رياضة

الآزوري قصة عشق

| بسام جميدة

كثيرا ما خلعت رداء انتمائي الكروي وأنا أكتب طوال مسيرتي المهنية، ولم يأخذني الهوى بعيداً عن المنطق والعقلانية والاعتدال فيما أقوم به بضمير مهني أشعر فيه بالراحة بعد كل هذه العقود الزمنية، ولكنني في الوقت ذاته كنت أفتخر بانتمائي للنادي الرياضي منذ أن تفتحت عيناي على عشق كرة القدم، كنت معه في حله وترحاله، وفي كبواته وإنجازاته، عشت بين جماهيره التي لم تكن تخفي عشقها لناديها مهما كانت الظروف.

أتحدث هنا، «عن هوى شخصي هذه المرة»، عن نادي الفتوة الذي يجري عشقه في شريان كل عاشق للأزرق، كما يسري نهر الفرات الخالد وسط المدينة منذ الأزل، وبات عنواناً لمدينة كادت ستائر النسيان أن تُسدل عليها وتتركها في أقصى الشرق تنادي إنني هنا والفتوة عنواني كما الجسر المعلق في قلوب كل «الديريين».

مدينة أنهكتها الحرب، تعيش على فرحة كرة القدم، لتنسى همومها وهي تحاول أن تنهض من بين الركام، لم تجد سوى ناديها كي تتكئ عليه لتعبر حيث بوابة الفرح.

مناسبة هذا الحديث بطولة الدوري التي تحققت قبل أربع جولات من انتهاء البطولة، وللمرة الثانية توالياً، والرابعة في تاريخ النادي، ولهاتين البطولتين قصة تستحق أن تكون فريدة في عالم المستديرة، فالفريق الذي لم يلعب على أرضه منذ بداية الفاجعة السورية التي أنهكت البلاد بكل مفاصلها، يعيش خارج مدينته، وملعبه في العاصمة دمشق، عانى الأمرّين خلال تلك السنوات السابقة، وكنت في خضمها بينهم، وينام اللاعبون تحت مدرجات الفيحاء، وبالكاد يتم تأمين مقدمات عقود اللاعبين ورواتبهم، ولكنه لم يرفع الراية البيضاء مستسلماً بل كافح، وبقي أحد رموز الكرة السورية التي أنجبت ولاتزال مواهب كروية يشار إليها بالبنان.

الفتوة الذي يعيش اليوم حالة من البحبوحة المادية بفضل الداعم ومن معه، وتكاتف الأحبة الذين كانوا خير عون لرأب أي صدع يحدث، ويعملون سراً وعلانية لكي يبقى الفتوة قلعة شامخة، وهاهو يقطف النجمة الرابعة ويسير بثقة نحو لقب الكأس الخامسة ليرتوي منها عذباً صافياً.

لم أعتد الإشارة بالشكر لأشخاص من باب الحذر في السير بمنزلقات غير محمودة النوايا من أصحاب الظنون الآثمة، ولكن اللبيب من الإشارة يفهم.

نادي الفتوة الذي عملت فيه سنوات طوالاً وقدمت له ذات يوم عصارة جهدي «كتاب الفتوة ورياضة دير الزور» كأول توثيق رياضي له، لم يغادرني يوماً رغم كل متاعبي المهنية.

هناك من يريد تهميش الفرحة واللقب، وأقول عبر هذا المنبر، بالله عليكم لا تجادلوا أي عاشق لهذا الكيان بأي شيء بعيداً عن حالة الفرح، كلنا نعرف رياضتنا وما فيها، فلا تتشاطروا كثيراً، نحن أدرى بشعابها..

ففي وقت عز فيه الفرح، أقول افرحوا جميعاً، كرة القدم جزء من السعادة التي تحيط بهذا الكون، سيبقى الشغف يجمعنا في عشق كرة القدم.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن