شهد متابعو كرة السلة السورية بأعينهم وسمعوا بآذانهم مهزلة من الموشحات واللوحات الملوثة بالشتائم والقدح والذم بتعبيرات لا تصدر إلا عن شذاذ الآفاق وصناع الفتن طالت جمهور وفريق رجال سلة الوحدة في اللقاء النهائي لمسابقة كأس الجمهورية، رغم القرار العشوائي بمنع جمهور الوحدة من الحضور إلى الصالة وفق الفتاوى المتتالية التي أطلقها من هنا وهناك حكماء وجهابذة سلتنا والذين احتاروا في كيفية جعلنا أضحوكة في التخلف والفوضى والغوغائية، وباتت سلتنا اليوم بحاجة لخط ساخن مخصص للفتاوى المتتابعة لمعرفة اجتهادات القائمين عليها والتعديلات التي يلونونها ويثنونها ويكيفونها وفق أهوائهم ومصالحهم الشخصية، فما يجوز هنا لا يجوز هناك، وما يصلح لهذا يضر ذاك وما يسمح لناد يمنع عن آخر حتى وصلت الاجتهادات الشخصية والفتاوى الملتوية للمس بالثوابت التي آلمنا حجم التجاوز فيها وتوقيتها الذي خرق كل الأعراف الأخلاقية والشعارات التي نشأنا على الإيمان بها.
ولأن الفشل ينجب الفشل والفردية تتحالف مع العشوائية فقد بدأت المهزلة عندما تجاهل اتحاد كرة السلة دور جمعيته العمومية وتلذذ في تعميم الجهل والطيش على أنديته التي غرقت في جهل اتحادها فبأي حق يقرر جزء من الأندية نظام المسابقة ومكانها وآلية حضور جماهيرها، وهل الجمعية العمومية تجتمع لإقرار وضع الأختام على إذن السفر أم لاستعراض أصابع الملوحين بنعم أمام عدسات الكاميرات، وهل يحق لمجموعة من الأندية أن تنسلخ عن الجمعية العمومية وتتفرد بمصير المسابقات ومكانها وتفاصيلها، وحتى يزيد في الطنبور نغماً فقد أطل الاتحاد بفتح جديد غير مسبوق عندما اتخذ قرار منع الترحال في مباريات الدوري فقط ولم يتم التطرق إليه وتطبيقه في مسابقة الكأس، وهذا حسب ما صرح به مشرف اللعبة في نادي الوحدة الذي أكد بأنهم لم يتطرقوا في تصويتهم لمسابقة كأس الجمهورية في مشهد كوميدي لم يسبق إليه لا مسلسل مرايا الفنان ياسر العظمة ومسرحيات محمد الماغوط.
وقائع قاسية
بالانتقال إلى أحداث المباراة ولأن سياسة الاسترضاء والطبطبة هي شعار الاتحاد الحالي لحين الوصول إلى شاطئ الانتخابات، فكان لا بد من إدارة المباراة النهائية لكأس الجمهورية بطريقة لا ترتقي إلى مستوى الحدث ولا تحفظ حقوق الطرفين المتنافسين، فالاستفزاز والشتائم واللوحات كانت محضرة قبل بداية المباراة في غياب جمهور الوحدة مما يسقط الحجة المعهودة بأن الطرف الآخر هو من بادر بالاستفزاز، فكيف الحال اليوم والحاضرون في الصالة هم جمهور النادي الأهلي ولا وجود للجمهور المنافس، وما سبب تحضير لوحات الشتائم التي خططت قبل المباراة، ولماذا حضرت الشماريخ الممنوعة، ولماذا التهبت الصالة بالشتائم التي أجبرتنا على إلغاء الصوت من البث المباشر للمباراة بعد فواصل القدح والذم الجماعي والفردي والتلذذ بإذكاء الفتن الغافية والجاهزة للاشتعال، إضافة إلى إمطار أرض الصالة بكل ما يخطر على البال من زجاجات وقداحات وما شابه ذلك.
أسئلة بلا إجابات
ثمة أسئلة باتت تؤرق الجميع، هل مارس رئيس الاتحاد ضغوطه لوقف هذه الشتائم ومنع دخول اللوحات ورمي القاذورات بنفس شدة الضغط الذي مارسه لإجبار فريق الرجال على العودة إلى أرض الصالة بعد الانسحاب، وكيف صمت الحكام والمراقبون وهم يسمعون صداح الشتائم والموشحات تطول من حضر ومن غاب من نادي الوحدة.
في غياب العقل وحضور الأنا والمصالح الشخصية يتراجع العقلاء ويتصدر المشهد المتطرفون والدهماء ولأن الاتحاد في وضعه الحالي يطبق سياسة إرضاء هنا واستثناء هناك، ولأن الاتحاد ولد باستثناء فلا بد من أن يكون طابع قراراته استثنائياً، فإن المقدمات الحالية لا تنعش قلباً ولا تسر خاطراً، وسيكون إكمال المسابقات عبارة عن تصفية حسابات وتبادل تارات جماهيرية بعد عجز الاتحاد عن تطبيق لوائحه وتوفير الضمانات لأنديته وانفلات الشراذم الجماهيرية في صفوف مشجعي الأندية لتتصدر المشهد على حساب محبي اللعبة والجماهير الملتزمة والراقية.