قضايا وآراء

نبوءة الرئيس الراحل حافظ الأسد في عام 1977 تتحقق في 2024

| معتز خليل

قبل يومين من زيارة الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات إلى إسرائيل، كانت هناك زيارة له إلى سورية، من أجل الاجتماع مع الرئيس الراحل حافظ الأسد.

المعلومات عن هذا اللقاء كانت تقريباً شحيحة لعدة اعتبارات أمنية وسياسية وتاريخية تربط الشعبين السوري والمصري، غير أن بعضاً من الوثائق البريطانية والغربية عموماً، تشير إلى أن هذا اللقاء بين الزعيمين استمر لسبع ساعات كاملة دار فيها حوار حاد بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات (1918-1981) ومضيفه في دمشق الرئيس الراحل حافظ الأسد (1930-2000) يومي 16 و17 تشرين الثاني 1977، أي قبل يومين من زيارة السادات الشهيرة إلى القدس.

ومن واقع ما نقله الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل عن تفاصيل هذا اللقاء في كتابه «المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل.. عواصف الحرب وعواصف السلام»، فقد شكّل هذا اللقاء، بما قبله وما بعده، نقطة مفصلية في الصراع العربي الإسرائيلي وفي العلاقات السورية المصرية، والمصرية الإسرائيلية لاحقاً.

عاد السادات إلى مصر، وبدأت ضده حملة إعلامية عربية شرسة لم تثنه عن زيارته الشهيرة للقدس في 19-21 تشرين الثاني 1977، تلك الزيارة التي شبهها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر، وتولى المنصب من 1977 إلى 1981، حقيقة أو مبالغة، بنزول أول إنسان على سطح القمر.

عموماً فقد أشارت بعض من هذه التقارير إلى أن الرئيس الأسد الأب حذر السادات من أن أي معاهدة سياسية أو أمنية مع إسرائيل ستظل موضع شك، وسيقوم الإسرائيليون بتغييرها وتعديلها بصورة أكيدة في المستقبل، وهذا ما يتم حالياً من واقع ما تعيشه المنطقة في عام 2024.

حيث باتت هناك قضية ملحة تشكل عاملاً كبيراً ضاغطاً على مسيرة الاستقرار بالمنطقة، وعقب إخفاق المفاوضات حول وقف إطلاق النار الحالي بين المقاومة الفلسطينية والجيش الإسرائيلي، ترددت أنباء كثيرة تفيد بأن إسرائيل تخطط لإعادة تجنيد جنود الاحتياط بالفعل في نيسان المقبل، وهو ما تزامن معه تصعيداً في التصعيد الذي يدلي به الكثير من قادة إسرائيل، فضلاً عن العديد من الإشارات الأخرى التي توضح أن اجتياح رفح قادم قريباً جداً، وهو ما سيجعل العلاقات المصرية الإسرائيلية تحديداً، على شفا طريق صعب، بصورة تؤكد نظرية الرئيس الأسد من أن تعديل هذه الاتفاقية للسلام بات وشيكاً بصورة ستمثل تصادماً بين مصر وإسرائيل.

الحاصل، فإنه وخلال الساعات الماضية، وصلت العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى مفترق طرق صعب للغاية، وهو المفترق الذي بات الوصول إليه حتمياً في ظل:

1- الفشل المرحلي للمفاوضات التي أجرتها إسرائيل مع حركة حماس في قطر.

2- إصرار رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو «المعلن» على القيام بعملية عسكرية في رفح.

3- بات من الواضح أن يد نتنياهو تعمل جدياً على إفشال أي مفاوضات الآن، من أجل الوصول إلى نقطة واحدة وهي القيام بعملية عسكرية في رفح.

4- وجود خلاف شخصي بين نتنياهو من جهة وبين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وهو الخلاف الذي تصاعد منذ عملية السابع من تشرين الأول حتى الآن، وخاصة أن إسرائيل في حالة الحرب، دوماً ما تلتفت إلى مصلحتها الذاتية الخاصة فقط.

وفي ظل كل هذه التطورات بات واضحاً أن هناك هوة في المواقف السياسية والأمنية بين قيادات الاستخبارات الإسرائيلية من جهة وبين مكتب نتنياهو من جهة أخرى، وهو ما يتضح مع العلاقات الباردة بين مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، وبين عدد من قيادات هذه الأجهزة، فضلاً عن تحذير بعض من القيادات السياسية من أن علاقات إسرائيل مع الكثير من دول العالم باتت تتأثر في ظل الطابع الشخصي الذي تتسم به السياسات الإسرائيلية الآن، وطغيان سياسات ومواقف نتنياهو عليها، وهو الطغيان الذي لا يتوقف عند نتنياهو فقط، لكن أيضاً يزداد ليتواصل مع شخصيات مثل وزير الأمن القومي بن غفير ووزير المالية سموتريتش.

يشير تقدير موقف إستراتيجي وضعه أحد الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، إلى وجود بعض من المعوقات الإستراتيجية التي تواجه عملية الجيش الإسرائيلي في رفح الآن، هذه المعوقات تتجلى في النقاط التالية:

1- من الصعب الوصول لقيادات حماس وتحديداً يحيى السنوار ومحمد الضيف.

2- في حال الوصول إليهما فإن حياة الأسرى ستكون مهددة.

3- التفاوض يمثل الحل الواقعي الأنسب للأزمة الحالية والعملية الأمنية في رفح.

من هنا تصاعدت دقة المشهد الإستراتيجي للأحداث، وخاصة مع الأزمة الحاصلة مع مصر التي ترفض تماماً الدخول البري الإسرائيلي لمدينة رفح، وهو الرفض الذي تتصاعد حساسيته الآن عبر الرفض المصري التام لهذه العملية، وتحذير الرئيس السيسي منه في أكثر من مناسبة.

إن الموقف تعقد أكثر مع التصريحات التي خرجت من دوائر مقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي، وأعلنت صراحة عن إمكانية القيام بعملية عسكرية من دون التنسيق مع المصريين.

دقة هذه التصريحات تأتي تزامناً مع تسريب دوائر إسرائيلية وأمنية لمعلومات مفادها:

1- هناك عدد من الثغرات تحت الأرض تسمح لحركة حماس الهروب من الرقابة المفروضة عليها الآن.

2- تسمح هذه الثغرات لحماس بالتحرك بصورة طبيعية بعيداً عن الرقابة.

لقد بات واضحاً أن العلاقة بين مصر وإسرائيل ليست في أفضل حالاتها، الأمر الذي يزيد من دقة الفترة الحالية في ظل التصعيد القادم في رفح، وهو التصعيد الذي يمكن أن يعصف بالعلاقات المصرية مع إسرائيل ويؤثر في عمودها الهش القائم الآن.

صحفي مصري مقيم في لندن

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن