أساتذة الاقتصاد البعثيون: اللقاء مع الرئيس الأسد شفاف وحوار شامل … الرئيس الأسد: نحن منحازون للفقراء لكن الإجراءات التي نطبقها لمصلحة الفقير تنعكس عليه سلباً
| محمد راكان مصطفى
اتسم لقاء الرئيس بشار الأسد مع أساتذة الاقتصاد البعثيين بالشفافية والحوار الشامل لكافة مشكلات الاقتصاد السوري والحلول المأمولة، حيث استمع إلى آرائهم وطروحاتهم حول مختلف القضايا المتعلقة بالنهوض الاقتصادي، وسياسات التنمية والقطاع العام ودوره على صعيد الدولة والمجتمع، وحول التشاركية مع القطاع الخاص بهدف الارتقاء بحجم ونوعية الإنتاج، والاستعداد لمرحلة إعادة الإعمار.
كما تناول اللقاء موضوع تحسين الوضع المعيشي للمواطنين وسياسات الدعم وما يشوبها من تشوهات وفساد إداري، حيث أكد الرئيس الأسد أن الدعم ضروري، فحتى الدول الأكثر رأسمالية تقدم الدعم ولكن شكل الدعم مختلف، والآليات مختلفة.
وقال الرئيس الأسد، حسب ما جاء في مقطع فيديو نشره موقع رئاسة الجمهورية: «المفروض أي حزب أو حكومة اشتراكية أو غير اشتراكية، أن تنحاز للفقراء باعتبار أنهم الطبقة التي تحتاج إلى الدعم، وهم الطبقة الأكثر هشاشة، لكن نحن لم ننطلق من هذه الفكرة فقط، بل انطلقنا من فكرة الصراع الطبقي، وبالتالي هو فكرة إيديولوجية، والكثيرون يعتبرون الصراع الطبقي شيئاً حتمياً، ونحن في سياساتنا منحازون للفقراء لكن الإجراءات التي نطبقها لمصلحة الفقير تنعكس عليه سلباً، فالدعم هو لمصلحة الفقير، والانحياز يجب أن يكون ضمن سياسات مدروسة، وميزة السياسة أنها ترى الأمور بشكل شامل».
رؤية جديدة
عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق حسين دحدوح أكد لـ«الوطن» أن اللقاء في غاية الأهمية وشفاف جداً، وأن الرئيس الأسد تناول فيه المعضلات والمشكلات الاقتصادية، وتناول الحلول برؤية جديدة شاملة وواضحة.
وأضاف: كما أشار الرئيس الأسد إلى التداخل الحاصل في الفترة السابقة بين مهام الحكومة والحزب، وأوضح أن دور الحزب وضع السياسات وليس تنفيذها.
وقال: كما أكد ضرورة البقاء على الدعم لأن الدعم مفهوم اقتصادي وليس اجتماعياً، ولكن يجب أن تتغير الآليات الموجودة لأنها تحتمل أن يندرج تحتها مجموعة كبيرة من الفساد.
وأشار إلى أن المقترح حالياً للنقاش أن يصبح الدعم للمواطن وليس للسلع، أي يصل الدعم للمواطن نقداً عوضاً أن تدعم به المواد كالخبز مثلاً.
وأضاف الدكتور الدحدوح: وقد عرض الرئيس الأسد مفهوم الاقتصاد الاشتراكي والسوق الاجتماعي، وأن الاشتراكية من وجهة نظرنا هي العدالة الاجتماعية.
أرسى قواعد السياسات الاقتصادية للمرحلة القادمة
من جهته نائب عميد كليه الاقتصاد في جامعة دمشق للشؤون الإدارية والطلاب الدكتور ياسر المشعل قال: إن لقاء الأكاديميين في كليات الاقتصاد مع الرئيس الأسد حمل أهمية كبيرة خاصة في هذه الفترة من فترات تخبط السياسات الاقتصادية، واللقاء أرسى مجموعة قواعد للسياسات الاقتصادية للمرحلة المقبلة، أهمها عدم التراجع عن مصطلح الاشتراكية ولكن تغير فهم الاشتراكية بطريقة مختلفة أو التركيز على مفهوم العدالة الاجتماعية ضمن الاشتراكية.
وأضاف: والنقطة الثانية أن الدعم ضروري وأساسي ومستمر كسياسة حكومية ولكن الشكل من الممكن أن يتغير، ولكن سياسة دولة داعمة للطبقات الفقيرة لا تراجع عنها.
وتابع: النقطة الثالثة محاربة الفساد كعنصر من عناصر المرحلة القادمة وخاصة ما يتعلق بلقمة المواطن وتوزيع الدعم وهي الجوهر الأساسي والضرورة الأساسية لمعالجة حالات الهدر والفساد في موضوع الدعم.
وقال: النقطة الرابعة هو إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية حتى تكون قادرة على استيعاب المرحلة القادمة وإعادة هيكلة مؤسسة الحزب وتدعيمها لتكون قادرة على تحمل أعبائها، واليوم المطلوب إعادة تموضع الحكومة والحزب بطريقة صحيحة بحيث الحزب يركز على السياسات العامة والحكومة على الإجراءات التنفيذية، وألا يكون هناك تعد كما كان في الفترة السابقة وألا يأخذ أحد مكان الآخر، وأن الحزب مطلوب منه أيضاً الرقابة الحكومية.
وأضاف المشعل: من القضايا الأساسية هو موضوع الهوية الاقتصادية هل يجب وضع الهوية ومن ثم وضع السياسات أو توضع الهوية بناء على السياسات؟ وكانت الفكرة الجوهرية أن سياساتنا الاقتصادية المتبناة في الفترة القادمة هي التي تحدد هوية الاقتصاد الوطني، إضافة إلى ما نمط الإدارة المناسب للاقتصاد المناسب خلال الفترة القادمة؟
وختم المشعل بالقول: اللقاء حمل أسساً لسياسات اقتصادية خلال المرحلة القادمة وإعادة تموضع للمؤسسات بشكل صحيح قادر على توضيح الصورة المستقبلية للاقتصاد السوري.
توسيع دائرة الحوار
بدوره رئيس قسم الاقتصاد بجامعة دمشق الدكتور عبد القادر عزوز قال: إن اللقاء مفيد وإنه في القضايا المصيرية الوطنية عودنا الرئيس الأسد توسيع دائرة الحوار لإشراك أكبر عدد من الجهات المعنية ومن هنا كان اللقاء مع بعض أساتذة الاقتصاد في الجامعات السورية.
دار الحوار حول العديد من القضايا بشكل عميق ومعمق في تبادل وجهات النظر والحوار حول العديد من القضايا.
أبرزها دور حزب البعث في المرحلة القادمة على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، والحديث عن دور الدولة الاقتصادي والخدمي وآفاق وحدود هذا الدور في المرحلة القادمة والحديث عن موضع إصلاح سياسات الدعم وسبل إيصال الدعم إلى مستحقيه ومسؤوليات المواطن ودور القطاع العام والخاص في عملية النهوض الاقتصادي وسبل تفعيل التشاركية بين القطاعين من أجل تحقيق تكامل الأدوار بينهما.
ولفت إلى أن ضمن المداخلات تم تناول موضوع الإصلاح الضريبي وتحقيق العدالة الضريبية من أجل رفد الخزينة بالموارد لتغطية الأعباء في المرحلة القادمة.
دعم نقدي
أستاذ الاقتصاد الدكتور إبراهيم العدي وصف اللقاء بالشامل وأنه يتحلى بالشفافية والوضوح، وأن لغة الحوار كانت هي السائدة ما أتاح طرح جميع القضايا التي تخص الاقتصاد السوري والمشكلات التي يعاني منها، مضيفاً: يبدو أن هناك رؤية جديدة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية في سورية، وذلك عبر حض كليات الاقتصاد على لعب دور أكبر في مجال تقديم الرؤى وخيارات للجهات الحكومية.
أوضح أنه تم طرح موضوع إيصال الدعم النقدي عن طريق البطاقة الإلكترونية، في ضوء الشكوى من الفساد وذلك يفكك جزءاً من منظومة الفساد الموجودة في السلع.
وقال: تم طرح موضوع قــدم وتهالك النظام الضريبي وبقاء القانون كما هو منذ أكثر من 75 عاماً، وإن إحدى أهم المشكلات هي رفد الخزينة بالموارد وفي ظل هذا النظام من غير الممكن تأمين الموارد اللازمة.
وتابع قائلاً: العبء الضريبي في سورية أقل عبئاً في العالم الأمر الذي تجب معالجته، والتهرب الضريبي كبير يصل إلى أرقام يصعب تقديرها.