ثقافة وفن

لمن الغلبة.. ومن سينتصر أخيراً؟ … تصفية حسابات وصراع دموي واقتتال على الثروة

| مصعب أيوب

الصراع على أشده على المائدة الرمضانية والعنف سيد الموقف، ولعل أكثر ما يخلق التشويق ويجذب المتابع للمشاهدة هو وجود خلاف ما أو صراع متأهب بين أبطال الحكاية، وهو ما اعتمده صنّاع الدراما التلفزيونية لرمضان ٢٠٢٤.

تصفية حسابات

لعل أبرز الأعمال التي تتصدر قوائم المشاهدة والذي يقوم برمته على الصراع والثأر والميراث هو ولاد بديعة الذي ما فتئت حلقاته تنتهي إلا بحدث يشعل لهيب التشويق في قلب المشاهد للحلقات التي تليها، يتصدر الصراع في العمل منذ البداية عارف الدباغ الذي يؤدي دوره فادي صبيح وبين أبو هديل «حسين عباس» اللذين يصارع كل واحد فيهما الآخر على سحب بساط السوق التجاري والإمساك بزمام أمور صنعة الدباغة إلى نفسه.

وهو صراع توارثه الأبناء عن والدهم حتى بعد وفاته، لتتجلى خلافات شاهين «سامر إسماعيل» وياسين «يامن الحجلي» مع أبي هديل الذي يقع ضحية فيديو مصور له بحالة مشينة وهو ما يتسبب بوفاته بعد أن يقرر الأخوان أن يفضحا مقطع الفيديو بعد ثلاثين عاماً من تصويره.

الصراع لم ينته هنا فحسب، فشاهين وياسين يخوضان صراعاً أكبر من ذلك أيضاً مع أخيهم مختار «محمود نصر» من أبيهم ولأن الأب لم يعترف بشاهين وياسين ولاسيما أنهما ولدا بزواج غير شرعي أو قانوني فيلجأ الأبناء لتثبيت أحقيتهم بالإرث وكل على طريقته وهو ما نجم عنه الكثير من مشاهد الضرب والعنف وسيول من الدماء لعل أبرزها ضرب شاهين وياسين لمختار بعد أن قام الأخير بقتل أمهم حرقاً.

أبو الهول «محمد حداقي» رجل همجي وعنيف ويعشق القتل والعنف ويترأس مجموعة من الأشخاص الذين يحملون الأسلحة ويجوبون الطرقات للنهب والسرقة وجني الأموال بشتى الطرق، تضعه الظروف في درب الإخوة الثلاثة شاهين وياسين وسكر ويخوض معهم معتركات عديدة وتصفية حسابات كثيرة وكل ذلك في سبيل المال والذهب فيبطش هنا ويقتل هناك ولا يكترث لشيء، ولكن سكر تعرف كيف تتخلص منه بمساعدة ياسين.

صراع النفوذ

الصراع يبلغ ذروته في «العربجي ٢» بعد التحالف الذي تبرمه درية خانم مع خصمها سابقاً أبي حمزة من أجل سحق عبدو العربجي وأعوانه، وأيضاً القتل والدماء سيدا الموقف، فيرسم أبو حمزة الخطط الشيطانية لكسب الذهب والإيقاع بعبدو وكذلك تفعل درية وتبذخ في دفع النقود هنا وهناك في سبيل الوصول لعبدو.

ولأن القتل سيد الموقف والأسياد لا يقفون في المقدمة ويضعون أناساً تنفذ مخططاتهم، فلدرية خانم جبر الذي لا يتهاون في القتل، والذي تنطلق ملامحه الشخصية بما في داخله من شر، وكذلك يتذرع أبو حمزة بالهرايسي المستعد لإزهاق الكثير من الأرواح في سبيل ليرات ذهبية قليلة.

كما يخوض عبدو العربجي مواجهات كثيرة مع رجال السلطنة وممثلي المتصرف.

رجل وطني وآخر متآمر

وقد قامت الفكرة الرئيسية لمسلسل «تاج» على فكرة الصراع الخفي بين بطلي العمل بسام كوسا وتيم حسن، فالأول يعمل في الخياطة وينقل الأخبار للقوات الفرنسية ويقدم جميع التعاونات والتسهيلات التي من شأنها الإيقاع بالرجال الوطنيين في سورية فترة الأربعينيات، وتاج «تيم حسن» ملاكم ورجل وطني ويعمل على تنفيذ مخططات بالشراكة مع بعض الشبان الوطنيين لإيقاع الكثير من الخسائر في صفوف الفرنسيين وأيضاً يسعى جاهداً إلى إثبات تورط رياض بك «بسام كوسا» في التواطؤ مع الفرنسيين، كما يقع تاج في عدة مواجهات مع القوات الفرنسية بشكل مباشر ومع الكولونيل شخصياً بعد أن ينكشف أمره ويعرف من يكون.

أناني وجشع

وكما يتقن بسام كوسا أدوار الشر ويبرع فيها، كان «لمال القبان» نصيب من شره بشخصية نعمان الزير الذي ترعرع في سوق شعبي للخضر وجميع أصحابه ومرتاديه أشخاص أناس عشوائيون همهم الوحيد تحقيق الكسب المادي ولو بالمضاربات، فهو سوق يحكمه الفساد والصراعات التجارية، ليغدو نعمان شخصاً أنانياً وجشعاً، لا يتردد في أذية جيرانه أو منافسيه في السوق وهو ما وضعه في خلافات كثيرة مع معظمهم، كما لم يسلم من شره أقاربه وعائلته، فهو يقع في خلاف كبير مع والدته التي خُيّل لها عندما كان صغيراً أنها أقامت علاقة مع جاره في السوق وهو ما يجعل قلبه متحجراً تجاهها ويسعى جاهداً للإيقاع بجاره.

كشف المستور

في «الصديقات» على الرغم من أن الحكاية اجتماعية لطيفة أبطالها من النساء، إلا أن العمل لا يخلو من وجود صراعات ومهاترات بين شخصياته ولعل أجمل ما يضيف نكهة التشويق للعمل الدرامي هو وجود خلافات بين الشخصيات، فتمثل ذلك بخلاف كامل «فايز قزق» مع فلك «صباح الجزائري» التي كان يعمل في الملهى الليلي الذي كانت تديره وتطرده منه بعد أن تكتشف علاقته بابنتها عبير، كما تظهر العداوة جلية بين معتصم «محمد حداقي» الرجل المتنفذ وصاحب السلطة والمال وبين عادل «كرم الشعراني» الذي يتزوج من أخته ندى ليقضي مصالحه، ويتزوج بثانية أخرى سراً بعدها ولكن لسوء طالعه ينكشف أمره وينفضح زواجه السري، وهو ما يضعه في صراع محتدم مع معتصم وندى بعد أن يقررا تجريده من كل النعيم الذي يعيشه والذي كانا سبباً فيه ويحرمانه من رؤية أطفاله، وبتتابع الحلقات يضطر عادل لدخول منزل طليقته عنوةً لرؤية أطفاله لتمنعه وينجم عن ذلك أن يقتلها من دون عمد، وبعد أن يزج في السجن ليقضي فترة حكمه يخوض مع معتصم صراعاً جديداً بعد أن ينوي الأخير التخلص منه فيقرر عادل أن يفضح كل الأسرار التي يعرفها عن تجاوزات معتصم غير الشرعية.

شهوة للسيطرة

«وصايا الصبار» مأخوذ عن رواية ماكبث لشكسبير يحتدم فيها الصراع بين معظم أبطاله، فالجميع لديه تاريخ مرير ويضمر في قلبه غلاً للآخر ويرسم لمخططات شيطانية للإيقاع وربما التخلص من نده، فالبداية من خلدون «عبد المنعم عمايري» الذي ينوي قتل الحاج سلوم الملاح «فايز قزق» بتخطيط من زوجته نديمة «أمل عرفة» التي بدورها تكتنز داخلها كثيراً من الحقد والخبث والشهوة للنفوذ والمال والسيطرة، وبسبب مخططاتها يقتل خلدون عدداً من الأشخاص وتخوض العائلتان صراعاً علنياً يسعى كل منهما لتدمير الأخرى وسحقها لو على بحر من الدماء.

تواصل اجتماعي

وحتى رماد الورد ذي الصبغة الاجتماعية لم يخلو من صراع خفي بين القاضي مضر- فرع الجرائم المعلوماتية وبين مجموعة أشخاص يديرون شبكة ووكالة لمواقع التواصل الاجتماعي وينتهكون الخصوصيات ويقومون بتشغيل الشباب والفتيات في عمر المراهقة لتحقيق أهداف معينة تخدم مصالح الوكالة وربما تضر بالمجتمع وبمصالح هؤلاء الشبان عبر مقاطع فيديو ومشاركات وتعليقات معينة.

فهل يمكن أن يتحول الصراع المخفي بين تاج ورياض إلى صراع مباشر وعلني؟ وماذا سينتج عنه؟

وكيف سيلقي القاضي مضر القبض على من يديرون وكالات التيكتوك؟

وماذا سيستجد فيما يخص نعمان الزير وابنه خير ومغامري سوق الجبر؟

وبعد أن تخلص ياسين من أبي الهول وسلمت سكر نفسها للعدالة؟ إلى أين تتجه حياة الإخوة ياسين وشاهين ومختار؟

الحلقات القادمة ستحمل النبأ بذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن