ثقافة وفن

الشعر والسرد ودورهما في تأصيل المقاومة والانتماء «بلاد الشام أنموذجاً» … ولادة اتحاد كتّاب المشرق العربي في دمشق

| مصعب أيوب - ت: مصطفى سالم

اجتمع ظهر أمس في دمشق رؤساء اتحادات الكتاب العرب في الدول العربية المتجاورة سورية ولبنان والعراق وفلسطين والأردن ضمن فعالية بعنوان: «الشعر والسرد ودورهما في تأصيل المقاومة والانتماء»، في لقاء ثقافي تشاوري وتنسيقي نجم عنه تأسيس اتحاد كتاب المشرق العربي للوقوف في وجه الحرب على الهوية والثقافة والانتماء.

ومما جاء في الكلمة التي ألقاها رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سورية د. محمد الحوراني أن هذا اللقاء تم بموجب قرارات المؤتمر السنوي الأخير لاتحاد الكتاب العرب وهذا تطبيق عملي لتلك الفكرة، هناك الكثير من المشتركات الثقافية بكل ما تتعرض له هذه الدول من تهديدات لا تقتصر على المحتل الصهيوني وإن كان هو أساسها وإنما تتعداه إلى الإرهاب وإلى محاولات تفكيك هويتها وهو أخطر ما نتعرض له وتتعرض له هذه الدول، وعند الحديث عن الحرب في فلسطين وتحديداً في غزة فإننا نتحدث عن حرب ثقافية بشكل أساسي، هي حرب تستهدف الإنسان والطفل والتراث والتاريخ وكل ما في فلسطين مستهدف وفي جميع الأراضي الفلسطينية، ولعل ذلك يبدو جلياً بما يفعله المحتل الصهيوني، وعندما نتحدث عن محاولات تفكيك المجتمع الأردني فإننا نتحدث عن مشروع يستهدف المنطقة كلها، ويستهدف أيضاً جنوب سورية كما يستهدف شمالها، وعندما نتحدث عما حصل في العراق من استهداف لمكونات المجتمع العراقي أيضاً نتحدث عن مشروع واحد يقوم عليه الصهيوني بالأساس لكن من خلال أدوات مختلفة، وعندما نتحدث عن لبنان وما يتعرض له من محاولات شيطنة المقاومة فإننا نتحدث عن المشروع ذاته، وليس بعيداً عن هذا، فإن ما حدث ويحدث وما زالت تبعاته في سورية يأتي في هذا الاتجاه، لذلك كان لا بد من تنسيق الجهود على كل الصعد والمستويات بين الدول الشقيقة والشريكة وأن ننطلق باتجاهات أخرى.

مرحلة مفصلية

في تصريح للإعلام أكد رئيس اتحاد الكتاب العراقيين علي حسن الفواز أن الحديث عن الثقافة بشكل عام بتفاصيلها المختلفة يتطلب وجود مساحة كبرى حتى يمكن من خلالها أو فيها إقامة تفاعل ونصنع تواصلاً وربما نطرح أسئلة جديدة، هذه اللحظة المفصلية في تاريخ أمتنا ومنطقتنا وتحدياتنا الكبرى وسط هذه العدوانات الكبرى والمركزيات المهيمنة من الضروري أن نضع ما هو فاعل في هذه اللحظة، ونحتاج إلى أن نجذر مفهوم المقاومة والانتماء والهوية والمركزية ومفهوم الحرب الذي تخوضه القوى الأخرى بكل أقنعتها التي يمكن تسميتها بحرب السرديات وحرب المصطلحات وحرب المفاهيم وحرب المحتويات وغيرها وهو ما يقتضي منا وعياً متعالياً ورؤية واضحة ودقة في التوظيف والتعاطي مع المصطلحات والمفاهيم وهو ما معناه أن نتعاطى بحذر مع كل التعقيدات والتشكيلات التي يمكن أن تلامس صياغة الوعي العام.

وأشار الفواز إلى أن هذا التعاون والتنسيق بين اتحادات المشرق العربي هما تأكيد على الحاجة للحوار وأن يكون المثقف العربي حاضراً في لحظة تاريخية فارقة، وهذا الحضور يتطلب وجود رؤية واضحة وأفق واضح والقدرة على تحمل مسؤولية المواجهة، وما تتعرض له المنطقة اليوم والشعب الفلسطيني على وجه الخصوص في غزة من عدوان سافر، وما تتعرض له حياتنا العربية من تهديدات مركزية، وكل ما إلى ذلك يتطلب من المثقف العربي أن يصنع مساحة وعي فاعلة ومؤسسات فاعلة، ولا يمكن للمثقف أن يكون بطلاً وحده إن لم تكن هذه البطولة معززة بقوة معنوية وبرؤية تاريخية واضحة وقدرة على وجود تعاضد وسواند يمكن أن تديم هذا الفعل الثقافي.

وختم بأن الثقافة في هذه المرحلة التاريخية العربية تحتاج إلى هذا التوصيف الخطابي والبياني من أجل أن يكون إشهاراً وإعلاناً عن أن المثقف العربي يملك وعياً نقدياً ويملك أيضاً رؤية واضحة ويملك قدرة على صناعة مساحات يمكن من خلالها صنع بطولة واضحة وربما رؤية واضحة تسعفه إلى حد ما بمواجهة هذه المركزيات المهيمنة والسرديات الطاغية التي يصنعها الآخر برعب واستهانة بكل قيمنا وتاريخنا.

جهود مكثفة

في تصريح لـ«الوطن» أفاد رئيس اتحاد الكتّاب العرب في سورية د. محمد الحوراني بأن هذا اللقاء التنسيقي التشاوري يأتي من أجل تكثيف الجهود وتعزيز الجهود المشتركة بين الدول المتجاورة الشريكة في الأمل والألم بما تعانيه من حرب على هويتها وعلى ثقافتها ومن حرب تستهدف فلسطين بكل ما تحمله من قيم وثقافة مشتركة لهذه المنطقة ويحاول المحتل الصهيوني وقوى الإرهاب أن تنسفه حتى تكون هذه المنطقة ساحة له حتى يتمتع بها هو وقوى الإرهاب.

وتابع: تم الاتفاق في هذا الاجتماع على وضع أسس مشتركة للعمل من مجموعة اتحادات في الدول المتجاورة وهي العراق وفلسطين والأردن ولبنان وسورية، وهناك أيضاً فعاليات مشتركة ستكون في اللقاءات القادمة وأيضاً محاولة لإعادة كتابة تاريخ فلسطين ونسف كل ما يشتغل عليه الصهيوني بهذا الصدد أو تقديم السردية الحقيقية لما حدث ويحدث في فلسطين.

تأكيد دور المثقف

من جانبه قال رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين أكرم الزعبي: يأتي اجتماعنا اليوم في دمشق تأكيداً على دور المثقف المشترك والملتزم بقضايا أمته وواقعه الذي يعيشه كما يأتي انطلاق هذا الاتحاد من الأرضية المشتركة التي تجمع دول الاتحاد على صعيد الجغرافيا والتاريخ باعتبار هذا المنطقة ملتهبة سياسياً وأمنياً ويوجد فيها احتلال صهيوني لفلسطين، إضافة إلى ما يعانيه الأهل في فلسطين اليوم من عدوان غير مسبوق على الصعيد البشري، لذلك تنادت هذه الأقلام والاتحادات لإشهار وتأسيس اتحاد المشرق العربي حتى يكون أداة من أدوات المقاومة التي تقف جنباً إلى جنب مع السلاح.

رؤية عميقة

وفي كلمة للأمين العام لاتحاد الكتّاب اللبنانيين أحمد نزال أوضح أن تأسيس اتحاد كتّاب المشرق العربي يأتي في الوقت الذي ننشد فيه ثقافة عربية مواجهة لما يهدد ثقافتها وتاريخنا في هذه البقعة الجغرافية من الأرض التي تحمل التاريخ المضيء مهبط الرسالات السماوية وساحة تبليغ الأنبياء والصديقين، وهذا الاتحاد ليس رقماً يضاف إلى المؤسسات والاتحادات العربية وإنما يأتي مشحوذاً برؤية عميقة لتفعيل التنسيق والتعاون العربي في مواجهة كل ما يهدد الثقافة والتاريخ والهوية وكل ما يحاك من سيناريوهات في المنطقة من سياسات للتهويد الثقافي وقمع الحريات وسلب هذا الجزء المنير من تاريخ هذه الأمة وقضاياها وثقافتها.

بيان اتحاد كتّاب المشرق العربي

وقد ألقى البيان على الحضور الدكتور أكرم الزعبي رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين ومما جاء فيه: تأسس اتحاد كتّاب المشرق العربي من رابطة الكتاب الأردنيين واتحاد الكتاب العرب في سورية والاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين واتحاد الكتاب اللبنانيين وقد اتفق المجتمعون على ما يلي:

هذا الاتحاد جزء لا يتجزأ من الاتحادات السابقة الذكر وأن الأعضاء في هذه الاتحادات أعضاء في هذا الاتحاد حكماً، والعمل المشترك لتوطين ثقافة الانتماء وتحصين الهوية الثقافية الوطنية الجامعة وتمكينها من القيام بواجبها الأخلاقي والمعرفي بعيداً عن التجاذبات السياسية، والعمل على ترسيخ المشتركات التاريخية والثقافية والحضارية، والحفاظ على التراث المادي واللامادي كونه جزءاً أساسياً من مكوناتها الحضارية.

تعميق أهداف ثقافة المقاومة ومعانيها ومناهضة التطبيع بأشكاله كلها.

كما ركز البيان على ترسيخ حضور القضية الفلسطينية في الثقافة والآداب والفنون والتنسيق مع الدول الصديقة لمواجهة الاحتلال وفضح ممارساته بحق الشعب الفلسطيني.

وشدد البيان على ضرورة دعوة أعضاء الاتحاد وأصحاب الاختصاص لكتابة تاريخ فلسطين وتوثيقه باعتماد علوم الآثار والتاريخ من خلال الأدلة التي تؤكد الحق والحقيقة الفلسطينية في مواجهة رواية الاحتلال وزيفه وفبركاته والتنسيق مع المؤسسات الأكاديمية والبحثية في هذا المجال.

ونوه إلى أهمية تجذير ثقافة المقاومة وترسيخها بالآداب والفنون من خلال عمل الاتحادات الشريكة وفعالياتها من ندوات ومتابعات ومؤتمرات، وتأكيد استعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني وحقه في تقرير مصيره وبناء دولته المستقلة على كامل ترابه من خلال تعزيز حضورها في وسائل التواصل الاجتماعي والبرامج التربوية والتعليمية والإعلامية والثقافية «الدراما والسينما والتشكيل وغيره».

التنسيق مع المؤسسات الثقافية والدولية ذات الرؤى المشتركة لتشكيل جبهة ثقافية في مواجهة المشاريع الاستعمارية وفي مقدمتها الاحتلال الصهيوني لفلسطين، واحتضان المواهب الأدبية الشبابية في الاتحادات والروابط الشريكة وتأمين حضورها ومشاركتها في الفعاليات الثقافية المتنوعة، والدفاع عن حريات الشعوب وحقوقها المدنية والديمقراطية وتكريس قيم الانتماء والمواطنة.

وأخيراً، يجتمع الاتحاد دورياً مرة واحدة سنوياً على الأقل أو كلما دعت الحاجة ويترافق الاجتماع مع فعاليات ثقافية يجري الاتفاق عليها من الأعضاء.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن