رياضة

تراجع نتائج منتخباتنا السلوية نتاج عمل وأخطاء أنديتنا

| مهند الحسني

انتهت مباريات النافذة الأولى من التصفيات الآسيوية المؤهلة وخرج منتخبنا الوطني بفوز وحيد على منتخب الإمارات وخسارة أمام المنتخب اللبناني، وباتت حظوظه بحجز بطاقة التأهل قائمة وقوية وتنتظره مباريات مهمة جداً في النافذة الثانية التي تفصلنا عنها فترة زمنية كبيرة.

هذه النتائج الجيدة تضع القائمين على المنتخب أمام مسؤولية كبيرة وهي المحافظة على هذا الأداء وتأمين كل ما يلزم المنتخب خلال فترة تحضيراته القادمة بما يوازي حجم وقوة النافذة الثانية، حيث سيلعب منتخبنا مع لبنان في بيروت ومع البحرين بالمنامة، ونتيجة هاتين المباراتين ستحدد مصير منتخبنا بنسبة كبيرة وخاصة أن منتخب البحرين ليس في أفضل أيامه حسبما شاهدناه أمام منتخب لبنان، نتائج منتخباتنا لم تأت من عبث وإنما هي نتيجة أخطاء وتراكمات واضحة في عمل أنديتنا لسنوات طويلة.

حقيقة يعرفها الجميع

لا يمكن أن نختلف مع الذين يفصلون مابين واقع أنديتنا الصعب في الفترة الحالية وواقع منتخباتنا الوطنية وما تحققه من نتائج، لأنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفصل ما بين الواقعين، فلا يمكن أن نصل أو أن نبني منتخبات قادرة على المنافسة عربياً وقارياً في ظل أندية مهترئة ومفلسة وفقيرة فنياً، فعملية التطوير الرياضي حلقة متكاملة لا يجوز إهمال حلقة على حساب الأخرى.

لن نخترع جديداً عندما نقول إن أندية قوية ومستقرة ودورياً قوياً ومستقراً لابد أن ينتج منتخبات وطنية قوية والعكس صحيح، ونسأل هنا، هل واقع أنديتنا في السنوات الأخيرة بخير، وهل احترافنا الذي طالما نادينا به بخير، وهل عملية البناء تبدأ من القاعدة أم من القمة، أو ليس إخفاق الأبناء سيؤدي إلى إخفاق الآباء، فما بالكم إذا كان الفشل هنا مزدوجاً، فأنديتنا وبكل صراحة لا تمتلك المال ولا أشخاصاً متخصصين أكاديميين يرسمون إستراتيجيات لأنديتهم، وهذا من شأنه أن يساهم في تراكم المزيد من الأخطاء التي أوصلت بعض الأندية لحد الهاوية.

المفهوم الخاطئ

مضى على دخول الاحتراف أكثر من خمس عشرة سنة على واقع كرتي السلة والقدم والنتيجة صفر، وما زالت أنديتنا لا تعرف من الاحتراف سوى قبض الأموال وتعبئة الجيوب، وعلى العكس فقدنا ميزات كثيرة كانت حاضرة في أنديتنا أهمها الانتماء الذي بات عملة نادرة لدى لاعبينا الذين تحولوا إلى سلعة تباع وتشترى في عصر لغة المال، ومن أهم ما تعاني منه أنديتنا في هذه المرحلة:

– ضعف إدارات الأندية واضطرابها وعدم استقرارها عبر الاستقالات أو الإقالات إضافة لوجود أشخاص في الإدارات ليسوا على دراية كاملة وفهم عميق بالعملية الرياضية السلوية.

دخول رجال الأعمال على خط الرياضة أمر حيوي ومهم وساعد على إنعاش صناديق الأندية المالية، وهذا ضروري لكن تدخلهم بالعملية الفنية لم يكن صائباً مئة بالمئة ما أدى إلى ابتعاد الكثير من الخبرات عن أهم أنديتنا.

– إهمال الفئات العمرية وقواعد الأندية وذلك بعد اهتمام إدارات الأندية بفرق الرجال وبتعاقداتها، وهذا سيؤدي إلى تدمير قواعدها السلوية وإهمال مواهبنا الشابة، وهذا أمر خطر علينا الانتباه إليه كثيراً، ورغم أننا لا نعارض موضوع التعاقدات، فلكل ناد الصلاحية والحق في التعاقد مع من يشاء لكن من الضروري ألا يكون حصر المال بفريق الرجال ومنعه عن فرق القواعد التي تعد الركيزة والأساس ومصدر النجاح لأي ناد.

– ضعف الثقافة الاحترافية الفنية والإدارية لدى كوادر جميع أنديتنا ولاعبينا للأسف، فقد فهم البعض أن الاحتراف مال فقط ونسوا الولاء والانتماء للنادي الذين ينتسبون إليه ويلعبون من أجله.

غياب الإستراتيجيات

الجميع يتفق على أن أنديتنا تعيش في دوامة ما بعدها دوامة والجميع أيضاً يحمل في أجندته مشاريع عديدة قادرة على علاج أمراض أنديتنا والدفع بها نحو الأمام، لكن مجمل هذه الأفكار يصطدم بسلسلة كبيرة من الروتين ما يؤثر في تنفيذ هذه المشاريع، إضافة لعدم قدرة هذه الإدارات على وضع تصورات مستقبلية لأنديتهم.

وهنا دعونا أن نرفع مستوى النقد ونتحدث بكل شفافية وجرأة، أعطونا نادياً واحداً يعمل ضمن إستراتيجية معروفة وواضحة في أي لعبة، بالتأكيد لا يوجد لكون هذه الأندية مازالت تعمل بطريقة عشوائية وفوضوية، لذلك لا ضير من وجود أشخاص أكاديميين مؤهلين لوضع تصورات مستقبلية ترفع من مستوى النادي فنياً واستثمارياً وغير ذلك ستبقى أنديتنا تدور في حلقة مفرغة لا مفر منها.

استثمارات متواضعة

يبدو أن الواقع الاستثماري لجميع أنديتنا مازال يحبو من دون أن يستطيع المشي بخطوات صحيحة حيث تعيش جميع أنديتنا على الهبات والأعطيات من هنا وهناك، لأنها لا تمتلك استثمارات تفي بالحاجة المادية خاصة في الموسمين الأخيرين، لذلك لابد من البحث عن استثمارات تجارية كبيرة وليس دكاكين وأكشاكاً، لكون بلدنا معطاء وخيّراً وقد منّ على الرياضيين بالمنشآت الرياضية الجيدة، ونحن مقبلون على مرحلة جيدة من الاستقرار بعد أن دخلنا في مرحلة التعافي بعد أزمة مرهقة، وعلينا إيجاد المناخات الملائمة للاستثمارات بعد أن باتت على طبق من الذهب، وما على الأندية غير أن تخرج من عملها الروتيني والتأسيس لأرضية استثمارية تقيها شر الهبات والإعانات، وهذا من شأنه أن يعود عليها بالفائدة المادية التي ستحقق نجاح الشرط الفني وتطويره في جميع الألعاب.

خلاصة

عندما تتوافر هذه الشروط البديهية في واقع أنديتنا لابد حينها أن تكون هذه الأندية في حالة رياضية سليمة، ولابد من أن تفرز لاعبين متميزين وألعاباً متطورة، وحينها لابد أيضاً أن يصب ذلك في بوتقة منتخباتنا الوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن