالوا يتحدثون عن عوامل مؤهبة.

لكن التدخين بات يحتل المكانة الأولى في تلك العوامل المؤهبة، إذ تشير أرقام الدراسات العلمية التي تنشرها منظمة الصحة العالمية في اليوم العالمي للامتناع عن التدخين «31 أيار من كل عام» إلى أنه يقصر عمر الإنسان عشر سنوات وأنه يقتل إنساناً كل أربع ثوان، وأن السجائر الإلكترونية أكثر ضرراً لاحتوائها على النيكوتين ومواد سامة تؤثر في نماء الدماغ، ولاسيما عند الأطفال والمراهقين.

لقد أقنعني الدكتور وائل الخوري طبيب القلب السوري المغترب في أميركا عندما ألقى محاضرة في بلدته صيدنايا شرح فيها تأثير التدخين على الشرايين إذ قال: إن النيكوتين مادة مخرشة، وعندما – تتخرش – الشرايين وتفقد لمعتها تتراكم عليها الدهون وتنسد في النهاية.

كنا نعرف أن الدخان قد يسبب السرطان ومن خلال تلك المحاضرة عرفنا أنه يؤدي إلى تصلب الشرايين وإلى الجلطة.

وقد يقال: نعرف عدداً لا بأس به ممن راحوا ضحية أزمة قلبية حادة، لا يدخنون.

وهذا الصحيح، ولكن دعونا نعترف أن لدينا نقصاً فادحاً في الوعي الصحي وهو أساس الوقاية وهي خير من قنطار علاج مثلما هو معروف.

وفي الحق ثمة عوامل أخرى مؤهبة للجلطة مثل ارتفاع ضغط الدم وهو منتشر على نحو مفزع إذ يعاني شخص من كل 3 أشخاص من ارتفاع الضغط الشرياني في العالم وأنه من كل 5مصابين فإن 4 في العالم لا يحصلون على العلاج الكافي وإن 50 بالمئة من المصابين غير مدركين لحالتهم حتى الآن.

وتنصح منظمة الصحة العالمية عدم الإفراط في تناول الملح، والطهي بإضافة الأعشاب الخضراء بدلاً منه، مثل: «إكليل الجبل – بقدونس نعنع» وتتبيل الطعام بهذه الأعشاب عوضاً عن الملح.

وثمة عامل آخر مؤهب لها هو السمنة، حيث إن 53 بالمئة من نساء شرق المتوسط و45 بالمئة من رجاله و8بالمئة من أطفاله يعانون البدانة و20.5 بالمئة يعانون وزناً زائداً.

إن الرياضة اليومية، الركض أو المشي أو التمارين السويدية، ساحرة في تحييدها للأخطار الناجمة عن الشدة النفسية والسمنة وارتفاع الضغط الشرياني مع تناول الأدوية الخافضة له. وكلما أقبلنا على أي نوع من الرياضة نحمي قلوبنا من عوامل الخطورة، ونصون شرايننا سالكة، وفي مأثورنا «إن الرياضة حياة».

لقد كثرت آلامنا وتشعبت أوجاعنا فلنخفف عن بعضنا وعن أنفسنا، بالاكتراث بقلوبنا وحمايتها، ذلك أنه من أصل 15 مليون جلطة سنوياً في العالم، يموت 5ملايين إنسان ويصاب 5ملايين بعجز دائم يرتب أعباء مضنية على ذوي المرضى.

القلب هو المحرك الجبار، وإني لأستغرب عدم وجود يوم عالمي لصون قلوبنا، أسوة بالأيام العالمية للسل أو الملاريا أو الإيدز… الخ.

ارحموا قلوبكم بالحذر واليقظة والمتابعة، لأن الإنسان هو الأغلى دائماً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن