سورية

يمتد لـ5 سنوات ويتضمن مشاريع بينها الكهرباء ويمول عبر صندوق خاص.. وحماسة للمساهمة من دول خليجية … عبد المولى لـ«الوطن»: سنطلق قبل حلول الصيف برنامجاً للتعافي المبكر

| موفق محمد

كشف منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية، آدم عبد المولى، في مقابلة خاصة مع صحيفة «الوطن»، أن المنظمة الأممية ستطلق قبل حلول الصيف المقبل برنامجاً للتعافي المبكر في سورية يمتد لـ5 سنوات ويتضمن إقامة مشاريع في عدد من القطاعات بينها الكهرباء.

وأكد أن تمويل مشاريع هذا البرنامج ستتم من خلال إنشاء صندوق خاص يوفر لبعض «المانحين غير التقليديين» كدول الخليج، آلية آمنة وشرعية تحت مظلة دولية بأن تقدم مساعدات للشعب السوري لا تستطيع أن تقدمها الآن بسبب الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي تفرضها أميركا ودول غربية على الحكومة السورية.

وعبر عبد المولى عن أمله بأن تقدم دول الخليج أقصى ما تستطيع، لأن للأزمة السورية تداعياتها التي قد تؤثر على استقرار المنطقة بل على استقرار العالم إذا استمرت من دون معالجة.

ورأى أن الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب الغربية التي فرضتها دول بناء على اعتبارات خاصة بها وهي غير صادرة عن أي محفل من محافل الأمم المتحدة، لها تأُثير مباشر على العمل الإنساني، وقد تكون صادرة عن دوافع سياسية أو خلافات.

ولفت عبد المولى إلى أن منحى تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في سورية يذهب إلى انحدار، ففي بداية الأزمة كانت خطط الاستجابة تحظى بدعم كبير جداً ومن ثم انخفض إلى مستوى كبير إذ وصل في العام الماضي إلى أقل من 40 بالمئة من احتياجات الخطة.

وذكر أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية في سورية هو 16 مليوناً و700 ألف شخص، ونستهدف منهم ما يزيد على عشرة ملايين، ولتلبية احتياجات العدد الإجمالي السابق نحتاج إلى ما يربو على عشرة مليارات دولار، وهذه الأموال ينبغي أن نتحصّل عليها من «المانحين التقليديين» و«المانحين غير التقليديين» ونقصد بهم دول الخليج بشكل خاص.

وكشف أن الولايات المتحدة الأميركية قررت خفض مساهماتها في المساعدات الإنسانية في سورية بمقدار 50 بالمئة وألمانيا بمقدار 30 بالمئة، وقال: «نواجه عاماً صعباً للغاية، حيث ازداد فيه عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، لكن حجم المساعدات حتى الآن أقل بكثير مما كنا نتوخاه، إذ إن ما حصلنا عليه حتى الآن من تمويل هو 2 في العشرة آلاف فقط من متطلبات خطة الاستجابة الإنسانية البالغة أربعة مليارات و700 ألف دولار»، وهو ما يوازي أكثر من 800 ألف دولار بقليل.

وفيما يلي نص المقابلة:

• دخلت الأزمة في سورية قبل أيام عامها الـ13 وهي مستمرة وتتصاعد وأثرت على كل شيء وخصوصاً على الوضع الإنساني، ما خطط الأمم المتحدة لمساعدة الشعب السوري وانتشال سورية من هذا الواقع الإنساني المأساوي؟

نحن في المراحل النهائية لإطلاق خطة الاستجابة الإنسانية في سورية للعام الجاري 2024، والخطة تستهدف ما يزيد على 10 ملايين شخص يحتاجون إلى مساعدات إنسانية.

العدد الإجمالي للأشخاص الذين يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدات الإنسانية في سورية هو 16 مليوناً و700 ألف شخص، نستهدف منهم ما يزيد على عشرة ملايين، ولتلبية احتياجات العدد الإجمالي السابق نحتاج إلى ما يربو على عشرة مليارات دولار، وهذه الأموال ينبغي أن نحصل عليها من المانحين، ولذلك بالتزامن مع إطلاق خطة الاستجابة الإنسانية لدينا أيضاً خطة لحشد الموارد من «المانحين التقليديين» و«المانحين غير التقليديين» و(الأخير) هو مصطلح نقصد به دول الخليج (العربي) بشكل خاص.

عام صعب

• ممكن توضيح أكثر لـمصطلح «المانحين غير التقليديين»؟

يتم تصنيف المانحين بـ«المانحين التقليديين» وهم دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية، أما «المانحون غير التقليديين» فهم دول الخليج (العربي)، ونستهدف هذه المرة أن نقوم بحملة لحشد الموارد من «المانحين التقليديين» و«المانحين غير التقليديين».

بعض «المانحين التقليديين» في مقدمهم الولايات المتحدة وألمانيا قررتا أن تخفضا من دعمهما للمساعدات الإنسانية في سورية، وفي حالة الولايات المتحدة بمقدار 50 بالمئة من المساهمات التي قدمتها في العام المنصرم، وفي حالة ألمانيا بمقدار 30 بالمئة.

• كم مبلغ المساهمات الذي تقدمه الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا لدعم الحالة الإنسانية في سورية؟

حوالي 500 مليون دولار، منها 350 مليون دولار في حالة الولايات المتحدة و150 مليون دولار في حالة ألمانيا، لذلك نحن نواجه عاماً صعباً للغاية، حيث ازداد فيه عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، لكن حجم المساعدات حتى الآن أقل بكثير مما كنا نتوخاه، إذ إن ما حصلنا عليه حتى الآن من تمويل هو 2 في العشرة آلاف فقط من متطلبات خطة الاستجابة الإنسانية البالغة أربعة مليارات و700 ألف دولار.

انحدار التمويل

• هل هناك وعود من «المانحين غير التقليديين» بالمساهمة بشكل فاعل في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في سورية؟ ومن ثم لماذا «المانحون التقليديون» يتعمدون عدم تنفيذ المساهمات المالية المترتبة عليهم تجاه الحالة الإنسانية في سورية؟

بالنسبة للسؤال الأول بأن «المانحين غير التقليديين» هل يمكن أن يسدوا العجز الذي يخلقه قرار كل من الولايات المتحدة وألمانيا؟ نحن نأمل في ذلك وسوف لا نترك باباً إلا ونطرقه بغية الحصول على الموارد اللازمة لمساعدة المحتاجين، لذلك يحدونا الأمل بأن تقدم دول الخليج أقصى ما تستطيع لأن للأزمة السورية تداعياتها التي قد تؤثر على استقرار المنطقة بل على استقرار العالم إذا استمرت من دون معالجة.

أما بالنسبة للسؤال الثاني وتقليص بعض «المانحين التقليديين» مساهماتهم في دعم خطة الاستجابة الإنسانية في سورية، فهناك عدة تفسيرات يمكن تقديمها، منها أن هناك أزمات كثيرة في العالم الآن، بمعنى أن الأزمة في سورية تتنافس مع عدة أزمات، جزء منها جديد مثل الأزمة في غزة، وجزء منها قديم متجدد مثل الوضع في إثيوبيا وأفغانستان والوضع في السودان والوضع في أوكرانيا وما إلى ذلك.

لو نظرنا إلى خريطة التمويل في سورية نرى أن المنحى يذهب إلى انحدار، ففي بداية الأزمة كانت خطط الاستجابة الإنسانية تحظى بدعم كبير جداً ومن ثم لاحظنا انخفاض معدل التمويل بخصوص الاستجابة وقد وصل إلى مستوى كبير، إذ وصلنا في العام الماضي إلى أقل من 40 بالمئة من احتياجات خطة الاستجابة.

مستوى التمويل في الأعوام 2013 و2014 مثلاً، كان عالياً جداً وتدريجياً انحدر إلى أقل من 40 بالمئة في العام الماضي، وهذا العام توقعنا أن يكون أسوأ الأعوام التي مرت على الفريق العامل في الحقل الإنساني في سورية فيما يخص تمويل خطة الاستجابة الإنسانية، لذلك نحن سنكثف جهودنا الرامية إلى الوصول لـ«المانحين التقليديين» و«المانحين غير التقليديين» من أجل حشد أكبر كمية من الموارد لمواجهة هذا الوضع غير المسبوق.

• هل الانحدار في عملية التمويل سببه فقط تنافس أو كثرة أزمات، أم أن هناك عملية تسييس للأمر؟

جزء منه تنافس أزمات، وقد يكون هناك دوافع سياسية أنا لست خبيراً في هذا المجال، ما أستطيع أن أقوله أيضاً إنه بعد عدد من السنين يصبح هناك فتور عند البعض (تجاه) الأزمات وخاصة إذا لم تكن هذه الأزمات في خريطة الأخبار بشكل يومي، أي تغطي عليها قصص أخرى، وكما نقول الأزمة تفقد أثر «السي إن إن» لأن أزمات أخرى طغت عليها، وهذه العوامل مجتمعة، ولا أستبعد الجانب السياسي منها، قد تكون وراء الفتور الملحوظ في مصدر تمويل خطط الاستجابة الإنسانية في سورية.

• ألا يجعل الوضع الإنساني السيئ في سورية منها دولة ذات أولوية يجب مساعدتها في ظل تنافس الأزمات؟

بشكل عام عندما حجب التمويل عن برنامج نلجأ إلى إنشاء أولويات والتركيز على النشاطات المنقذة للحياة، وهذا بالضبط ما يفعله برنامج الغذاء العالمي الآن بالتركيز على التغذية لأنها في صميم العمل المنقذ للحياة.

أما فيما يتعلق وإن كانت سورية أولوية أم لا، فعلى مدى أكثر من عام ظل فريق الأمم المتحدة وشركاؤه العاملون في سورية يطلبون ما يقرب من 10 بالمئة من مجمل الدعم العالمي للعمل الإنساني، وخطة الاستجابة الإنسانية في سورية كانت تقرب من 10 بالمئة من المجموع الكلي للدعم الإنساني على مستوى العالم.

كما أسلفت كان الفريق هنا يحصل على التمويل اللازم في معظم الحالات لمواجهة الاحتياجات الإنسانية، ولكن صار هناك نقص متدرج إلى أن وصلنا إلى الوضع الذي نحن فيه الآن، وفي العام الماضي انحدر إلى أقل من 40 بالمئة، وفي هذا العام لا ندري النسبة التي سنحصل عليها حتى نهايته من مبلغ 4 مليارات و700 مليون دولار الذي نحتاجه.

أما إذا ما كانت سورية في صدارة أولويات الدول المانحة أم لا، فبالنظر إلى النواحي المقدمة، فإن الأرقام تتحدث عن نفسها.

لا سيطرة لنا على العقوبات

• تواصل الولايات المتحدة ودول أوروبية فرض إجراءات اقتصادية قسرية أحادية الجانب أضرت بشكل كبير بالشعب السوري والبنى التحتية وتحرم المواطنين من أبسط حاجياتهم الأساسية مثل الكهرباء، هل هناك خطط للأمم المتحدة لرفع هذه العقوبات؟

هذه العقوبات أحادية فرضتها دول بناء على اعتبارات خاصة بها، هذه العقوبات غير صادرة عن أي محفل من محافل الأمم المتحدة، وبالتالي فإنها عقوبات أحادية ليس لنا سيطرة عليها، ولكن نحاول أن نعمل على تقليص أثرها فيما يخص العمل الإنساني، ومن ذلك أن الفريق هنا بعد كارثة الزلزال تمكن من الحصول على بعض الإعفاءات من العقوبات من أجل الإسراع بتقديم المساعدات الإنسانية للأشخاص المنكوبين.

في نهاية العام الماضي قدمت قائمة بكل الاحتياجات الإنسانية التي نود من الإدارة الأميركية إعفاءها من نظام العقوبات وهي أشياء مطلوبة للعمل الإنساني بما في ذلك الأدوية المنقذة للحياة وقطع الغيار للمعدات الطبية وما نحتاج في حالات الأطفال وما إلى ذلك.

عندما زرت الولايات المتحدة العام الماضي تحدثت مع أشخاص بمجلس الأمن القومي والبيت الأبيض ووزارة الخارجية والكونغرس عن أن نظام العقوبات له عدة جوانب سلبية فيما يخص العمل الإنساني في سورية، ومن ذلك أن عدداً كبيراً جداً من الأشخاص الذين كنا نتعاقد معهم في السابق صاروا لا يرغبون بالتعاقد مع منظمتنا خوفاً من أن تطولهم العقوبات.

حتى إذا كان هناك استثناء فإن العديد من الشركات التجارية والجهات الأخرى التي تورد للمنظمات العاملة في الحقل الإنساني في سورية المواد التي تحتاجها تحجم عن التعاون معنا خوفاً من أنها بشكل غير مباشر قد تخرق نظام العقوبات وبالتالي تقع تحت طائلة تلك العقوبات.

أيضاً للحصول على إعفاءات هناك إجراءات معقدة للغاية إذ يتطلب الأمر وجود شخص متخصص بالعقوبات الأحادية في أميركا، بمعنى أنك تحتاج إلى أموال لمحامٍ أو عدد من المحامين من أجل عدم خرق هذا النظام الصارم من العقوبات.

هذه العقوبات قد تكون صادرة عن دوافع سياسية أو خلافات لكن لها تأثير غير مباشر في العمل الإنساني وذلك لا شك فيه، وحتى الأشخاص الذين نتحدث معهم من هذه البلدان التي تفرض إجراءات قسرية أحادية لا يمكن أن ينكروا تأثير هذه العقوبات على العمل الإنساني.

يتم الربط في أغلب الأحيان بين الإجراءات القسرية الأحادية وبين المسار السياسي، ولذلك جزء من هذا الأمر يتعلق بالتفويض الممنوح للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الذي يعمل في الجانب السياسي غير بيدرسون.

لذلك أنا دائماً أشجع الحكومة السورية ومكتب بيدرسون على العمل معاً من أجل بلورة رؤية مشتركة لرفع العقوبات وخريطة طريق واضحة من أجل رفع هذه العقوبات، أرى بشكل واضح لا لبس فيه أن للعقوبات تأثيراً مباشراً في العمل الإنساني.

صندوق التعافي

• صدر عن مجلس الأمن الدولي قرار يتضمن تنفيذ ودعم «مشاريع تعافٍ مبكر» في سورية من الأمم المتحدة، إلى أين وصل عمل الأمم المتحدة بخصوص هذه المشاريع؟

فيما يخص المرجعية القانونية لإنشاء برنامج التعافي المبكر في سورية، هناك العديد من قرارات مجلس الأمن في هذا الشأن، فهناك القرار رقم 2585 لعام 2021 وهناك القرار رقم 2642 لعام 2022 والقرار رقم 2672 لعام 2023، وكل هذه القرارات نصت على ضرورة إنشاء برنامج التعافي المبكر في سورية.

من جانب آخر في الـ21 من حزيران العام الماضي أصدر الأمين العام للأمم المتحدة قراراً مكتوباً وَجَّهَ فيه فريق الأمم المتحدة بقيادتي هنا في سورية للعمل بشكل فوري على إعداد برنامج للتعافي المبكر بما في ذلك إعداد خطة واضحة لجلب التمويل لهذا البرنامج. لذلك نحن الآن في الأطوار النهائية لإعداد مشروع متكامل لفترة 5 سنوات للتعافي المبكر.

هناك بعض الأشياء التي يجب ذكرها في هذا الصدد، منها أن خطط الاستجابة الإنسانية على مدى السنوات الماضية ظلت في البند الثالث منها تنص على بند التعافي المبكر هذا من ناحية، من ناحية أخرى هناك من المانحين ما يشبه الخط الأحمر فيما يتعلق بالعمل في مجالات التنمية. المانحون يرفضون بشكل قاطع تقديم أي دعم لعمل إنمائي في سورية ولذلك رأينا أن أفضل طريقة أن نقوم بصياغة خطة تعافٍ مبكر ينبغي أن ترتكز على الجانب الإنساني، إذا كنا نطمح في الحصول على تمويل، ولذلك في المسودة التي نقوم بالتشاور حولها الآن استهدفنا في موضوع التعافي المبكر عدداً من القطاعات للعمل عليها بشكل مركز رأسياً في مواقع جغرافية محددة على مدى خمس سنوات ونطمح إلى أنه في نهاية الخمس سنوات أن يكون الاستثمار في هذه القطاعات حقق نجاحات تؤدي إلى تغيير نوعي وبالتالي تقلص عدد الأشخاص الذي يحتاجون إلى مساعدات إنسانية وقد تفتح الطريق إلى عودة النازحين واللاجئين، وهذه القطاعات هي الصحة التعليم والمياه والصرف الصحي وكل ما يتعلق بالري وسبل المعيشة والكهرباء.

• ما المبلغ المادي الذي تم رصده لهذه الخطة؟

صرف الميزانية لهذا البرنامج مفتوح، ونحاول إنشاء صندوق خاص للتعافي المبكر، ولماذا إنشاء الصندوق؟ لأنه رأينا في الفترة الممتدة من بداية عام 2022 إلى نهاية عام 2023 أن فريق الأمم المتحدة العامل في سورية والشركاء من المنظمات الحكومية سواء كانت وطنية أم أجنبية أنفقوا ما يزيد على 800 مليون دولار على مشاريع كلها يتم وصفها بأنها مشاريع تعافٍ مبكر إلا أن أثرها ظل محدوداً وذلك لأنها مشاريع غير مترابطة، قد تجد مشروعاً مثلاً في ريف دمشق تقوم به منظمة اللاجئين، ومشروعاً آخر للسيدات الأرامل في تلبيسة مثلاً ومشروعاً ثالثاً بإعادة توطين النازحين في دير الزور وما إلى ذلك، ولذلك هذا الإنفاق وهذه الأموال الضخمة، 800 مليون دولار، ليست بالمبلغ السهل، ولو تم استثمارها رأسياً في قطاعات معينة كان يمكن أن يكون لها أثر ملموس.

الفكرة من الصندوق أن يتم صرف هذه الأموال على قطاعات معينة، وأن يفرض على المنظمات أن تعمل بشكل مترابط ومع بعضها بعضاً، وليس أن تعمل كل منظمة بمفردها هنا أو هناك هذا من ناحية.

آلية آمنة

من ناحية ثانية الصندوق أيضاً يوفر لبعض «المانحين غير التقليديين» كدول الخليج التي عادة تفضل أن تقدم المساعدات مباشرة إلى الحكومة ولا تستطيع أن تعمل ذلك الآن بسبب نظام العقوبات، يوفر لها الصندوق آلية آمنة وشرعية تحت مظلة دولية بأن تقدم مساعدات للشعب السوري.

الشيء الثالث، هناك أيضاً منظمات أو بنوك مثل البنك الدولي رصدت مبالغ لسورية ولم تستطع تقديم هذه المبالغ التي كانت مرصودة لضحايا الزلزال بسبب العقوبات. صندوق التعافي المبكر قد يتيح لها آلية لتقديم مساعدات للشعب السوري.

هذه هي الأفكار التي يدور حولها النقاش الآن لإطلاق خطة التعافي المبكر الخاصة بسورية وتحفيز المنظمات والمانحين على الاستثمار في التعافي المبكر والذي قد يقود في النهاية إلى الاستغناء عن تقديم الإسعافات التي نرى أن التمويل الذي يقدم لها يتقلص عاماً بعد عام.

• متى يمكن إطلاق هذه الخطة عملياً؟

قبل الصيف.

• تحدثت عن أن تنفيذ هذه المشاريع الخاصة بالخطة سيتم في قطاعات جغرافية، هل هذه القطاعات في جميع أراضي الجمهورية العربية السورية؟

في جميع أراضي الجمهورية العربية السورية لأنها تستهدف الناس وفق الحاجة.

• هل هناك وعود من «المانحين غير التقليديين» بأن يسهموا بشكل فاعل في هذا الصندوق؟

نعم، حتى «المانحون التقليديون» الأوروبيون بشكل خاص هناك عدة دول متحمسة لبرنامج التعافي المبكر ويرون أن هذا هو الطريق السليم لتقديم مساعدات للشعب السوري تغنيه في نهاية المطاف عن المساعدات السنوية والبرامج المنقذة للحياة إدراكاً منهم بأن في سورية عاملين يقودان إلى التفاؤل الأول هو أنه يوجد رأس المال البشري بمعنى أن الأشخاص السوريين عندهم المؤهلات الكافية والمعرفة بما يمكنهم بقليل من الدعم من أن ينهضوا ويعيدوا بناء بلدهم وبالتالي علينا أن نركز على هذا الجانب.

الجانب الآخر يتعلق بأن الموارد الطبيعية موجودة، وأن هناك حاجة إلى التركيز على الخدمات الأساسية بما في ذلك تمكين الناس من كسب عيشهم بشكل كريم وهذا سيمكنهم في نهاية المطاف من الاستغناء عن نظام المعونات.

هناك إدراك حتى وسط المانحين الدوليين بأن هذا هو الطريق السليم والقويم لتقديم المساعدات.

ومن دون تسميات، أجرينا مشاورات مستفيضة مع عدد كبير منهم، والأسبوع الماضي جمعنا المانحين في بيروت. هناك عدد كبير منهم متحمسون لهذا الموضوع. أجرينا أيضاً مشاورات غير رسمية مع عدد من دول الخليج وهناك إشارات إيجابية.

عندما نقوم بإطلاق خطة التعافي المبكر سنقوم بطواف على دول الخليج لعرض الخطة والأمين العام نفسه وعد بأنه سيساعد بشكل مباشر في حملة إيجاد موارد لبرنامج التعافي المبكر.

• ما يسمى «مؤتمر بروكسل» بشأن مستقبل سورية والمنطقة سيُعقد في أيار المقبل، ومنذ عام 2017 وهذا المؤتمر يعقد ولا تدعى إليه الحكومة السورية وهي صاحبة العلاقة، أليس في هذا الأمر مفارقة برأيك؟

لا نلعب أي دور ولا تتم استشارتنا في الدعوة إلى هذه المؤتمرات. نتلقى الدعوة شأننا شأن غيرنا من دون أن يكون لنا أي دور في ترتيب عقد هذه المؤتمرات.

• لكنكم تشاركون فيها؟

نشارك لأننا كما قلت لن نترك باباً من دون أن نطرقه من أجل أن نحصل على الموارد اللازمة لتقديم المساعدات اللازمة للمحتاجين في سورية ولذلك مستعدون للذهاب إلى أقاصي الأرض وهذا العام من المقرر أن أزور أقاصي الأرض.

ولقد لاحظنا أنه لا تتم دعوة الحكومة السورية إلى هذه المحافل ولا أجد تفسيراً لذلك، هذا الأمر قد يكون متعلقاً بسياسات هذه الدول. الاتحاد الأوروبي هو من ينظم هذه الفاعلية في بروكسل كل عام وقد يكون هذا مرتبطاً بشكل أو بآخر بالعقوبات المفروضة من الاتحاد الأوروبي على سورية لا أدري ولذلك كل ما أقوله في هذا الصدد ضرب من التكهن.

أما ما يخص ما يعلنه المانحون أثناء المؤتمر والحصيلة النهائية للتعهدات التي يدوّنها في المؤتمر فهذا شيء يحصل في كل مؤتمرات المانحين، أنه قد يكون هناك فرق بين ما يتم التعهد به على الملأ في المؤتمر وما يتم تقديمه بالفعل في نهاية المطاف.

نأمل ألا يكون هناك فرق هذا العام وسنذهب بفريق عالي المستوى من سورية ومن نيويورك من أجل أن نحث المانحين على تقديم أقصى ما يستطيعونه لمقابلة الاحتياجات المتعاظمة في سورية هذا العام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن